وزير الزراعة: حريصون على تنفيذ الالتزامات تجاه المعاهدات البيئية العالمية
أكد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن مشكلة التصحر تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه التواجد الإنساني على سطح كوكب الأرض، حيث تمثل تحديًا كبيرًا ومعقدًا إذا ما أُخذ في الاعتبار التداعيات الناتجة عن فقد التنوع البيولوجي وتغير المناخ.
جاء ذلك خلال كلمته في اجتماعات الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "كوب ١٦"، والمنعقدة حاليًا في العاصمة الرياض، بالمملكة العربية السعودية.
وقال وزير الزراعة إن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 40% من الأراضي الزراعية عالميًا أصبحت متدهورة، وأصبح العالم يحتاج إلى جهود ضخمة غير مسبوقة لإعادة تأهيل أكثر من 5 ملايين هكتار بحلول عام 2030 حتى يمكن تحقيق أهداف تحييد تدهور الأراضي.
وأشار الوزير إلى أن الجفاف أصبح أكثر حدة وأكثر تكرارًا منذ عام 2000 ليصل تأثيره إلى 29% من مساحة العالم، كما تؤكد الإحصائيات العالمية أن حوالي مليار إنسان ممن تبلغ أعمارهم تحت 25 سنة يعيشون حول العالم في مناطق متأثرة بالجفاف والتصحر، لافتًا إلى أن هذه الظواهر تؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية خاصة أولئك الذين يعملون بالزراعة وإنتاج الغذاء.
وقال إن ذلك يأتي بالإضافة إلى الأخطار المحدقة بنا من جراء العواصف الغبارية والرملية نتيجة تزايد تداعيات الجفاف، وتغير المناخ.
وأوضح فاروق أن مصر تواجه مجموعة من التحديات المرتبطة بالمياه، حيث تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة باعتبارها الدولة الأقل على الإطلاق بين كافة دول العالم من حيث كمية الأمطار المتساقطة عليها والذي يبلغ 1.3 مليار م 3/ سنويًا، كما تعتمد مصر بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة 98% على الأقل لمواردها المائية المتجددة، حيث يبلغ إجمالى الموارد المائية نحو 60 مليار متر مكعب، في حين يبلغ إجمالي الاحتياجات المائية حوالى 114 مليار م 3 سنويًا لكل القطاعات ومنها إنتاج الغذاء.
وأضاف أنه يتم سد الفجوة عن طريق إعادة الاستخدام والتدوير لحوالي 21 مليار م3، بالإضافة إلى استيراد ما يفوق 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية فى صورة منتجات غذائية.
ونبه وزير الزراعة إلى تفاقم هذا الوضع، مع استضافة مصر لما يقرب من 9 ملايين مهاجر ولاجئ من البلدان المجاورة، يتم توفير كافة الحقوق والخدمات لهم، لافتًا إلى أن هذه الفجوة بين الموارد والاحتياجات ستزداد مع الوقت نتيجة لتغير المناخ والنمو السكاني رغم تطبيق كافة البرامج التي تهدف إلى السيطرة على تلك الزيادة الطبيعية للسكان، بالإضافة إلى متطلبات التنمية، ما يؤدى إلى زيادة الآثار المترتبة على ندرة المياه.
وقال إن ذلك بالإضافة إلى تداخل مياه البحر مع الخزان الجوفي الساحلي نتيجة السحب الجائر وارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لتغير المناخ، وهذا يؤدى إلى زيادة تدهور الأراضي الساحلية نتيجة زيادة منسوب الماء الأرضى وتملح التربة.
وأشار فاروق إلى أن الدولة المصرية أولت اهتمامًا خاصًا بقضية الجفاف، فعلى صعيد العمل الدولي كانت من أوائل الدول التي دعت سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إلى العمل على تبني مبادرة للجفاف لدعم الدول المتأثرة به، حيث إنه أصبح يهدد بشكل مباشر السلم الاجتماعي، ومن ثم الحياة الكريمة للسكان، ليصل تأثره إلى تهديد الوجود الإنساني من خلال التأثير سلبًا على استدامة الموارد الطبيعية في المناطق المتأثرة به في العالم وفقًا لإعلان نيودلهي خلال UNCCD COP14.
