سوريا.. العودة إلى المجهول.. منطق هيئة تحرير الشام يتصادم مع الحقائق على الأرض
.. دخلت منطق المجهول السياسى والأمنى، إلى منطق الاحتراب الداخلى، وهى الصورة السلبية لمستجدّات التصعيد فى الحرب السورية، ضد فلول دولة الأسد الهارب فى موسكو.
.. قد لا يكون هناك أى فسحة أو نزهة، تجعل النظر فى سيناريوهات المستقبل المحتملة لشل نظام بشّار الأسد، نظام الرعب والبيروقراطية، ومفهوم سيادة الرعب المدنى، الذى بدأ يتكشف فى ظلّ تقدّم مجموعات من هيئة تحرير الشام، والفصائل الإسلامية المسلحة فى الشمال، وتأثير هذه التطورات الميدانية، على طيف السكان العرب والأكراد، والأتراك، ما فرض حالة من عدم اليقين.
*الرجوع إلى الخلف.. لماذا؟
قد يكون للتسرع الأمنى، مفاهيم الضربات/ الخطوات الصاعقة، تأثيرها على سوريا اليوم، التى، مع كل قرارات هيئة تحرير الشام، هى مشروع إعادة سوريا الدولة، إعادة إلى الخلف، ترجع، بعد أقل من أسبوع على نهاية الطاغية بشار الأسد.. ولنقل بدبلوماسية شرق أوسطية:.. العودة إلى المجهول، وهذا يعنى أن منطق هيئة تحرير الشام، الفصائل المعارضة، يتصادم مع الحقائق على الأرض.
.. والواضح، أن حال سوريا، فى المجتمع الدولى، وبالذات عربيًا، إسلاميًا، وأمميًا، يعد [مُنهارًا عسكريًا، وأمنيًا واجتماعيًا، واقتصاديًا]؛ ذلك ما ينعكس فى الإعلام، الدولى والعربى والإسرائيلى (..)، من ظلال سلبية تعكس أن القادم دموى.
الصحفى السويسرى دانيال بوم، يقرأ، كأى محلل، الوضع الراهن لنظام تركة بشار الأسد، لسوريا التى كانت لأكثر من عقد من الزمان، كيانا، يواجه تحديات جديدة مع تقدّم الفصائل المعارضة، أو هيئة تحرير الشام، أو مختلف المسلحين الإسلاميين، والقبائل والطائف فى كل سوريا، الشمال، والجنوب، عدا عن الشرق والغرب ضمن جيوسياسية أمنية صعبة.
.. المؤسف أن سوريا، تعيش تهديدًا بفصل دمشق عن الساحل السورى، الفصل له عديد المصادر، أكبرها من دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، وربما من تركيا وليس ثالثا، تكتلات العشائر والقبائل العربية السورية عبر البلاد..
* صحيفة «نويه تسورخير تسايتونج» السويسرية تقرأ الورقة السورية.
.. كما أغلب ما يتم متابعته فى الإعلام الغربى، عن سوريا، باعتبارها اليوم نقطة الحدث الساخن فى الشرق الأوسط، وقد نوهت صحيفة «نويه تسورخير تسايتونج» السويسرية بأن النظام السورى الناتج من دخول واستلام هيئه تحرير الشام، يواجه خطرًا وجوديًا، مع سيطرة المجموعات الإسلامية المسلحة على مناطق فى حلب وتقدمها نحو حماة، مرة أخرى، وفى ظل تفتت أى قوة أمنية من المعارضة، مع الهيئة أو الجيش السورى، الذى أنهكتهم- وهذا ظاهر فى معالجة الأزمات - سنوات الفساد والحرب، ويبدو عاجزًا عن تقديم مقاومة تُذكر. ولم تظهر بوادر رد فعل إلا بالقرب من مدينة حماة، واليوم فى دير الزور والمدن على الطرق الخارجية، أى بعيدا عن العاصمة.
.. انتهى مصير الرئيس الأسد، وهذا ترك البلاد فى فراغ بيروقراطية متفشية منذ أكثر من نصف قرن، وهذا ينتج ضياع خط دفاع قوى سورى تجعل منه هيئة تحرير الشام، رافعة قد تنجح فى وقف تقدم، أى قوى أو معارضة تمام المعارضة المسلحة.. وهى التى وضعت مقاليدها فى العاصمة دمشق، والمدن الكبرى، والأمر يبدو مؤقتا، فيه صمت مريب تساؤلات، حول ما نقلته إذاعة الجيش الإسرائيلى مساء الثلاثاء، عن مسئول عسكرى قوله إن «الجيش انتهى من الجزء الأساسى من العملية فى سوريا (..) ودمر ما بين 70 إلى 80% من القدرات العسكرية لنظام بشار الأسد.
