رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اغتيال يحيى السنوار.. كيف حصلت إسرائيل على الحمض النووى لزعيم حماس؟

يحيى السنوار
يحيى السنوار

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أثيرت أنباء غير مؤكدة، اليوم، حول احتمالية مقتل يحيى السنوار، زعيم حركة «حماس»، خلال عمليات القصف الإسرائيلية المتواصلة.

وفي هذا السياق، كشف متحدث باسم حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أمر بإبلاغ عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة بأنه لا توجد مؤشرات على تعرضهم لأذى خلال استهداف السنوار في القطاع.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان اليوم الخميس، عن أنه، بالتعاون مع جهاز الشاباك، يقوم بفحص احتمال مقتل زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار خلال عملية عسكرية في قطاع غزة.

وجاء في البيان، الذي أصدره الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أن الجيش قام بقتل ثلاثة أشخاص في غزة، ويجري التحقيق حول ما إذا كان أحدهم هو السنوار. ورغم ذلك، أشار البيان إلى أنه "لا يمكن التأكد بشكل نهائي في هذه المرحلة من هوية القتلى"، موضحًا أنه سيتم نشر تفاصيل إضافية عند توافرها.

إلى جانب ذلك، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن لدى إسرائيل الحمض النووي الخاص بالسنوار، وهو ما يمكّنها من مطابقة أي جثة مشبوهة مع الحمض النووي للتأكد من هويتها.

وذكرت صحيفة "معاريف" أن خبراء طب الأسنان أكدوا أن بنية فم الجثة التي يجري فحصها تشبه بنية السنوار.

لكن كيف حصلت إسرائيل على الحمض النووى للسنوار؟

من المعروف أن يحيى السنوار كان معتقلًا لدى إسرائيل لسنوات طويلة، حيث قضى حوالي 22 عامًا في السجون الإسرائيلية منذ اعتقاله في عام 1988 حتى إطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011. خلال تلك الفترة خضع السنوار مثل غيره من الأسرى الفلسطينيين لعدة فحوصات طبية، منها الفحوصات المتعلقة بالحمض النووي (DNA).

إسرائيل تعتمد بشكل كبير على جمع معلومات بيومترية من المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك بصمات الأصابع وعيّنات الحمض النووي، وذلك لأغراض أمنية وتوثيقية. وبما أن السنوار قضى فترة طويلة في السجون الإسرائيلية، فمن المرجح أن الحمض النووي الخاص به قد تم تخزينه في قواعد بيانات إسرائيلية.

 يحيى السنوار فى السجن

ومر يحيى السنوار، أحد أبرز قادة حركة «حماس»، بتجارب عديدة مع الاعتقال والقيادة العسكرية والسياسية. كانت أول تجربة اعتقال له عام 1982، حين احتجزته قوات الاحتلال الإسرائيلي رهن الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر. وفي عام 1985 تم اعتقاله مرة أخرى لمدة ثمانية أشهر، بعد أن اتهم بإنشاء جهاز الأمن الخاص بحركة «حماس»، الذي عُرف باسم «مجد»، وهو الجهاز المكلف بملاحقة العملاء والمخبرين.

في عام 1988، اعتُقل السنوار مجددًا، وحكم عليه بالسجن أربعة مؤبدات بعد اتهامه بالمشاركة في تأسيس الجهاز الأمني الأول للحركة والمساهمة في إنشاء الجناح العسكري الأول لحماس، الذي كان يُعرف باسم «المجاهدون الفلسطينيون». على مدى سنوات، ظل السنوار داخل السجون الإسرائيلية حتى أُطلق سراحه عام 2011 في إطار صفقة «وفاء الأحرار»، التي شملت الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

بعد الإفراج عنه، لم يتراجع دوره القيادي؛ بل شارك في الانتخابات الداخلية لحركة «حماس» عام 2012 وفاز بعضوية المكتب السياسي. كما تولى مسئولية الإشراف على الجناح العسكري للحركة، كتائب عزالدين القسام، ليصبح من أبرز الشخصيات المؤثرة في توجهات الحركة العسكرية.

خلال سنوات اعتقاله الطويلة، لم يكن السنوار بعيدًا عن متابعة الشأن الإسرائيلي، إذ حرص على متابعة الإعلام العبري باستمرار وإطلاع نفسه على الدراسات الإسرائيلية المتعلقة بالوضع الداخلي. هذا الاهتمام انعكس على قدرته في فهم المجتمع الإسرائيلي والتعامل معه، حيث أفاد مسئول سابق في السجون الإسرائيلية بأن السنوار قضى ساعات طويلة في التحدث مع السجناء الإسرائيليين ومتابعة القنوات الإسرائيلية، ما ساعده على فهم ثقافتهم بشكل أعمق.

في ديسمبر 2004، نشر السنوار رواية بعنوان "الشوك والقرنفل"، والتي تناولت الواقع الفلسطيني من نكسة 1967 إلى بداية الانتفاضة الثانية عام 2000. الرواية تعكس رؤية السنوار حول الصراع والمقاومة، وتعتبر توثيقًا للتاريخ الفلسطيني من منظور أحد قادته المقاومين.

من هو يحيى السنوار؟

يحيى السنوار يعتبر من أكثر قادة حركة «حماس» شراسةً في مواجهة إسرائيل، رغم أنه كان جزءًا من العمليات التفاوضية غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس»، خاصةً فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى التي تمت في 2011.

السنوار يعتبر العقل المدبر وراء تطوير البنية التحتية العسكرية لحركة «حماس»، بما في ذلك الأنفاق الهجومية وشبكات الصواريخ، التي تُعتبر جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحركة العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

يحيى السنوار تعرض لأمراض خطيرة خلال فترة اعتقاله الطويلة في السجون الإسرائيلية، منها إصابته بورم في الرأس خضع لعملية جراحية لاستئصاله.

ومع ذلك، لم تمنعه المشاكل الصحية من استعادة دوره القيادي بعد الإفراج عنه في 2011. بل على العكس، كان السنوار نشطًا في تعزيز قوة حماس السياسية والعسكرية، وازداد نفوذه بشكل كبير داخل الحركة بعد انتخابه قائدًا في غزة.

رغم طبيعته الصارمة، أبدى السنوار بعض المرونة في تعامله مع ملفات التهدئة مع إسرائيل، خاصة في فترات الأزمات الإنسانية والاقتصادية في غزة. وقام بتسهيل بعض المبادرات التي رعتها أطراف إقليمية، مثل مصر وقطر، لتهدئة الأوضاع في القطاع وتخفيف الحصار الإسرائيلي، وذلك من أجل تحسين الظروف المعيشية لسكان غزة.

منذ تسلمه قيادة «حماس» في غزة، ساهم يحيى السنوار في توثيق العلاقات بين الحركة وإيران، كما عزز العلاقات مع "حزب الله" اللبناني، حيث تعتبر هذه التحالفات جزءًا من استراتيجية «حماس» لتقوية قدراتها العسكرية واللوجستية في مواجهة الاحتلال.