إسرائيل تواصل «خطة الجنرالات»: تكثيف أوامر الإخلاء للسيطرة على شمال غزة
على مدار الأسبوعين الماضيين، كثفت إسرائيل من أوامر إخلاء الفلسطينيين خارج مناطق شمال قطاع غزة قبل أن تقتلهم قوات جيش الاحتلال، بالإضافة إلى منعها دخول شاحنات المساعدات إلى هناك، فى خطوة تعد أمرًا عسكريًا بارتكاب إبادة جماعية ضد أى فلسطينى داخل المنطقة.
وكثف الجيش الإسرائيلى من عملياته الهمجية ضد أى مظهر للحياة داخل شمال غزة، حيث قطع الإمدادات عن المستشفيات، ودمر أكثر من ٨٠٪ من البنية التحتية للمناطق السكنية، كما منع دخول أى شاحنات محملة بالمواد الإنسانية والإغاثية، فيما استشهد أكثر من ٤٠٠ فلسطينى دفعة واحدة؛ جراء الهجمات الإسرائيلية العنيفة ضد أماكن الإيواء والخيام التى يعيش داخلها المدنيون فى مناطق الشمال.
وكررت إسرائيل إصدارها العديد من أوامر الإخلاء إلى الفلسطينيين الموجودين فى شمال غزة طوال أكثر من عام منذ اندلاع الحرب، وخلال الأسبوعين الماضيين، وسعت أعمال عمليتها العسكرية هناك، بهدف فصلها عن القطاع جغرافيًا وإداريًا، ومن ثم إعلانها منطقة عسكرية مغلقة.
وخلال تلك المدة، بدأت إسرائيل فى تنفيذ الخطوات الموجودة ضمن ما يعرف بـ«خطة الجنرالات»، التى أعدها اللواء متقاعد جيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى سابقًا، بالتعاون مع عسكريين إسرائيليين متقاعدين، وتم عرضها على بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، وكذلك الكنيست.
وتتضمن المرحلة التى تنفذها إسرائيل، حاليًا، من «خطة الجنرالات» داخل شمال غزة زيادة الضغط على المدنيين الفلسطينيين لإجبارهم على مغادرة شمالى قطاع غزة بشكل كامل، وإعلانها منطقة عسكرية إسرائيلية مغلقة، ما يمنحها حرية العمل العسكرى داخلها.
وتدعو «خطة الجنرالات» إسرائيل إلى الحفاظ على سيطرتها على الشمال لفترة غير محدودة، من أجل محاولة تشكيل إدارة جديدة دون حماس، مع تقسيم القطاع إلى قسمين.
وحسب الخطة الإسرائيلية، فبعد انتهاء المدة المحددة لمغادرة الفلسطينيين، سيتم اعتبار أى فلسطينى لم يخرج من شمال غزة «عنصرًا مقاتلًا»، وهو ما تروج له إسرائيل من أجل تبرير إجراءاتها المتمثلة فى منع الغذاء والماء والدواء والوقود عن الفلسطينيين هناك، وبعدها يتم قتلهم من قبل قوات الجيش الإسرائيلى.
ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة، تتعمد إسرائيل حاليًا تقييد دخول المساعدات إلى الفلسطينيين، كما منعت دخول أى شاحنات محملة بالأغذية أو المياه أو الأدوية إلى شمال غزة منذ ٣٠ سبتمبر الماضى.
وكشفت تقديرات إسرائيلية عن أنه، حتى الآن، لم يمتثل سوى عدد قليل جدًا من الفلسطينيين لأمر الإخلاء الأخير، وبعضهم من كبار السن أو المرضى، وأن كثيرين يخشون ترك منازلهم لعدم وجود مكان آمن للذهاب إليه، وأنه لن يُسمح لهم بالعودة أبدًا، خاصة أن من نزحوا داخليًا فى بداية الحرب منعتهم إسرائيل من العودة مرة أخرى.
فى السياق ذاته، قال اللواء متقاعد جيورا آيلاند، وهو عسكرى إسرائيلى سابق ومهندس الخطة، إن الفلسطينيين الذين ستتم محاصرتهم داخل شمال غزة، ممن سيتمسكون بالبقاء داخل منازلهم، سيتعين عليهم فى النهاية إما الاستسلام أو مواجهة المجاعة.
وأضاف: «هذا لا يعنى بالضرورة قتل كل شخص، فلن يكون ذلك ضروريًا، ففى النهاية لن يتمكن الناس من العيش فى الشمال، وستجف المياه ولن يوجد أى سبيل للحياة، والغرض من الحصار، من بين أمور أخرى، هو ممارسة الضغط الذى سيؤدى إلى إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس».
ولا تتوقف «خطة الجنرالات» الإسرائيلية على السيطرة العسكرية على شمال غزة، لكنها أيضًا ترى إمكانية تحقيق الهدف ذاته فى مناطق أخرى، بما فى ذلك مخيمات الجنوب، التى تؤوى مئات الآلاف من الفلسطينيين.
من جانبه، قال فيليب لازارينى، رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، إن ما لا يقل عن ٤٠٠ ألف شخص فلسطينى محاصرون فى شمال غزة، ومع عدم توافر الإمدادات الأساسية تقريبًا، فإن الجوع ينتشر بالفعل.
وسلطت عدة تقارير أمريكية الضوء على الخطة الإسرائيلية، منها مجلة «بوليتكو»، فيما قالت وكالة «أسوشيتد برس»، الأمريكية، إنها حصلت على نسخة منها، وأوضحت أن نتنياهو يدرس الخطة بالفعل، لحصار شمال قطاع غزة والسيطرة عليه.
فيما نقلت الوكالة عن مصدر مطلع على الخطة، رفض نشر اسمه، قوله إن أجزاء الخطة يجرى تنفيذها بالفعل، دون تحديد تفاصيل تلك الأجزاء.
ونقلت عن مصدر ثان، وهو إسرائيلى، قوله إن نتنياهو اطلع على الخطة بالفعل ودرسها، لكنه لم يوضح ما إذا كان تقرر تنفيذها على الأرض أم لا.
من جانبها، حاولت الصحف الإسرائيلية الرد على هذه التقارير، مدعيةً أن قرار حكومة نتنياهو بالتنفيذ الكامل لما يسمى بـ«خطة الجنرالات» لم يتخذ بعد، وليس من الواضح إلى أى مدى يتم النظر فيه.
وأشارت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إلى أنها طلبت من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى التعليق على الأمر، وأجاب بأنه «لم يتلقوا مثل هذه الخطة من الأساس».