مطاردة السنوار
تتذكرون أسامة بن لادن؟ كيف نجح فى الهرب لعقد من الزمان حتى طالته أيدى المخابرات الأمريكية فى باكستان وتم القضاء عليه؟، نعيش هذه الأيام مطاردة تُذكرنا بأيام بن لادن.
موارد هائلة، ورادارات تخترق الأرض، استخبارات ووحدات خاصة، ومستشارون وخبراء يطيرون من واشنطن لإسرائيل من أجل رجل حذر إلى حد الجنون، وذكى بشكل مميز، هو يحيى السنوار، الذى نجح فى البقاء متقدمًا بخطوة عن مطارديه، وحده ما يحول بين إسرائيل وإعلان نتنياهو الانتصار فى غزة، ووقف الحرب. إسرائيل بإمكانها أن تفعل أى شىء، فقط لتحصل على رأس السنوار.
طوال ما يقرب من ١١ شهرًا من الحرب، تمكنت إسرائيل من إحداث دمار هائل فى البنية التحتية لحماس والقضاء على الآلاف من نشطاء الحركة، لكن الإنجاز الأعظم الذى تأمله، لم يتحقق بعد، وهو القضاء على مهندس هجوم ٧ أكتوبر.
ومن أجل القضاء على السنوار، أنشأت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعد هجوم ٧ أكتوبر وحدة خاصة فى مقر الشاباك، مهمتها الوحيدة تحديد مكانه، وتولت وكالات الاستخبارات الأمريكية المسئولية لمراقبة وسائل اتصاله، وأنشأت وكالة المخابرات المركزية أيضًا قوة خاصة لتقديم المشورة للجيش الإسرائيلى.
كشف مستشار الأمن القومى فى البيت الأبيض، جيك سوليفان، عن أن الولايات المتحدة تدير فرقًا خاصة لمساعدة إسرائيل فى القبض على زعيم حماس، حيث أنشأوا قنوات لتبادل المعلومات حول موقع السنوار وغيره من كبار مسئولى حماس، كما جاءت مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة من خلال رادار مخترق للأرض قدمته للمساعدة فى رسم خريطة لشبكة أنفاق حماس الواسعة فى جميع أنحاء القطاع، وهى الشبكة التى من المقدر أن تمتد على مدى مئات الكيلومترات. تم استخدام المعلومات من هذا الرادار إلى جانب المعلومات الاستخباراتية التى جمعتها إسرائيل من نشطاء حماس الذين تم أسرهم والعديد من الوثائق التى تم الاستيلاء عليها، لبناء صورة أكثر اكتمالًا لشبكة الأنفاق، حسب تحقيق استقصائى لنيويورك تايمز.
وتشير التقديرات الآن فى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى أن السنوار على اتصال بالعالم من خلال شبكة من الرسل، الذين لا تزال طريقة عملهم غامضة، ويعتقدون أن السنوار عاش فى الأسابيع الأولى من الحرب فى الأنفاق الواقعة أسفل مدينة غزة، شمال قطاع غزة، والتى كانت محور المرحلة الأولى من المناورة البرية، حيث حرص السنوار على إبقاء أفراد عائلته إلى جانبه طوال الأشهر الستة الأولى من الحرب على الأقل، وحينها واصل السنوار استخدام الهواتف المحمولة والأقمار الصناعية، والتى أصبح تشغيلها ممكنًا من خلال شبكة اتصالات خلوية مثبتة فى الأنفاق، وفى تلك المرحلة تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية والاستخبارات الأمريكية من رصد بعض هذه المحادثات، لكن لم تتمكن من تحديد مكان السنوار خلالها.
من التفاصيل المثيرة للاهتمام التى كشف عنها تحقيق «نيويورك تايمز» أن التنصت على محادثات السنوار هو فى الواقع السبب وراء مطالبة وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت فى المراحل الأولى من الحرب، بإدخال شحنات الوقود إلى القطاع، وكانت الخطة أن الوقود سيسمح باستمرار المولدات اللازمة لتشغيل الشبكة الخلوية فى الأنفاق فى العمل، بالتالى سيواصل السنوار التحدث عبر الهاتف، وتنجح مهمة اعتراضه.
بينما ذكرت صحيفة «ديلى إكسبريس» البريطانية، نقلًا عن مصادر استخباراتية إسرائيلية، أن يحيى السنوار، زعيم حركة حماس، «كان يرتدى زى امرأة» أثناء اختبائه بين سكان غزة أثناء وجوده خارج شبكة الأنفاق فى قطاع غزة.
فى إسرائيل، بعد أسابيع قليلة من هجوم ٧ أكتوبر، وافقت لجنة خاصة- مكونة من كبار مسئولى المخابرات الإسرائيلية والمسئولين العسكريين- على «قائمة القتل» لكبار مسئولى حماس، من جناحيها العسكرى والسياسى. وقد تمت تصفية العديد منهم، بما فى ذلك هنية، منذ ذلك الحين وعادة ما يقوم وزير الدفاع يوآف جالانت بوضع علامة X على أسمائهم على قائمة معلقة فى مكتبه فى «الكرياه»، لكن اسم السنوار لم يتم محوه منها بعد. وقال جالانت، فى ديسمبر الماضى خلال عملية للجيش الإسرائيلى فى خان يونس: «السنوار يسمع قنابل سلاح الجو ويشعر بقوة الأدوات الهندسية، وقريبًا سيلتقى بفوهات بنادقنا».