المهمة الأخيرة.. بايدن يودع البيت الأبيض بصفقة "تبادل السجناء"
لم يرغب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في مغادرة البيت الأبيض دون تحقيق إنجازٍ دبلوماسيِّ في الأيام الأخيرة من ولايته الرئاسية، لتأتي صفقة تبادل السجناء مع روسيا للإفراج عن المحتجزين الأمريكيين، بوصفها الأكبر بين موسكو وواشنطن منذ الحرب الباردة كما وصفها الإعلام الأمريكي.
إطلاق سراح المحتجزين
في قاعدة "أندروز" الجوية قرب العاصمة الأمريكية واشنطن، استقبل الرئيس بايدن، ونائبته كامالا هاريس، مساء أمس الخميس، السجناء الذين أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل تاريخية مع موسكو.
وشملت الصفقة 24 سجينًا، وصفتها الصحف الأمريكية بالأكبر من نوعها منذ الحرب الباردة، حيث تم نقل السجناء - بمساعدة تركيا - من روسيا إلى أنقرة ثم للولايات المتحدة، فيما استعانت واشنطن بعدة دول لإتمام الصفقة.
وبموجب الصفقة، تم إطلاق سراح 16 سجينًا في روسيا، وهو ما وصفه الرئيس بايدن، بالإنجاز الدبلوماسي.
وأضاف بايدن، في كلمة له من البيت الأبيض، أن الصفقة تشمل إطلاق سراح 16، منهم 3 أمريكيين و5 ألمان و7 من السجناء السياسيين الروس.
"إيفان جيرشكوفيتش"
من أهم الأسماء التي تضمنتها الصفقة الأمريكية- الروسية، "إيفان جيرشكوفيتش" مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الذي احتجزته روسيا لأكثر من عام بتهمة التجسس وحكمت عليه في محاكمة سرية استمرت 3 أيام بالسجن 16 عامًا.
وقالت "وول ستريت جورنال" في تقريرٍ لها، إن الصفقة هي أكبر عملية تبادل أسرى وأكثرها تعقيدًا منذ الحرب الباردة، حيث تم تبادله مع أكثر من 12 آخرين، مقابل روس محتجزين في الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أفرجت موسكو عن الضابط الأمريكي السابق "بول ويلان"، والصحفية "ألسو كورماشيفا" و"فلاديمير كارا" الذي حُكم عليه بالسجن 25 عامًا بتهم تتعلق بالخيانة، كما أطلقت روسيا سراح عدد من المعارضين السياسيين.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الصفقة جاءت بمعاونة 6 دول على الأقل، وذلك بعد أشهر من المفاوضات على أعلى مستويات الحكومة في الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا، التي برز سجينها الروسي فاديم كراسيكوف، باعتباره المحور الرئيسي للصفقة.
وقال بايدن بعد لحظات من إطلاق سراحهم: "الصفقة التي ضمنت حريتهم إنجاز دبلوماسي.. لقد احتُجز بعض هؤلاء النساء والرجال ظلمًا لسنوات.. وتحملوا جميعًا معاناة لا يمكن تصورها، واليوم، انتهت معاناتهم"، موجهًا الشكر إلى الدول التي ساعدت في إتمام الصفقة.
كواليس الصفقة
وكشفت "وول ستريت جورنال"، عن كواليس الصفقة، مشيرة إلى مسئولين من البيت الأبيض ودبلوماسيين أمريكيين وموظفين من وكالة الاستخبارات المركزية قد جابوا أوروبا والشرق الأوسط بحثًا عن حكومات صديقة على استعداد للمساعدة في الإفراج عن الروس المحتجزين لديهم مقابل الأمريكيين المحتجزين لدى موسكو.
وأضافت الصحيفة أنه في يوم 21 يوليو الماضي، قبل حوالي ساعة من إعلان انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية، اتصل الرئيس بايدن، برئيس وزراء سلوفينيا، للمساعدة في إتمام الصفقة، فيما سافر مدير وكالة المخابرات المركزية "ويليام بيرنز" إلى تركيا الأسبوع الماضي لمقابلة نظيره هناك واستكمال إجراءات تأمين المبادلة.
وقالت الصحيفة إن هذا التبادل يقدم دليلًا صارخًا على عدم التماثل بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تم التفاوض عليه في ظل تصاعد التوترات بين روسيا والغرب بشأن الحرب في أوكرانيا.
المهمة الأخيرة
وذكر تقرير لـ"بي بي سي"، إن بادين يرغب في صقل إرثه قبل مغادرة البيت الأبيض، حيث صرَّح الشهر الماضي، بأن ليست لديه أولوية أعلى من إطلاق سراح "إيفان جيرشكوفيتش" و"بول ويلان" من السجن الروسي.
وذكرت الصحيفة، أن "بايدن" في الأيام الأخيرة من ولايته، وجد أن السياسة الخارجية هي أحد المجالات التي يمكن أن تحدث ضجة فيها، حتى عندما تم تهميشه من السياسة الانتخابية، لا سيما بعد الأداء الكارثي له في مناظرته الرئاسية أمام الرئيس الأمريكي الأسبق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في أواخر يونيو الماضي.
وفي حين أقرَّ "بايدن" بأن الوقت قد حان "لتسليم الشعلة"، فإن خطابه تضمن تذكيرًا بأن ولايته الرئاسية لم تنته، وأنه سيعيد الأمريكيين المعتقلين.
إنجاز دبلوماسي أم صفقة ضعيفة
وفي تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أشارت إلى أن الصفقة دفعت "بايدن" و"ترامب" إلى تبادل الاتهامات، حيث أشار الرئيس بايدن، إلى إطلاق سراح الأمريكيين المعتقلين باعتباره إنجازا لجهوده في تعزيز التحالفات الدولية.
وقال بايدن، أمس الخميس، وهو يعلن إطلاق سراح 3 مواطنين أمريكيين من السجون الروسية: "كانت الصفقة التي جعلت هذا ممكنًا إنجازًا دبلوماسيًا - وصداقة"، مضيفًا: "بالنسبة لأي شخص يتساءل عما إذا كان الحلفاء مهمين، فهم مهمون بالفعل.. واليوم مثال قوي على أهمية وجود أصدقاء في هذا العالم يمكنك الوثوق بهم والعمل معهم والاعتماد عليهم".
وعندما سُئل مباشرة عما سيقوله لترامب، الذي هاجم بايدن سابقًا بشأن الأمريكيين المحتجزين في الخارج، رد قائلًا: "لماذا لم يفعل ذلك عندما كان رئيسًا؟"، وبعد حوالي ساعة، انتقد ترامب الصفقة، قائلًا إنها "سابقة سيئة"، وأن المفاوضين الأمريكيين حصلوا على الطرف الأضعف من الصفقة.