أهالى غزة يوجهون رسالة لـ«ترامب»: سنُفشل مخططاتك.. ولن نترك أرضنا حتى آخر رمق
![غزة](images/no.jpg)
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، حول تهجير أهالى غزة واحتلال القطاع موجة عارمة من الرفض والاستنكار من قبل سكان القطاع، معتبرين إياها انتهاكًا صارخًا لحقوقهم الإنسانية وتاريخهم، مؤكدين تمسكهم بأرضهم وهويتهم الفلسطينية رغم كل الظروف الصعبة التى يعيشونها.
غزة، التى تعانى من حصار مستمر منذ سنوات، عبرت بشدة عن رفض أى محاولات لتهجير سكانها أو تقويض حقهم فى العيش بكرامة على أرضهم، حيث أكد أهلها أنهم رغم كل التحديات، يصرون على البقاء والصمود، وأن الأرض ليست مجرد جغرافيا، بل هى تاريخ وذاكرة وحقوق لا يمكن التفريط فيها.
فى السطور التالية، يتحدث عدد من أهالى غزة، لـ«الدستور»، حول أصداء تلك التصريحات عليهم، ورد فعلهم تجاه أى محاولات لتهجيرهم من أراضيهم.
راوية حلس: لن نكرر نكبة 48 مرة أخرى مهما كانت الضغوط
قالت الدكتورة راوية حلس، عميد جامعة غزة ومسئول بوكالة أونروا، إن تصريحات «ترامب» درب من دروب الجنون، لا يقبلها عقل، متسائلة «كيف لشعب أخطأ مرة بخروجه من أرضه عام ١٩٤٨ سيعيد الكرة ويخطئ نفس الخطأ القاتل؟».
وأضافت أنه لا يمكن لأى أحد أن يخرج أو يقبل أن يهجر، متابعة: «هنا الناس لديها إصرار وإرادة للتعمير والبقاء، وهذا لا يمكن أن نقوم به لوحدنا، ولكن بدعم من الأشقاء العرب وإصرار من رؤساء الدول على موقفهم مهما كانت المغريات».
وتابعت: «إذا كان ترامب يحب إسرائيل، كما يصرح، فليجد لهم مكانًا أكبر، هذه أرضنا، ولدنا وتربينا فيها وسنبقى فيها حتى نموت بترابها».
وعرضت صورًا لمنزلها قبل تدميره وقصفه من قبل طائرات الاحتلال، قائلة: «هذا بيتى الجميل، رغم أنه أصبح ركامًا، لكنى سأبقى وأنصب الخيمة، ولن نرحل».
أحمد خطاب: أرضنا سُقيت بدماء الشهداء ولن نتخلى عنها
أوضح أحمد خطاب، ناشط شبابى من قطاع غزة، أنه بعد أكثر من عام ونصف العام على حرب غزة وبعد أن صمد أهلها فى وجه آلة القتل الصهيونية تأتى الإدارة الأمريكية لتمرير مخطط تهجير أرض غزة من أهلها وسكانها لتنفيذ مخططات صهيونية لا تخدم أبدًا إلا أطماع الاحتلال النازية.
وأضاف: «كان الأولى بإدارة ترامب منح السلام العادل للفلسطينيين الذين عانوا من هذا الاحتلال على مدار عقود من الزمان بدلًا من تهجيرهم من أرضهم»، مكملًا: «ترامب واهم إذا اعتقد أن أهل غزة بعد كل هذه التضحيات والصمود سيتخلون عن أرضهم بهذه السهولة فهذه الأرض سقيت بدم الشهداء ومعاناة أهلها وتحملهم جميع التحديات التى نشأت بسبب الحرب».
وأكمل: «أحرار العالم أجمع لن يصمتوا أمام هذه العنجهية ولن تقبل مصر العروبة ولا العرب أجمع بهذا المخطط الذى لا يلبى طموح الشعب الفلسطينى ولا يخدم حل الدولتين وتحقيق السلام العادل وستبقى رسالة شعب غزة لكل العالم ما حدث فى نكبة ٤٨ لن يتكرر من جديد، فها هم أهل غزة عادوا إلى بيوتهم المدمرة فى الشمال وبنوا خيامهم فوقها دون أدنى مقومات للحياة فيها، متسلحين بالإيمان وعازمين أيضًا على الصمود فى سبيل إسقاط مثل هذا المخطط الصهيونى».
واختتم بقوله: «ستبقى دولنا العربية حامية المشروع الوطنى وعلى رأسها مصر أم العروبة وقيادة الأردن السد المنيع الذى لن يسمح بأن يسجل فى تاريخهم مثل هذا المخطط، وستبقى غزة وسكانها باقين على الأرض، فهذه الأرض دُفع ثمنها بالدم».
