القراءة بديلًا ممتعًا لطفلك عن الإنترنت
أنشأت شبكة الإنترنت فرصًا غير مسبوقة للأطفال والشباب للتواصل والتعلم واللعب، وتزويدهم بأفكار جديدة ومصادر معلومات أكثر تنوعًا، إلا أن هذه الفرص مصحوبة بمخاطر جسيمة، ذكرنا معظمها بالأمس، لنصل فى حديثنا اليوم إلى أن الطبيعة السريعة لألعاب الفيديو وتدفقها المستمر بالمكافآت تحفز نمو الدماغ بطرق لا تستطيع الكتب القيام بها؛ فقد تمنح إحدى الألعاب عملة ذهبية أو مكافأة مفاجئة كل بضع دقائق، بينما قد يستغرق الأمر عدة صفحات حتى يتحول الكتاب إلى متعة أو كشف حبكة كبيرة.. وفى مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، قالت الكاتبة «جولى جارجون» إن هذا لا يعنى أن الأطفال الذين يلعبون ألعاب الفيديو لا يمكنهم الاستمتاع بالقراءة أيضًا، ودللت على ذلك بأنها اتصلت بالعديد من أمناء المكتبات وأساتذة أدب الأطفال واللاعبين المراهقين، لمعرفة ما الذى يمكن أن يساعد فى تحفيز الأطفال على القراءة؛ حيث اقترح كل منهم تخصيص نصف ساعة على الأقل يوميًا للقراءة.
وقد اقترحت الكاتبة مجموعة من النصائح حول كيفية القيام بذلك.. إذ إن الأطفال «لن يستمتعوا بالقراءة عندما يُجبَرون على ذلك؛ فإذا كنت قادرًا على العثور على كتاب يبدو جذابًا لهم حقًا، فسوف يطورون هذا الدافع للقراءة بأنفسهم».. وأحدهم كان يجد القراءة مملة عندما كان صغيرًا، ولكن عندما أخذته والدته إلى المكتبة استحوذت إحدى السلاسل على اهتمامه، لذلك فإن الكتب التى تحتوى على حركة ومغامرة شبيهة بألعاب الفيديو هى خيارات جيدة، وكذلك الكتب الخيالية التى تدور أحداثها فى عوالم ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى الكتب الواقعية عن الألعاب ومطورى الألعاب.
يقول خبراء محو الأمية إن الأطفال يمكنهم الاستفادة من القراءة دون مستوى صفهم الدراسى، أو اختيار الكتب الأقصر أو غير المقسمة إلى فصول بأسلوب الكبار.. فهم يقولون إن جميع أنواع القراءة مهمة، سواء كانت قراءة المجلات أو البحث عن أماكن لزيارتها خلال رحلة عائلية، أو حتى الاستماع إلى الكتب الصوتية. وترى جوندا سى ماكنير، أستاذة أدب الأطفال فى جامعة ولاية أوهايو، أن هناك قيمة أيضًا فى التصوير الفوتوغرافى والكتب الفنية التى تحتوى على القليل من الكلمات أو لا تحتوى على كلمات، ويعتبر سرد القصص أيضًا طريقة جيدة لتعزيز معرفة القراءة والكتابة، و«يساعد سرد قصص الأشباح حول المدفأة عند السهرات فى بناء ارتباط لغوى بالخيال».
من الضرورى إنشاء مساحات جديدة للقراءة وجعل وقت القراءة خاصًا؛ حيث يمكن أن يساعد ذلك الأطفال على التطلع إلى الكتب، فيما يقول الخبراء إن القراءة تحت شجرة أو بناء حصن للقراءة يمكن أن يساعد تمامًا مثل الوجبات الخفيفة، وكذلك أن تجعل التجربة جديدة عن طريق تغيير مكان القراءة، والحلوى يمكن أن تمنع الملل أيضًا.. ويمكن تطبيق العناصر التى تجعل ألعاب الفيديو جذابة للغاية على القراءة؛ بحيث يمكن مكافأة الأطفال الذين قرأوا أكثر بتحديد أهداف لعدد الصفحات أو الفصول التى يجب قراءتها فى الأسبوع، مع الاحتفاظ بصندوق كنز من الأشياء الصغيرة للأطفال الصغار، للاختيار من بينها كجوائز.. ويشجع خبراء محو الأمية الأطفال على تعزيز ما قرأوه من خلال دمج أنشطة أخرى فى قراءتهم الصيفية، وأنه يجب على الآباء تشجيع الأطفال على كتابة وتوضيح قصصهم الخاصة، لأن صانعى الألعاب يفعلون ذلك.. الفكرة الجيدة للأطفال هى جعلهم يلخصون ما يقرأونه كل أسبوع، دون أن يتحول الأمر إلى عمل روتينى، والأفضل من ذلك أن يرسم الأطفال صورة لمشهدهم المفضل من الفصول التى يقرأونها.
