رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خط اليد يكشف عن السمات الشخصية للإنسان

يعتقد كثيرون أن خط الإنسان وطريقة كتابته الحروف والكلمات هى بصمة خاصة بكل شخص مثل بصمة الأصابع وشحمة الأذن، وأن تحليل الخط يمكن أن يساعد فى الكشف عن بنيتنا النفسية، وهو ما يفنده كتاب «أشهر ٥٠ خرافة فى علم النفس: هدم الأفكار الخاطئة الشائعة حول سلوك الإنسان». 

يوضح الكتاب أن علم الخطوط هو فرع من مجموعة من ممارسات العلوم الزائفة يسمى «قراءة الأحرف»، مثل الادعاء بإمكانية معرفة التكوين النفسى للبشر عن طريق تفسير ملامح الوجه «علم الفراسة»، وتعرجات اليد «قراءة الكف»، ونتوءات الرأس «علم فراسة الدماغ»، وأنماط تجاعيد الجبهة «تنجيم الجبهة»، وعروق أوراق الشاى وبقايا البن «قراءة الفنجان». 

وقد بدأ التاريخ الحديث لعلم الخطوط بالطبيب الإيطالى «كاميلو بالدى» الذى عاش فى القرن السابع عشر. ألهم «بالدى» مجموعة من رجال الدين الكاثوليك، الذين كان من بينهم القس «جان هيبوليت ميشون»، الذى نحت مصطلح «علم الخطوط» عام ١٨٧٥.

ومنذ ذلك الوقت، نجح خبراء الخطوط فى جذب حشود من الأتباع وأقنعوا كثيرًا من العوام بأن حرفتهم قائمة على العلم. ويستعين العديد من المنظمات، لا سيما فى إسرائيل وبعض الدول الأوروبية، بمشورة خبراء الخطوط فى المسائل ذات الصلة بالموظفين. وتوظف بعض المؤسسات المالية خبراء خطوط لتحديد ما إذا كان مقدمو طلبات القروض سيكونون أهلًا للثقة أم لا.

يضع محللو الخطوط عدة مؤشرات يعتقدون أنها تربط بين الخط وبنية الشخص النفسية، مثل: إن ميل الفرد إلى وضع شرطة مائلة فوق حرف «t» تشبه شكل السوط إنما يشير إلى شخصية سادية، وإن الخطافات الصغيرة التى توجد فى حرف «S» تفصح عن استعداد لانتزاع ممتلكات الآخرين. أما المساحات الواسعة بين الكلمات فيزعمون أنها تشير إلى ميل للعزلة. وأما الكاتبون الذين تنحرف جملهم إلى أعلى فيتصفون بالتفاؤل، فى حين يتصف من تذهب سطورهم إلى أسفل بالتشاؤم. والأفراد الذين يرسمون الأحرف بانحرافات مختلفة هم أفراد لا يمكن التكهن بسلوكهم. والذين يكتبون حرف «I» بطريقة كبيرة لديهم إحساس هائل بالأنا. 

ويورد الكتاب إشارة إلى مقالة نشرت فى صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» تدّعى أن ميل المرشح الرئاسى «جون ماكين» إلى توقيع اسمه الأول بأحرف مائلة فى اتجاهات معاكسة بعضها البعض يدل على شخصيته «الجامحة المتمردة»، فى الوقت الذى يميل منافسه «باراك أوباما» إلى رسم حروف اسمه فى سلاسة؛ ما يعد دليلًا على مرونته.

ووصل الحال بالبعض لتبنى «المداواة بالخطوط»، وهو نوع من العلاج النفسى يدّعى محو السمات غير المرغوبة من شخصيات الأفراد عن طريق إزالة علامات الخطوط المزعجة، التى تنطوى على مشكلات من خط اليد. وعلى ذلك، إن كنت متشائمًا على نحو ميئوس منه، فلست بحاجة إلى أى شىء سوى أن تبدأ فى كتابة جملك بميل إلى أعلى كى تغير توجهك الذهنى فى الحياة.

يؤكد لنا مؤلفو الكتاب أنه لا يوجد دليل علمى يثبت صحة ارتباط كل سمة للخط والعلامة التى تشير إليه، فعلى الرغم من أن الكتابة شكل من أشكال الحركة التعبيرية التى تعكس شخصياتنا، فإن الارتباطات بين حركات الجسم التعبيرية والسمات النفسية هى ارتباطات ضعيفة لا تتيح لنا الحكم على شخصية ذلك الفرد.

وتوضح الدراسات أن نمط الكتابة هو شىء من اختصاص المخ أكثر من كونه عملًا للأطراف، حتى إن الدراسات أظهرت أن «خط القدم» عند بعض الأفراد يشبه خط اليد، ما يوضح صحة عبارة «خط اليد هو خط المخ». 

وقد أجرى العالم «جيفرى دين»، فى عام ١٩٩٢، مراجعة نقدية للاختبارات العلمية الخاصة بعلم الخطوط. وبعد إجراء تحليل مقارن لأكثر من ٢٠٠ دراسة، اكتشف «دين» فشلًا واضحًا من جانب خبراء الخطوط فى رصد سمات الشخصية أو توقع الأداء الوظيفى.

ويفسر مؤلفو كتاب «أشهر ٥٠ خرافة فى علم النفس: هدم الأفكار الخاطئة الشائعة حول سلوك الإنسان» ميل الكثيرين منا لتصديق ظواهر الفراسة وقراءة الكف والخط والفنجان لما أسماه عالم النفس «بول ميهل» «ظاهرة بى تى بارنوم»، على اسم متعهد السيرك الساخر، الذى قال مازحًا إنه كان يحب أن «يمنح شيئًا صغيرًا لكل فرد من الجماهير» فى عروضه، حيث يميل أفراد لاعتبار الجمل التى تنطبق على الجميع تقريبًا أنها تنطبق عليهم هم بالأخص، ما يولد لدينا إحساسًا خاطئًا بأن جانبًا شديد الخصوصية من شخصيتنا كشفه قارئ الأحرف، وهو ما ينطبق على الكثيرين.

وللحديث بقية..