فادى الخضرى: صامدون فى بلادنا حتى النفس الأخير
قال الدكتور فادى الخضرى، إخصائى القلب والقسطرة بمجمع الشفاء الطبى شمال القطاع، إن غزة عمرها ٧٠٠٠ سنة، وهى تمثل تاريخًا أكبر من «ترامب» وإسرائيل، فقد غزاها الفرس والمقدونيون والروم واليهود والصليبيون والبريطانيون، وتبين بعد كل غزو أنها مقبرة للغزاة، مضيفًا: «نحن ثابتون على أرضنا باقون حتى آخر رمق لا تخيفنا تهديدات ترامب، وراح نعمرها بإذن الله»،
وأضاف: «سنة و٥ شهور تحت النار ولم نتهجر ولن نرحل، فنحن باقون للنهاية»، مقدمًا الشكر لمصر وشعبها على الموقف الثابت على دعم القضية الفلسطينية، مواصلًا: «نحن فى غزة نعتبر أنفسنا جزءًا لا يتجزأ من مصر، ونعتبر أنفسنا والشعب المصرى واحدًا، ونشكر مصر والأردن على رفضهما التهجير، ونتمنى منهما الوقوف ضد التهجير».
زكريا بكر: مطمئنون بفضل موقف مصر الرافض للمخطط
أشار زكريا بكر، رئيس اتحاد الصيادين بمخيم الشاطئ شمال القطاع، إلى أن حديث «ترامب» ليس بالجديد، ولن نشغل تفكيرنا به، لأن نغمة التهجير هذه دائرة منذ فترة فى إسرائيل وأمريكا.
وتابع: «نحن كشعب فلسطينى أفشلناه فى فترة حرب الإبادة، فقد دمروا غزة فوق رءوس ساكنيها وما هاجرنا، فشلت حرب الإبادة أمام صمود شعبنا»، مضيفًا: «سبب عدم تفكيرنا فى تصريحات ترامب واليمين المتطرف فى إسرائيل ركيزتان أساسيتان، أولًا القرار الشعبى والحكومى لمصر برفض تهجير شعبنا من أرضه، وتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن تهجير الشعب الفلسطينى خط أحمر، وأن هذا القرار لن يمر، وكذلك القطاع رد بوقفات تضامنية ورفع صور الرئيس السيسى فى قلب مدينة غزة لدعم قراراته».
وواصل قائلًا: «باختصار شديد فشلت مؤامرتهم وستفشل بصمود شعبنا وتمسكه بأرضه، يمكن حرب الإبادة أعطتنا درسًا عظيمًا، وهذه المرة لن نترك أرضنا وبيوتنا حتى لو هدموها فوق رءوسنا، خليهم يخططوا ويأخذوا قرارات واحنا قاعدين فى أرضنا ومش متحركين، قاعدين على قلوبهم مثل الصخر، جعنا وعطشنا ومتنا ودمروا مدننا وما هاجرنا».
أيمن الرقب: نحن أمام وعد بلفور جديد وإحياء لمشروع «قناة البحرين»
شدد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، على أن تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية قبل وبعد لقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، تكشف عن أن هناك مخططًا واضحًا ضد غزة وفلسطين بشكل عام.
وأوضح «الرقب»: «قبل لقاء نتنياهو وترامب، قال مساعدو نتنياهو إن خطة الهدنة غير مكتملة لأنها وثقت من قبل الإدارة الأمريكية السابقة، وبالتالى تحتاج لمعالجات فى المرحلتين الثانية والثالثة، قد تكون شبه مستحيلة. ويشير ذلك إلى أن هناك محاولات من قبل الأمريكان للهروب من إكمال الهدنة ولكن هم يرغبون فى عودة المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة إلى إسرائيل ثم بعد ذلك تنفيذ مخططهم لتهجير سكان غزة».
وتابع: «بعد لقاء ترامب ونتنياهو، أكد الرئيس الأمريكى إصراره على تهجير سكان قطاع غزة، وغيّر لهجته؛ فبدلًا من أن يحدد مصر والأردن قال إنه سيجرى نقل أهل غزة لمكان آمن، وبناء بيوت جديدة، وإن غزة غير مؤهلة للحياة وستقوم الولايات المتحدة بالسيطرة على القطاع».
وأكد: «هذا تصريح خطير، وقد يكون بداية لتطبيق مخطط نتنياهو السابق، بإنشاء قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وتمر عبر غزة، فهناك أطماع تجارية لدى أمريكا وإسرائيل فى السيطرة على غزة وبناء مدينة ساحلية جديدة.. نحن أمام وعد بلفور جديد، وكأن ترامب يستطيع ترحيل مليونين و٣٠٠ ألف فلسطينى لأى مكان جديد ثم يبنى ما يريد.. نتنياهو أقنعه بإمكانية تحقيق ذلك».
وذكر أن الحديث عن دولة فلسطينية لم يكن واردًا فى لقاء ترامب ونتنياهو، وكان هناك استخفاف بكل من هو فى المنطقة، وكان حديث ترامب محاولة لتجميل مواقفه تجاه التهجير والحرب، والحديث كأنه إنسان يريد أن يقدم الخير للشعب الفلسطينى.
