محليات الجيزة.. لا أرى لا أسمع لا أعمل
غياب الرقابة والمتابعة المستمرة من المحليات من أهم المشاكل التى يعانى منها المواطن بصورة دائمة، والتى تصل فى بعض الأحيان باتهام المحليات بتعمد التغاضى عن المخالفات التى لا تحتاج من المسئول عن المحافظة أو الحى سوى أن يطل خارج شباك مكتبه ليراها بوضوح، كما يراها ويعيشها المواطن كل يوم ولحظة.
وكثيرًا ما يصاب المرء باندهاش عندما تخرج بيانات المحافظات عن القيام بحملات لمواجهة الإشغالات فى منطقة ما، وكأنه حدث يستحق الإعلان عنه مع أنه من المفروض أن أجهزة المحليات بما تملكه من سلطة وقانون عليها أن تمنع حدوث الإشغالات من الأساس ومعاقبة الخارجين عن القانون، وليس الاكتفاء بالقيام بحملات بين الحين والآخر- غالبًا يكون معلوم وقتها وخط سيرها- لإزالة الإشغالات لبضع ساعات، ثم يعود الوضع لما كان عليه لأيام وأيام، قبل أن نعاود لعبة «القط والفأر» مرة أخرى دون أن نضع خططًا، لإنهاء هذه الفوضى بصورة نهائية ونفرض سلطة الدولة على الشارع بقوة القانون.
لكن يبدو أن أباطرة المحليات يستفيدون أيما استفادة من هذه الفوضى، ويقفون حائط صد منيعًا أمام منع تلك الممارسات، وفى نفس الوقت يُوهمون المحافظ القابع فى مكتبه بأنه تم تنفيذ الحملات، وكله شىء تمام.
فساد المحليات لا يقتصر على ذلك، بل وصل بهم الحال التغاضى عن تنفيذ القانون على الشركات أو الجهات التى تقوم بحفر الشوارع لتوصيل أى أعمال سواء كانت كهرباء أو غاز أو اتصالات، وأصبحت كلمة إعادة الشىء إلى أصله التى ينص عليها فى التصريح الذى تحصل بموجبه الجهة على حق الحفر- جملة لا معنى لها فى غياب دور الرقابة للمحليات.
وقد شاهدت بعينى ما فعلته شركة الاتصالات فى شارع مستشفى الهرم بالجيزة من حفر بطول الشارع وعرضه، لتوصيل كابلات التليفونات، وانتهت اللودرات من الحفر، وانتهى العمال من مد الكابلات، وغادروا الشارع الحيوى والشوارع المحيطة به دون إعادة رصف ما تم حفره و«المحافظة والحى لا من شاف ولا من درى»، فى نموذج صارخ على أداء كارثى يستوجب إحالة كل من تسبب فى هذا الوضع إلى التحقيق، بل والمحاكمة ليكون عبرة لمن يأتى بعده، فالحكمة الشهيرة تقول من «أمن العقاب أساء الأدب».
وهذا بالطبع سيكلف الدولة إنفاق الملايين مرة أخرى لإعادة رصف الشارع بأكمله، وليس رصف ما تم حفره فقط دون أن تتحمل شركة الاتصالات أو غيرها ثمن فعلتها بعد أن اعتادت عدم محاسبتها أو الرجوع عليها قانونًا وإجبارها على إصلاح الشارع وإعادته كما كان.
أتمنى أن تتحرك وزيرة التنمية المحلية لإيجاد سبل لتصحيح الأوضاع، ومحاسبة المتسبب فى مثل تلك الأوضاع التى لا تحتاج إلا لإيقاظ ضمائر موظفى المحليات.