ثائر أبو عطيوي يكتب: القضية الفلسطينية وازدواجية المعايير والحاجة لمشروع عربي ذو قوة وتأثير
بعد مرور عام كامل من الحرب المستمرة والعدوان المتواصل على قطاع غزة بكل ما تحمل الحرب من تفاصيل القصف والقتل والتدمير والتهجير والتشريد والتجويع والحصار واغلاق المعابر والنزوح، إلا أن موقف المجتمع الغربي والأهم موقف الولايات المتحدة الأمريكية لا يزال على حاله منذ نشأة دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية مؤيدا وداعما لها على كافة الصعد والمستويات، ولا سيما في تقديم المساعدات العسكرية التي توجهها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين العزل الأبرياء، والذي يكتوي بنار ها والنساء وكبار السن، وخير برهان ودليل حجم المساعدات العسكرية المقدم من الدول الغربية ومن الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والذي كان سبب المأساة والكارثة في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وهنا تظهر وتتجلى ازدواجية التعامل والمعايير ضمن الكيل بمكيالين التي تظهر الدول الغربية والولايات المتحدة على حقيقتها، فعندما تتعرض دولة الاحتلال الإسرائيلي لأي عمل مضاد من أي جهة كانت أو أي عملية فردية ردا على ما يحدث من ارتكاب جرائم حرب ومجازر مستمرة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة كردة فعل طبيعية، نجد التصريحات الإعلامية من كبار الساسة والمسؤولين الغربيين من جهة والامريكان من جهة أخرى تقف في صف وجانب إسرائيل فورا ومباشرة وتساندها بكافة الامكانيات التي تعزز قوة إسرائيل الاحتلالية، وتدعمها معنويا واعلاميا ولوجستيا جراء فعل فردي بسيط لا يذكر أمام المجازر الجماعية التي ترتكب كل يوم على مدار عام كامل وأكثر على غزة، وفي المقابل لا نجد إلا أصوات غربية وامريكية خجولة وضعيفه وعلى استحياء تشجب وتستنكر ما يحدث للفلسطينيين جراء الجرائم الإسرائيلية بشكل لا يعكر صفو قادة وساسة الاحتلال للأسف.
وهنا ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والتعامل بوجهين مختلفين من الدول الغربية والإدارة الأمريكية، برغم أن الحق ظاهر وواضح وأن المحتل هو سبب المأساة والمعاناة والنكبة والكارثة الإنسانية.
لم تستطع ولو لمرة واحدة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية المساندة لإسرائيل أن تقف وقفة حياد وموضوعية مع القضية الفلسطينية وحقها المشروع التي نصت عليه المواثيق والقوانين الدولية من أجل إنهاء الاحتلال وقبول إسرائيل في تطبيق فكرة حل الدولتين وفق سلام شامل وعادل يضمن الحقوق المشروعة والكاملة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ولكن بنفس الوقت نجد الكثير من الدول الغربية والإدارة الأمريكية تقف محاميا ومدافعا عن إسرائيل في حال تعرضت لأي انتقاد أو لأي إجراء من الممكن أن يأخذ بحقها جراء احتلالها للأراضي الفلسطينية وما تقوم به من جرائم ضد الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس، ولكن للأسف هناك العشرات من القرارات تدين الاحتلال على أفعاله وما يرتكب من مجازر بحق شعبنا الفلسطيني الصادرة عن الهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية وعلى رأسها الأمم المتحدة، ولكن هذه القرارات لا تنفذ وتبقى قيد التجميد في أروقة المؤسسات الدولية والأمم المتحدة لأنها تدين إسرائيل.
في ظل غياب العدالة الإنسانية وسيادة القانون من الدول الغربية المناصرة للاحتلال ومن الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ظل عدم تنفيذ القرارات الأممية المناصرة للقضية الفلسطينية والمراوغة والتسويف والكيل بمكيالين لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، تظل ازدواجية المعايير العنوان الرئيسي في المحافل الدولية الغربية وفي أروقة الادارات الأمريكيةالمتعاقبة.
للخروج من سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين وقلب الموازين لا بد أن يتم التحرك بشكل حازم وجاد، للخروج من نفق ازدواجية المعايير المظلم التي تاهت به كل المسارات وعلى مختلف الاتجاهات، وهذا من خلال بناء جسم عربي موحد متماسك يحمل على عاتقه الإنساني والسياسي تغيير السياسة العالمية اتجاه القضية الفلسطينية، وهذا من خلال انشاء هيئة عربية منبثقة عن جامعة الدول العربية وتحت مظلتها واشرافها، تكون مهام هذه الهيئة محددة وذات نطاق ومعايير وأهداف واضحة، وهي مناصرة ودعم القضية الفلسطينية بكل ملفاتها وتفاصيلها في المحافل والميادين الدولية، وفي كافة المؤسسات الأممية الحقوقية والإنسانية بشكل فاعل ودائم، وضمن رؤية وتحركات دبلوماسية عربية تواكب الأحداث الفلسطينية لحظة بلحظة وتدعم كافة احتياجاتها الإنسانية السياسية معا، حتى يتم الوصول لحرية الشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة.
وهنا لا بد من التأكيد وبكل قوة على الدور الريادي والأساسي والهام لجمهورية مصر العربية الشقيقة، المدافع والمناصر والداعم للحقوق الفلسطينية المشروعة بشكل متواصل ومستمر، ولهذا لا بد من مصر ان تكون صاحبة المشروع العربي الداعم للحقوق الفلسطينية، وأن تعمل على تشكيل هيئة عربية من ذات الاختصاص والكفاءة تحت مظلة جامعة الدول العربية، لكي تكون أولى مهام هذه الهيئة محاربة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة لأصحابها وعلى رأسها إلزام دولة الاحتلال بتطبيق كافة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والتي على رأسها فكرة حل الدولتين وفق سلام شامل وعادل يضمن للشعب الفلسطيني قيام دولته المستقلة.