وأشار إلى أن «تكرار تصريحات ترامب حول التهجير فى المؤتمر الصحفى أكثر من ٥ مرات له دلالة خطيرة، بأنه ينوى فعل ذلك، وأعتقد أنه سيفشل كما فشل فى تمرير صفقة القرن، ومن سيُفشل ذلك الفلسطينيون أولًا ثم الشعوب وقادة ورؤساء المنطقة، رغم أنه يستخف بالعرب، لكنه سيفشل كما فشل سابقًا».
سائد أبوعيطة: إعادة هيكلة الشرق الأوسط ومصالح الحلفاء
أكد الدكتور سائد أبوعيطة، المحلل السياسى الفلسطينى من قطاع غزة، أن مقترح التهجير الذى قدمته الإدارة الأمريكية، هو نتيجة لحرب السابع من أكتوبر، وقضية مرتبطة بإعادة هيكلة الشرق الأوسط والمصالح المشتركة بين الحلفاء.
وأضاف «أبوعيطة»: «وجود سكان غزة عقبة أمام رؤية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وحماس ستكون عقبة أمام إعادة الإعمار وفقًا لما يراه العالم»، مؤكدًا: «غزة غير قابلة للحياة وأى مبرر لوقف المساعدات والإعمار سيكون فى صالح تنفيذ رؤية ترامب المرتبطة أساسًا بصفقة القرن واتفاقيات إبراهيم فى السابق».
وأوضح أن «إعمار قطاع غزة سيكون وفق خطة سيشرف عليها ترامب مباشرة، ولكن برؤيته الجديدة للشرق الأوسط، وسيكون ذلك بعد تجاوز العقبات التى ستعرقل إعادة الإعمار، متمثلة فى شروط حكومة نتنياهو ورؤيته حول مستقبل غزة. أضف إلى ذلك ضرورة وجود جهة حاكمة موثوق فيها واستعداد دول مانحة وفاتورة ضخمة حتى الآن لم تتضح رؤيتها بعد، قائلًا: «احتمال يطفشونا كلنا من غزة».
ولفت إلى أن طرح «ترامب» فى هذا الوقت ليس عبثيًا، ومهمًا جدًا بالنسبة له، وعلى الرغم من أن البعض قد يراه فكرة خيالية، أراها، حسب تقديرى، ليست مستحيلة، لكنها بالتأكيد تفتقر آليات التطبيق مع ضرورة قبول الدول المستضيفة التى حددها «ترامب»، والتى رفضت العرض، جملة وتفصيلًا، على مستوى سياسى وإعلامى، مثلما رفض الفلسطينيون صفقة القرن.
وأكد أن مقترح «ترامب» يُفسر فى اتجاهين؛ الأول وفقًا للمقترح القديم الذى طلب فيه التوطين للاجئين الفلسطينيين فى بلدان اللجوء، وبعد قرار تعطيل أنشطة أونروا وتحجيم دورها وإحداث التغيير فى الشرق الأوسط والأراضى الفلسطينية بات الأمر أقرب إلى الواقع، باستحالة عودة اللاجئ الفلسطينى بالوراثة درجة ثانية وثالثة، وهما جيلان مولدان فى بلدان اللجوء، وبالتالى يجب توطينهم وفقًا لهذا المبدأ فى نظر إدارة «ترامب»، ونضيف أن قطاع غزة ليس قابلًا للحياة، وسكانه يحتاجون لإعادة توطين فى قطاع غزة بعد هدمه بالكامل، وهذا قد يجعل اللاجئين الفلسطينيين فى الخارج بين خيارات لا تقبل النقاش، بلد مدمر وسكانه لا يجدون حياة ويحتاج سنوات لإعماره وبلدان لجوء أسوأ حالًا، لا حقوق ولا خدمات ولا عودة.. واقع مرعب. وتابع: «التفسير الثانى هو نقل جزء من الغزيين مؤقتًا إلى بلدان مستضيفة، كما اقترح ترامب، إلى حين إعادة الإعمار فى غزة، الذى يتطلب المليارات، وهذه الفاتورة لن تدفع دون مقابل فى كل الأحوال.. يكفى أن نقول إن عيون الاستثمار والاقتصاد تنظر للشرق الأوسط الجديد ككتلة اقتصادية عالمية واحدة تستحق الاهتمام، ولا يمكن فصل قطاع غزة عن الشرق الأوسط».
وطالب بأن يكون هناك حراك سياسى على أعلى مستوى من خلال تشكيل تحالف عربى- فلسطينى، يضم السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن ودولًا أخرى، وعقد مؤتمر عربى يدعم حل القضية الفلسطينية سياسيًا فى المستقبل القريب، تكون أحد مخرجاته لجنة عربية- فلسطينية تُدير ملف إنهاء الصراع سياسيًا وتدعم الحق الفلسطينى وتعمل على تهيئة الظروف لإنجاح مطالبها وفقًا لخطة عمل متكاملة.