*تدمير واحتلال صهيونى لا يليق بالثورة.
عمليًا، لا يليق بمن يا سيد الثورة السورية، هيئة تحرير الشام، الفصائل المعارضة، أن تستمع، دون أى موقف أمنى أو عسكرى، أن الجيش الاسرائيلى الصهيونى، فى وضح النهار يدمر العشرات من الطائرات وأنظمة الدفاع الجوى ومستودعات الأسلحة، فى القواعد الجوية السورية،، مشيرًا، المصدر الإسرائيلى، فى الوقت ذاته إلى أن «القوات البرية تواصل العمل فى المنطقة العازلة مع سوريا».
.. وإن «350 طائرة» إسرائيلية مقاتلة هاجمت مواقع من أطراف، إلى عمق دمشق إلى طرطوس ، مؤكدًا أن «الجيش الإسرائيلى الكابنيت المؤقت، ترك الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، ولبنان، لاستكمال الجزء الأساسى من تدمير القدرات الاستراتيجية للجيش السورى، ولا أدنى اى موقف، إسرائيل تعلن تدمير البحرية السورية، وهى ترسل عديد التحذيرات للفصائل المعارضة، والهيئة.
*جاك نيكاس - نيويورك تايمز: إسرائيل تضرب الأصول العسكرية فى سوريا.
الكاتب المحلل الأمريكى، «جاك نيكاس»، كتب فى صحيفة نيويورك تايمز:
إسرائيل تضرب أصولًا عسكرية فى سوريا لمنع وقوعها فى أيدى المتمرّدين.
.. ولفت نيكاس، إلى حقائق لا يمكن تفسيرها، عن السكوت المدوى من الاحتلال الإسرائيلى الذى بدأ يتوغل فى سوريا:
*أولًا:
(أهداف، تمرد، احتلال)
أظهرت الصور الفوتوغرافية أضرارًا وقعت أثناء الليل فى مركز أبحاث وفى حوض لبناء السفن. ووفقًا لمراقب مستقل، استهدفت الغارات أكثر من 300 - 360 هدف منذ سقوط حكومة الأسد، الحدث أن الضربات احتلال مباشر يتصرف فى ظل سكوت سورى وطنى، عربى، دولى، وغياب للأمم المتحدة..
*ثانيا:
(من هو المتمرد؟)
الجيش الإسرائيلى شنّ المزيد من الغارات الجوية استهدفت سوريا فى محاولة لتدمير الأسلحة والطائرات والمرافق العسكرية، قبل أن يتمكن المتمرّدون: الذين يُسيطرون على معظم البلاد من الاستيلاء عليها، وهو تفسير سكتت عنه هيئة تحرير الشام، وحتى الفصائل المعارضة.
*ثالثًا:
(صور توثق العدوان)
أظهرت الصور الواردة من سوريا يوم أمس، زوارق غارقة فى حوض بناء السفن، ومبانىَ منهارة، وبقايا متفحّمة لمركز أبحاث علمى كان مرتبطًا ببرنامج الأسلحة الكيميائية فى البلاد، وفقًا لوكالات الأنباء التى وَزّعت الصور، وهى أصبحت مادة ارشيفية لتوثيق العدوان..
*رابعًا:
(الأسلحة الكيميائية والصواريخ بعيدة المدى)
الجيش الإسرائيلى الصهيونى، ذكر أنّ الضربات كانت تستهدف مخازن أسلحة فى سوريا، بما فى ذلك الأسلحة الكيميائية والصواريخ بعيدة المدى والصواريخ العادية، لمنع القادة الجدد فى سوريا من استخدامها ضدّ إسرائيل فى المستقبل.
* خامسًا:
(الإسلام الراديكالى على الطريقة الإسرائيلية)
أعلن جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلى، أنّ قادة المتمرّدين فى سوريا «أشخاص يَحملون أيديولوجيا متطرّفة للإسلام الراديكالى». وأضاف أنّ القوات الإسرائيلية تدمّر الأسلحة «حتى لا تقع فى أيدى المتطرّفين».
*سادسًا:
(مستودعات الأسلحة والذخيرة)
كشف المرصد السورى لحقوق الإنسان، وهو مجموعة مستقلة مقرّها بريطانيا تتابع الحرب الأهلية فى سوريا منذ سنوات، أنّه وثق 322 غارة إسرائيلية فى سوريا منذ يوم الأحد، عندما فرّ الرئيس بشار الأسد من البلاد. وأضاف أنّ الغارات استهدفت «مستودعات، أسراب طائرات، رادارات، محطات إشارة عسكرية، والعديد من مستودعات الأسلحة والذخيرة»، إلى الآن.