وقال وزير الزراعة إنه بالرغم من التحديات البيئية والقتصادية التي تواجه مصر، فقد كانت قضية التأقلم للجفاف ومواجهة العجز المائي المتزايد حاضرة بقوة في جميع الخطط الخمسية الحكومية للتنمية المتتالية، وفي رؤية مصر 2030، حيث اتبعت مصر نهجًا استباقيًا لإدارة العجز في مياه الرى ليتم إنفاق مئات المليارات من الجنيهات على حفر الآبار الجوفية وإنشاء محطات عملاقة للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها في الزراعة، وسن القوانين الرادعة التي تحمي المجاري المائية من التلوث، بالإضافة إلى تحمل ميزانية الدولة لتكاليف مالية ضخمة لتطوير الرى الحقلى وتطوير الممارسات الزراعية التي تضمن ترشيد استهلاك مياه الري واستنباط أصناف نباتية تتميز بأنها قليلة في احتياجاتها المائية، من أجل أن يتوافق التركيب المحصولي مع الموارد المائية المتاحة.
وأوضح أنه بالرغم من كل هذه التحديات، إلا أن مصر وضعت الروابط التاريخية الوثيقة مع الأشقاء بالقارة الإفريقية أولوية لا يمكن التفريط فيها، وذلك في كل خططتها التي تهدف إلى مواجهة هذا التحدي الوجودي.
وأشار وزير الزراعة إلى أن جهود مصر لم تقف عند هذا الحد وإنما قامت بضخ استثمارات كبيرة لتطوير الريف المصرى من خلال مبادرة حياة كريمة التي تستهدف تحسين الخدمات وأهمها توفير المياه بالقرى الأكثر احتياجًا في الريف الذى يضم أكثر من 60% من تعداد الشعب المصري، وبالتالي السيطرة على القوة البشرية الكبيرة في سوق العمل المصرية ومنع الهجرة غير الشرعية من خلال توفير فرص عمل للشباب القادرين على العمل من خلال تلك المبادرات لتمكين الشباب ودعم وتمكين المرأة المصرية.
وأكد أن مصر واحدة من الدول الحريصة على تنفيذ الالتزامات تجاه المعاهدات البيئية العالمية، والتي على رأسها مكافحة التصحر والتأقلم للجفاف بالرغم من كل التحديات البيئية والاقتصادية والجيوسياسية.
وقال إن مصر تناشد المجتمع الدولي دومًا وتحذر من خطورة التحركات المنفردة والأحادية التي لا تلتزم بمبادئ القانون الدولى على أحواض الأنهار الدولية، وأن تتسبب مشروعات إقامة السدود العملاقة على الأنهار العابرة للحدود خاصة تلك التي تتم إقامتها دون إتمام دراسات تقييم الأثر البيئي والاقتصادي والاجتماعي في أضرار جسيمة للدول المتشاطئة، بما يشكل تهديدًا لنجاح برامج مكافحة التصحر وبرامج تعزيز الصمود أمام مخاطر الجفاف، فضلًا عن الجهود الدولية لإيجاد الحلول للتكيف والتخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ.
وأعرب وزير الزراعة عن ثقته وتطلعه إلى أن ينبثق عن المؤتمر توصيات وقرارات ترقي لتحقيق الطموح الإنساني لتحييد تدهور الأراضي ومكافحة التصحر والتأقلم للجفاف، وذلك في ضوء جهود المجتمع الدولى من أجل تعزيز السياسة العالمية لوضع نهج إستباقي لإدارة الجفاف حفاظًا على مورد الأرض لتكون منتجة للغذاء بشكل مستدام في بلداننا، وتحقيق بيئة أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة حول العالم.