بريطانيا تلجأ إلى "العقار المعجزة" لإعادة ملايين إلى العمل
في خطوة مثيرة للجدل تهدف إلى مواجهة التحديات الاقتصادية في بريطانيا، أعلن وزير الصحة، ويس ستريتنج، عن خطط جديدة لتقديم حقن مجانية من عقار "أوزمبيك" لفقدان الوزن للعاطلين عن العمل، ودعمه السير كير ستارمر في هذه الخطوة، مؤكدًا أن العقار يمكن أن يسهم في تخفيف الأعباء عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) وتحفيز الاقتصاد عبر إعادة العاطلين إلى سوق العمل.
ويأتي هذا الاقتراح كفكرة للصمود أمام تحديات اقتصادية مرتبطة بالبطالة المتزايدة وضغوط على الخدمات الصحية، فـ"أوزمبيك" يعتمد على فرضية أن تحسين صحة الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد أو السمنة يمكن أن يؤدي إلى زيادة نشاطهم وإنتاجيتهم، ما يساعد في نهاية المطاف على تعزيز الاقتصاد.
أستاذ البحوث الدوائية: أدوية التخسيس ليست حلًا سحريًا
وفي إطار الحديث عن عقار خاص بالسمنة، تحدث الدكتور محمد رءوف، أستاذ الرقابة والبحوث الدوائية، عن أن تناول الأدوية بدون استشارة طبية يعكس جهلًا وعدم وعي، وأن استخدام أدوية الرشاقة لفترات طويلة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مشيرًا إلى أنها ليست حلًا آمنًا وسريعًا للتخلص من السمنة كما يُروج لها.
وحذر "رءوف"، في حديثه، من أن الإفراط في تناول هذه الأدوية يمكن أن يتسبب في ارتفاع حاد وخطير في ضغط الدم، مما يزيد من فرص الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
"أوزمبيك" طريقك نحو الآخرة
ورغم حماس "ستريتنج" في خطته لخفض مستوى البطالة، فإن العقار الذي اقترح اسمه، حذرت بشأنه منظمة الصحة العالمية، في 19 يونيو الماضي، عبر موقعها الرسمي، مطلقةً تنبيهًا دوليًا حول وجود دفعات مغشوشة من دواء "أوزمبيك"، والذي يحتوي على المادة الفعالة سيماغلوتيد (Semaglutide)
وهذه الدفعات المغشوشة كُشف عنها في كل من البرازيل، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، مما أثار مخاوف كبيرة بشأن صحة المرضى الذين يستخدمون هذا الدواء سواء لعلاج داء السكري من النوع الثاني أو كوسيلة لإنقاص الوزن.
وتأكيدًا لهذا التنبيه، انتشرت التحذيرات الشديدة من إصابة نحو 3 آلاف بريطاني بالمرض، حتى الآن، هذا العام بعد تناولهم "أوزمبيك"، ورغم ذلك، رحّب رئيس الوزراء الأمريكي، بفكرة العقار، في تصريحات له، وقال: "أعتقد أن هذه الأدوية قد تكون مهمة للغاية لاقتصادنا وصحتنا.. وهذا الدواء سيكون مفيدًا جدًا للأشخاص الذين يريدون إنقاص الوزن، ويحتاجون إلى إنقاص الوزن، وهو مهم جدًا للاقتصاد حتى يتمكن الناس من العودة إلى العمل".
أصل "أوزمبيك" علاج "السكري"
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن "أوزمبيك" تم تصنيفه كدواء مبتكر للتحكم في مستويات السكر لدى مرضى السكري من النوع الثاني، لكنه لاقى شهرة واسعة بسبب تأثيره في إنقاص الوزن، ومنذ أن وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عليه في عام 2017، أصبح هذا الدواء من أكثر الأدوية طلبًا لعلاج مرض السكري وفقدان الوزن، ويعود نجاحه إلى خصائصه الفعالة في التحكم بمستويات السكر في الدم وتقليل الشهية، ما ساعد العديد من الأشخاص في الوصول إلى وزن مثالي.
وبالبحث عن أصل مكونات هذا العقار، فـ "أوزمبيك" ينتمي إلى فئة من الأدوية تسمى ناهضات مستقبلات GLP-1، وهي أدوية تحاكي عمل هرمون الببتيد الشبيه بالغلوكاغون (GLP-1) الذي ينتجه الجسم بشكل طبيعي لتنظيم مستويات السكر في الدم والتحكم في الشهية. بفضل هذه الخصائص، زاد استخدام أوزمبيك بشكل كبير ليصبح الدواء السحري لإنقاص الوزن.
"السمنة" العائق أمام الاقتصاد البريطاني
وبحسب ديلي ميل، كتب ويس ستريتنج، وزير الصحة في المملكة المتحدة، قال: "إن ارتفاع نسبة السمنة لدينا تفرض عبئًا كبيرًا على خدماتنا الصحية، حيث تكلف هيئة الخدمات الصحية الوطنية وحدها 11 مليار جنيه استرليني سنويًا أكثر من التدخين، كما أنها تعوق اقتصادنا".
وبحسب إحصائيات بريطانية، فإن السمنة هي ثاني أكثر الأسباب شيوعًا للوفاة في بريطانيا، التي يمكن الوقاية منها بعد التدخين وتكلف الخدمة الصحية 11.4 مليار جنيه استرليني سنويًا، لذا تستعد هيئة الخدمات الصحية الوطنية لإطلاق لقاحات إنقاص الوزن على نطاق واسع لـ1.6 مليون مريض.
عقار للتخسيس تدعمه "الصحة البريطانية"
وخلال حديث وزير الصحة أيضًا، أوضح أن لقاحي "أوزيمبيك" أو "مونجارو" يمكن أن يكونا بمثابة بداية لحملة كبرى للعودة إلى العمل وتعزيز الإنتاجية، حيث تكلف الأمراض المرتبطة بالسمنة الاقتصاد 74 مليار جنيه إسترليني سنويًا.
وبسبب اللغط حول "أوزيمبيك"، وقعت شركة الأدوية Eli Lilly، المصنعة لعقار "مونجارو" لإنقاص الوزن، مذكرة تفاهم مع الحكومة البريطانية لتحسين رعاية الأشخاص الذين يعانون من السمنة، وتم الإعلان عن هذه الصفقة في قمة الاستثمار الدولية في لندن، وستشمل تطوير لقاحات إنقاص الوزن وتطبيقات الهواتف الذكية.
وسيتم إنشاء قاعدة تصنيع في المملكة المتحدة، ستشهد دراسة مدتها خمس سنوات تقييم فعالية العقار بالتعاون مع جامعة مانشستر، حيث سيتم قياس التأثيرات طويلة المدى للدواء على السمنة ومعدلات الإصابة بمرض السكري والمضاعفات المرتبطة بالوزن، وتهدف تلك الشراكة إلى وضع المملكة المتحدة كمنصة اختبار عالمية لتطوير واختبار أدوية السمنة.