خلال أيام.. الحوار الوطنى يناقش ملف تحول الدعم العينى إلى النقدى
يستعد مجلس أمناء الحوار الوطني لطرح ملف تحول الدعم العيني إلى الدعم النقدي على طاولة الجلسات النقاشية في الحوار الوطني خلال أيام، للوصول إلى النظام الأنسب بما يتلاءم مع المجتمع المصري وفقًا لظروف الواقع.
وأكد مقررو لجان المحور الاقتصادي بالحوار الوطني، أن التحول إلى فلسفة الدعم النقدي بدلًا من الدعم العيني يحتاج إلى نقاش واسع، حيث يتعلق بإعادة هيكلة نظام الدعم الحكومي لتوزيع الموارد بشكل أكثر كفاءة وعدالة.
سلامة: القداسة الوحيدة هي أن يصل الدعم لمستحقيه
من جانبه، أعرب الدكتور رائد سلامة مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني، عن تمنياته حسم قضية الدعم باعتبارها قضية جدلية نناقشها منذ سبعينيات القرن الماضي دون أن ينتهي النقاش بشأنها من زاوية أيهما أفضل: الدعم العيني أم النقدي.
وأضاف "سلامة" في تصريح لـ "الدستور"، أنه يرى ضرورة التجرد مما أطلقت عليه سابقًا وصف "السلفية الاقتصادية" التي تبحث عن حلول لمشكلات الواقع في مجتمعنا بالنظر إما في تراث الماضي أو في تجارب المجتمعات الأخرى، وبالتالي فلا بد علينا أن نتجاوز الجدل الناتج عن الاختلاف الأيديولوجي الذي يورث نوعًا من الدوجمائية في مناقشة قضية بهذه الأهمية تمس المجتمع المصري في ظروف اقتصادية واجتماعية مغايرة تمامًا لظروف الماضي ولظروف المجتمعات الأخرى منهجيًا، متمنيًا أن نتجاوز الاستغراق في مناقشة تفضيلات أطراف الحوار بحكم مرجعياتهم الأيديولوجية حول أي من النظامين هو "الأفضل"، إلى التوصية بأي من النظامين هو "الأنسب" أي ما يلائم المجتمع المصري وفقًا لظروف الواقع وأخذًا بالاعتبار أثر المتغيرات الجيوسياسية من حولنا، حيث يقتصر دورنا في الحوار الوطني على مجرد التوصية فنحن لسنا جهة تنفيذية ولسنا أيضًا جهة تشريعية.
وتمنى مقرر مساعد لجنة التضخم، أن يقوم الحاضرون سواء كانوا يمثلون مؤسسات سياسية أو كانوا من الخبراء المستقلين، بتقديم أوراق عملية تتضمن مقترحات واقعية تأخذ بالاعتبار خمسة محددات، وهي:
أولاً: أن الاعتبار الأساسي والوحيد هو وصول الدعم لمستحقيه بغض النظر عن شكل الدعم "نقدي أم عيني أم مختلط".
ثانيًا: وهو أمر يتعلق بعدالة التوزيع ويرتبط بالتحديد الواضح لتعريف من هم "مستحقو" الدعم في ضوء التغير الاجتماعي الذي شهدته التركيبة الطبقية مؤخرًا جراء انخفاض القوى الشرائية للأفراد والجماعات.
ثالثًا: وهو أمر يرتبط بقيمة الدعم بما يستدعي ضرورة النفاذ بشكل متعمق في تحديد قيمة السلع والخدمات الواجب دعمها أخذًا بالاعتبار مساهمة التغير المتوقع لأثر العملات الأجنبية في تحديد الأسعار من ناحية أن السعر يتحدد من خلال العرض والطلب ثم تتدخل الدولة بعد ذلك بالدعم، وهذا يأخذنا إلى ضرورة أن تتناول المناقشات مقترحات عملية حول سبل زيادة حصيلة العملات الأجنبية سواء بوسائل العمل على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو السياحة لأجل للوفاء بالفاتورة الاستيرادية.
ورابعًا: إعادة النظر في فلسفة إعداد الموازنة المصرية من خلال إعادة توجيه وتوزيع بعض الموارد وخفض الإنفاق الحكومي ودراسة تعظيم القوة الشرائية دون تحميل الموازنة العامة للدولة بمزيد من الأعباء ودون طباعة مزيد من النقود من خلال زيادة الحد الأقصى للإعفاء الضريبي على سبيل المثال.
أما المحدد الخامس والأخير فهو عابر لكل المحددات السابق الإشارة إليها ويتعلق بالرقابة على الأسواق وتمكين مؤسسات المجتمع المدني من ممارسة دورها لحماية المستهلك. وعلى هذا النحو، فأتمنى أن تكون النقاشات منفتحة على كل الحلول ولا جمود فيها، حيث لا قداسة لأي من النظامين عينيا كان أم نقديا أم خليطا بينهما، القداسة الوحيدة هي أن يصل الدعم لمستحقيه ضمانًا للتماسك المجتمعي في ظل متاعب هيكلية بالاقتصاد المصري وظروف جيوسياسية بالغة الصعوبة إقليميًا ودوليًا.
سامى: لا يمكن الاستغناء عن الدعم العيني في الوقت الراهن
فيما قال النائب محمود سامي، عضو مجلس الشيوخ، ومقرر مساعد أولويات الاستثمار العامة وسياسة ملكية الدولة، إنه لا يمكن الاستغناء عن الدعم العيني في الوقت الراهن، لافتا إلى أنه يؤيد وجود دعم نقدى موازى مثل معاش تكافل وكرامة.
وأكد مقرر مساعد أولويات الاستثمار في تصريح لـ "الدستور"، أنه مع فكرة استمرار الدعم العيني، خاصة على رغيف "العيش"، مشيرًا إلى أن هناك بعض النقاط يمكن تحويلها إلى دعم نقدي وأخرى لا يمكن تحويلها مثل رغيف "العيش".
وفي السياق، أكد الدكتور إسماعيل الشرقاوي مقرر مساعد لجنة الزراعة بالحوار الوطني، أن استعانة الحكومة بالحوار الوطني في مثل هذه القضايا الحيوية أكبر دليل على أنه أثبت نجاحه في التعاطي مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال الفترة الماضية.
وأضاف الشرقاوي في تصريح لـ "الدستور"، أن التحول إلى فلسفة الدعم النقدي بدلًا من الدعم العيني يحتاج إلى نقاش واسع، حيث يتعلق بإعادة هيكلة نظام الدعم الحكومي لتوزيع الموارد بشكل أكثر كفاءة وعدالة، وهو ما يتطلب إجراء دراسة وافية تتضمن استعراضًا لمزايا وعيوب كل من الدعم العيني والدعم النقدي، وسبل التحول، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه، وتجنب أي تداعيات سلبية.
وأشار مقرر مساعد لجنة الزراعة بالحوار الوطني، أنه مع تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي، ولكن بشروط وضوابط مع أهمية ربط الزيادات بالتضخم السنوي المعلن من البنك المركزي. التحول النقدي يغلق أبوابًا كثيرة، ولكن لا بد من اختيار التوقيت المناسب حتى لا يؤدي إلى مزيد من التضخم.
وشدد على أن هناك أهمية كبيرة لتنقية قاعدة بيانات المستحقين قبل أي تغييرات في منظومة الدعم، ولا بد أن يتم ذلك في إطار منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية تستهدف الأكثر فقرًا بطريقة علمية مع ضرورة عدم المساس بقيمة الدعم المقدم للمواطن.