هل تصلح "التدوينة" جنسًا أدبيا جديدًا ؟..الشاعر ياسين عدنان يجيب
قال الشاعر والإعلامي المغربي ياسين عدنان، إنه شارك بمحاضرة في جامعة آيوا الأمريكية عن الأجناس الأدبية: حياتها ومماتها، صعودها وإنهيارها بدءا بالشعر الملحمي Epic Poetry بأساطيره وخوارقه وبطولاته القومية، مرورًا بفنّ المقامة في أدبنا العربي هذه الحكايات الفكهة التي مارست النقد الاجتماعي اللاذع الظريف، والتي كانت تجمع ما بين السجع والنظم والحكي السهل السلس، والتي غادرَتِ المشهد الأدبي العربي من زمان.
وأضاف ياسين عدنان عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلًا:" ثمّ انتقلتُ إلى أدب الفروسية الرومانسية Chivalric Romances الذي وجّه له سيرفانتيس الضربة القاضية في روايته "دون كيخوتي". ألم يكن إدمانُ الدون كيخوتي على قراءة كتب الفروسية هو ما لحس مُخّه وقاده إلى شنِّ حربه الخرقاء على طواحين الهواء؟ ثم ألَم يقُم جنس الرواية الذي دشّنه سيرفانتيس برائعته "الدون كيخوتي دِ لامنتشا" على أنقاض هذا التراث الرومانسي القروسطي البائد من كتب الفروسية والفتوة والشهامة؟ إذن، هناك أجناس أدبية انقرضت لتترك مكانها لأجناس جديدة. إنّها سُنَّة الأدب.
"التدوينة" باعتبارها جنسًا أدبيا جديدًا
وتابع" عدنان"،: هنا اقترحتُ على الطلبة "التدوينة" باعتبارها جنسا أدبيا جديدا. هذه الفكرة طرحتُها أوّل مرة في مقالةٍ نشرتُها في صحيفة "العرب" اللندنية عام 2017. أقتطف مما ذكرتُه في المقالة يومها: "بتعدُّدِ أقلام المدوِّنين تعدّدت أساليبُهم وجمالياتُ التدوين لديهم. ففيهم من يتوسّلُ البداهَة لغةً ومنطقًا، ومنهم من يكتب بلغة شرسة غير مُروّضة. فيهم من يتوسّل الاستعارة وبينهم من برع في اقتناص المُفارقات الفكِهَة. فيهم من يكتب بمزاج خاسر على الدّوام، وفيهم من يصوغ تدويناته بروح مرحة ساخرة. وفيهم من يقترح السُّرود والمحكيات الخفيفة، وفيهم من يُكثّف التأمّلات والإشراقات الفكرية، وبينهم من يُفضّل الاشتباك مع الشأن العام وقضاياه الساخنة. الأقلام متعدّدة والأساليب متباينة ومجالات التدوين متنوّعة، وفي البراح الإلكتروني الفسيح مُتّسعٌ للجميع."
وأستطرد ياسين عدنان،: لكي أعطي نموذجا على إمكانية أن يتحقّق الأدب من خلال التدوينة، اقترحتُ كتابي "مدائن معلقة: تدوينات العابر" عملًا أدبيًّا رحليًّا يقوم أساسًا على التدوينة. ورأيي أنّ طلبة الكتابة الإبداعية التي كانوا أمامي بالأمس، ومعهم كلُّ طُلاب الأدب من مختلف الثقافات واللغات، محتاجون لأن نُصالِحَهم مع التدوينة كإمكانية للكتابة الإبداعية. فالأجناس الأدبية لا تتخلّق في السماء، ولكنها بنتُ تحوُّلات المجتمع، ثقافةً وتكنولوجيا وحواملَ وأسلوبَ حياة. فحين تشرح لشبابٍ، هم على ارتباط بشبكة الانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي كل يوم وكل ساعة ودقيقة، أنّ بإمكانهم ممارسة الكتابة الأدبية من موقعهم ذاك، وفي فضائهم الإلكتروني الأليف، فذلك يُعمّق إحساسهم بالألفة مع الأدب ويشجّعهم على الاجتراء عليه.قد يبدأ النص الأدبي الجديد اليوم بتدوينةٍ من فقرتين أو ثلاث.. وهكذا.. فضاءُ التّدوين الحرّ الديموقراطي، وأسلوب التّدوينة البسيط والمتحرّر من كل قيد، سيساهم بالتأكيد في رفد أدبنا القادم بالمُدهِش المُفاجِئ والجديد".
نبذة عن ياسين عدنان
يعد أحد رموز "الغارة الشعرية" التي اعتبرت تكتّلا للحركة الشعرية الجديدة في المغرب بداية التسعينيات، امتهن الصحافة الثقافية والتنشيط التلفزي، له أربعة دواوين شعرية وثلاث مجموعات قصصية، إضافة إلى كتاب عن مراكش، "مراكش: أسرار معلنة" بالاشتراك مع سعد سرحان (2008)، و"شهرزاد المغربية: شهادات ودراسات حول فاطمة المرنيسي" (2016). "هوت ماروك" (2016) روايته الأولى.