وحتى لو كان الأطفال كبارًا بما يكفى للقراءة بمفردهم؛ يتفق خبراء محو الأمية على أنهم لن يكونوا أكبر من أن يُقرأ لهم، فإن الطلاب حتى الجامعيين يستمتعون بالقراءة لهم.. ويمكن أن يؤدى التحدث إلى الأطفال عن كتاب ما إلى تعزيز فهمهم؛ فمن الأفضل طرح أسئلة مفتوحة، مثل ما رأيك فى الشخصية الرئيسية؟، أو تخيُّل نهاية مختلفة للكتاب.. وإذا كان الأطفال فى المنزل الواحد فى نفس مستويات القراءة؛ يمكن إنشاء نادٍ عائلى للقراءة؛ حيث يتناوب الجميع على القراءة، كما يمكن للأطفال الصغار الاستماع أيضًا، والمشاركة فى النقاش حول الكتاب المقروء، كما يمكن تشجيع الأطفال على تكوين نادى كتاب صيفى مع الأصدقاء.
ليس ذلك هو السبيل الوحيد لحماية أطفالنا على شبكة الإنترنت، بل إن على الأسرة دورًا كبيرًا لتلافى الآثار الضارة للشبكة العنكبوتية على أبنائها، بتوعية الأطفال عن المخاطر المحتملة على الإنترنت، وأن نشرح لهم كيف يكونون حذرين ومسئولين أثناء تصفحهم المواقع، والتأكيد على عدم مشاركة معلومات شخصية، مثل أسمائهم الكاملة وعناوينهم وأرقام هواتفهم، مع أشخاص غير معروفين على الشبكة، مع مراقبة نشاط الأطفال، وتحديد الوقت الذى يقضونه فى استخدام الأجهزة الإلكترونية، من خلال استخدام أدوات التحكم الأبوية المتاحة فى الأجهزة والتطبيقات، لتحديد حدود الوقت وتصفية المحتوى غير المناسب.. ومن المهم ترتيب الأجهزة الإلكترونية فى مكان مشترك فى المنزل، مثل غرفة المعيشة، حيث يمكنك رؤية نشاطهم بسهولة، وتثبيت برامج مراقبة الوالدين والفلترة التى تساعد على منع وصول الأطفال إلى المحتوى غير المناسب، فإن ذلك يصنع بيئة آمنة لهم.
علّم أطفالك كيفية التعرف على المواقع الآمنة والموثوقة، وكيفية التحقق من صحة المعلومات المتداولة عبر الإنترنت، وشجّعهم على إبلاغك إذا كانوا يشعرون بأى تهديد أو تحرش عبرها، وحافظ على خطوط الاتصال المفتوحة مع أطفالك، وكوّن لديهم الثقة فى مشاركة تجاربهم وأى مشكلة قد يواجهونها على الإنترنت.. فمن خلال ذلك، تكون قد وفرت لهم مساحة آمنة للحديث عن المخاوف والتجارب السلبية التى قد يعيشونها عبر الشبكة.. هذه الاستراتيجيات تهدف إلى توفير بيئة آمنة ومسئولة للأطفال عند استخدامهم الإنترنت.. وتذكر أن المراقبة والتواصل الواعى معهم هما الأساس فى حمايتهم من المخاطر المحتملة.
من هنا ينبغى على الأهل والمربين أن يكونوا على دراية تامة بمخاطر الإنترنت على الأطفال، وأن يتخذوا الخطوات اللازمة لحماية أطفالهم، فهم بحاجة إلى توجيه وتثقيف حول سلوكيات استخدام الإنترنت الآمنة والمسئولة، وبالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام برامج تصفية المحتوى وتطبيقات التحكم الأبوى لمراقبة وحماية أنشطة الأطفال على الإنترنت.. وحسب منظمة «صحة الأطفال»؛ تحدثوا معهم عنها دائمًا، وناقشوها واشرحوها لهم، وأجيبوا عن أسئلتهم بخصوصها، مهما كانت ومن دون تذمر، فمن المهم أن يفهم طفلك المخاطر التى يواجهها عبر الشبكة الدولية، وانصحه، إلى درجة التحذير، بألا ينشر أو يتاجر بالصور الشخصية، ويكشف عن أى معلومات شخصية، مثل العنوان أو رقم الهاتف أو اسم المدرسة أو الموقع، وألا يشارك كلمات المرور مع أحد سوى والديه.
من الضرورى ألا يوافق الطفل على الاجتماع وجهًا لوجه مع أى شخص قابله عبر الإنترنت، دون موافقة ولى الأمر و/أو إشرافه، ولا يرد على رسائل التهديد والتخويف التى ترده عبر البريد الإلكترونى أو فى وسائل التواصل الاجتماعى، وليخبر والديه عنها فورًا، فمن الضرورى إخبار أحد الوالدين أو أى شخص بالغ موثوق به عن أى اتصال أو محادثة كانت مخيفة أو مؤذية.وحاولوا أن تقضوا وقتًا على الإنترنت مع أطفالكم لتعليمهم السلوك المناسب عبر الشبكة، وتحققوا من فواتير بطاقتكم الائتمانية والهاتف، بحثًا عن أى رسوم أخرى غير مألوفة لديكم.. وتعاملوا مع طفلكم بجدية إذا أبلغ عن أى مضايقات يتعرض لها عبر الشبكة، فكثير من الآباء والأمهات يهملون مثل هذه الشكاوى من أطفالهم، مع أنها قد تكون بالغة الخطورة.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.