لمن تُدَقُّ أجراس السلام؟!
بدق الجرس، الذى أهدته لها اليابان، سنة ١٩٥٤، أحيت الأمم المتحدة، أمس السبت «يوم السلام العالمى»، الذى أحيته مصر، أيضًا، ببيان أصدرته وزارة الخارجية، جددت فيه مطالبة المجتمع الدولى بالاضطلاع بمسئولياته، لإنهاء الحروب الجارية، وتعزيز عمليات السلام اللازمة، طبقًا لقواعد القانون الدولى القائمة، وتفعيلًا للمبادئ والمقاصد الأممية، وعلى وجه الخصوص، شددت على ضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، وتحقيق التسوية الشاملة، بإحلال السلام العادل فى الشرق الأوسط.
بدأ دقّ أجراس السلام، إذن، بعد سبع سنوات، من قرار الأمم المتحدة، الصادر فى ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧، بإنهاء الانتداب البريطانى على دولة فلسطين، وتقسيمها إلى دولتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، ولم تكن الجمعية العامة للمنظمة تضم، وقتها، غير ٥٧ دولة، وافقت ٣٣ منها فقط، على ذلك القرار، الذى جرى، بموجبه، الاعتراف الأممى بدولة إسرائيل، التى لم تتوقف، قبل وبعد ذلك الوقت، عن انتهاك وأحكام القانون الدولى، والشرعية الدولية، و... و... وقرارات الأمم المتحدة، وميثاقها، الذى قام مندوبها، مندوب دولة الاحتلال، بـ«فرم» نسخة منه، فى مايو الماضى، عبر آلة لتقطيع الورق، على رءوس الأشهاد، أو مندوبى الدول الأعضاء، حين أيد ١٤٣ منهم طلب عضوية فلسطين فى المنظمة الدولية.
فى مواجهة مجتمع دولى فقد سمعه، أو يتظاهر بذلك، لم تتوقف مصر عن دق أجراس السلام، والمطالبة بنظام دولى منصف وعادل، قوامه الحوار والاحترام المتبادل. ولإدراكها أن جسامة التحديات التى يواجهها العالم، تفرض على المجتمع الدولى مزيدًا من التعاون وإعلاء ثقافة السلام، دعت «دولة ٣٠ يونيو»، مرارًا، بلسان رئيسها، إلى إجراء نقاش معمق، بشأن تطوير العمل تحت مظلة الأمم المتحدة، وإعلاء القيم السامية، التى تأسست عليها، ونادت، مع من نادوا، بأن تظل أعمدة المنظمة الدولية قائمة، وطالبت، مع من طالبوا، بإعادة ترتيب البيت الأممى، وإعطائه قبلة حياة، كانت ولا تزال فى أمسِّ الحاجة إليها.
استنادًا إلى قوة المنطق، لا إلى منطق القوة، تواصل الدولة المصرية إسهامها الفاعل فى تعزيز وتفعيل هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، وحشد الدعم والاهتمام الدوليين للدول والمناطق الخارجة من النزاعات، أو المتأثرة بها، كما لا تزال تقوم بدورها الريادى، لتحقيق السلام المنشود، سواء بجهود الوساطة، لإنهاء العدوان على قطاع غزة، والضفة الغربية، أو بتحذيراتها المتكررة من عواقب تصعيد الصراع وتوسعة نطاقه، وتأكيدها الدائم أن المسار الوحيد لتحقيق السلام والأمن، فى المنطقة، هو تلبية حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
الدور المصرى الريادى فى جهود إحلال السلام امتد، أيضًا، إلى جميع أزمات دول الجوار، وعلى رأسها ليبيا والسودان والصومال، من خلال الحفاظ على المؤسسات الوطنية فى هذه الدول الشقيقة وتمكينها من أداء المسئولية المنوطة بها خدمة لشعوبها وتحقيقًا لتطلعاتها. كما كانت مصر أول من طالبت بمقاربة شاملة لبنية السلم والأمن الأممية، بمكونات صنع وحفظ واستدامة السلام، خلال عضويتها فى مجلس الأمن، عامى ٢٠١٦ و٢٠١٧، ليتجاوز تعامل المجتمع الدولى التناول الجزئى الضيق للأزمات الدولية. كما قامت خلال رئاستها المجلس، سنة ٢٠١٦، بعقد أول اجتماع مشترك مع مجلس جامعة الدول العربية بمقرها فى القاهرة، وعملت كذلك، على تكامل المنظومة الأممية والإفريقية لصيانة السلم والأمن الدوليين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن جرس السلام، الذى أهدته اليابان للأمم المتحدة، بعد تسع سنوات من سقوط القنبلتين النوويتين الأمريكيتين، على هيروشيما ونجازاكى، تم صبّه من عملات معدنية تبرع بها مندوبو ٦٠ دولة حضروا المؤتمر العام الأممى الثالث عشر، الذى استضافته العاصمة الفرنسية باريس، سنة ١٩٥١، ويتم دقه، أو قرعه، مرتين سنويًا، الأولى فى ٢٢ أبريل، احتفالًا بـ«يوم الأرض»، والثانية فى «يوم السلام العالمى»، الذى يتزامن مع افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى توجّه وزير خارجيتنا، أمس، إلى نيويورك، للمشاركة فى أعمال الشق رفيع المستوى لدورتها التاسعة والسبعين.