* سابعًا:
(مفهوم من طرف واحد لحماية الحدود الإسرائيلية)
القوات الإسرائيلية، وفق المرصد السورى؛ تقدّمت داخل الأراضى السورية، متجاوزة المنطقة العازلة التى أقامتها الأمم المتحدة.
وأعلن أفيخاى أدرعى، المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلى، على وسائل التواصل الاجتماعى، أنّ القوات الإسرائيلية «تتواجد داخل المنطقة العازلة وفى نقاط دفاعية قريبة من الحدود لحماية الحدود الإسرائيلية». وأضاف أنّ التقارير التى تفيد بأنّ الجيش «يتقدّم أو يقترب من دمشق غير صحيحة تمامًا».
*ثامنا:
(الجولان.. أراضٍ سورية تحت الاحتلال الإسرائيلى)
المنطقة بين إسرائيل وسوريا محوَر نزاعات منذ عقود. فقد استولت إسرائيل على مرتفعات الجولان خلال حرب عام 1967 وضمّت معظمها فى عام 1981. ويرى معظم العالم أنّ هذه المنطقة هى أراضٍ سورية تحت الاحتلال الإسرائيلى.
إلى جانب الجولان، توجد منطقة عازلة منزوعة السلاح تبلغ مساحتها 155 ميلًا مربّعًا داخل الأراضى السورية، وتقوم قوات الأمم المتحدة بدوريات فيها منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، والمعروفة بحرب أكتوبر، أو يوم الغفران إسرائيليًا.
*تاسعًا:
(توغل عسكرى إسرائيلى نحو دمشق)
قال مصدران أمنيان إقليميان ومصدر أمنى سورى، إن توغلًا عسكريًا إسرائيليًا فى جنوب سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومترًا إلى الجنوب الغربى من العاصمة دمشق.
*عاشرًا:
(داخل الأراضى السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح)
المصدر الأمنى السورى، قال إن القوات الإسرائيلية وصلت إلى منطقة قطنا التى تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضى السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا.
وعلّق الجيش الإسرائيلى الصهيونى، وفق أكاذيب السفاح نتنياهو، على هذه المعلومات، قائلًا: «لا صحة لتوغل قواتنا إلى مسافة 25 كلم من دمشق».
*حادى عشر:
(برنامج الأسلحة الكيميائية السورى)
تم تدمير مركز أبحاث عسكرى، يفترض أنه كان سريًا، وهو الواقع فى برزة والذى تقول الولايات المتحدة إنه مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيميائية السورى، قد استُهدف فى نيسان (أبريل) 2018 خلال ضربات أمريكية وفرنسية وبريطانية منسقة.
*ثانى عشر: تدمير سفن حربية فى ميناء اللاذقية
الغارات الصهيونية شملت معظم المحافظات السورية وطالت مطارات ومستودعات وأسراب طائرات ورادارات ومحطات إشارة عسكرية ومستودعات أسلحة وذخيرة ومراكز أبحاث علمية وأنظمة دفاعات جوية، فضلًا عن منشأة دفاع جوى وسفن حربية فى ميناء اللاذقية الواقع فى شمال غرب البلاد.
.. الخوف القادم، أصعب من أى وصف، بات من الضرورى حماية سوريا من الاحتلال ومن حلفاء الماضى، أدرك تمامًا الجهود الجبارة التى تتوافق عليها دول الجوار السورى العربى، ومنها جهود مصر والأردن والخليج العربى، عدا عن الإدانة، لكن المعضلة أين؟
.. سوريا تفقد بنية الدولة، وإن كانت أصلًا دولة بيروقراطية مرعبة وأمنيًا، لكنها كانت تملك مقومات دولة متكاملة.
هذا السياق، يتحول إلى دولة أشباح وغياب لليوم التالى.
.. اليوم التالى، هو الآن، اليوم المعاش، سوريا فى ظلال فرصة تاريخية للخلاص، لكسر قيود دولة آل الأسد، سوريا التى يجب أن تخرج من عباءة حلفاء واعداء روسيا، تركيا، لبنان، إيران وحزب الله،.. واذا ما تم الخلاص، سوريا اليوم، بعيدا عن العمل الثورى والهيئة والفصائل، أمامها مراجعة كبيرة تعظيم الدولة المشتتة، حماية الجيش ونبذ الطائفية، ومنع العدوان الإسرائيلى، والتكاتف العربى، ودعم الشعب السورى، الذى تأجلت شئون حياته وآماله طموحاته منذ 12 عامًا، وأكثر.
.. بقى، أن نشير: الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاستعمارية، نفضت يدها مؤقتا ما يتيح لإسرائيل المزيد من التلاعب.. والخطر قادم.