جريمة فى حق تامر حسنى
لم أقترب من تامر حسنى بالقدر الذى يسمح لى بادعاء معرفته.. رأيته طفلًا.. يشارك صديقى النجم صبرى فواز بطولة فيلم قصير كان مشروعًا لتخرج الإعلامى عمرو الليثى.. وقتها أدركت أنه طفل موهوب وأنه سيصبح رقمًا فى قادم الأيام.. كان يمثل بعفوية شديدة جدًا.. ولديه قبول مدهش.. لم أكن أعرف أنه يغنى.. بعدها بسنوات وبالتحديد مطلع الألفية الجديدة.. جلست إليه لربع ساعة تقريبًا.. كان فى زيارة للزميل أحمد فايق بمقر جريدة صوت الأمة وتصادف أن جلس بالحجرة التى أعمل بها.. حكى عن نفسه وأسرته وظروفه وأحلامه.. عن مشاريع يحلم بأن تصبح واقعًا.. أعجبنى تفكيره.. قبل أن يعجبنى صوته.. وقتها كان يجهز لمجموعة أغنيات يشارك بها فى ألبومه الأول مع شيرين التى كنت أعرفها جيدًا.. وأدرك موهبتها وقدراتها.. وأشفقت عليه.. لكنه استطاع أن ينجح.. وأن يستمر.. والأهم أن يترك انطباعًا إيجابيًا لدى كل من يعرفه.. ثم كان أن تورط مع هيثم شاكر فى قضية الهروب من الجيش.. وكانت القصة كفيلة بأن تنهى وجوده فى عالم الغناء تمامًا.. لكنه سرعان ما تجاوز الأزمة.. واستكمل مشروعه وقصته.. كنت أراقب من بعيد خطواته.. ورحلة نمو صوته.. وألحانه.. تامر مطرب مميز لا شك فى ذلك عندى.. وملحن صاحب فكرة ونغمة مصرية متطورة.. والأهم قدرة على التطور دون الانزلاق فيما هو سائد من طفرات مستفزة.. فى عالم الغناء.. تامر له شخصية.. ومشروع.. وفى الكواليس الكثير من الحكايات عن جدعنة ومواقف محترمة سواء مع أسرته أو رفاق رحلته أو أناس عاديين ربما لا يعرفهم بشكل شخصى.. كل ذلك جعلنى أستغرب ما حدث منه تجاه أسرة الراحل عبدالعزيز عمار، الذى أعرفه جيدًا منذ جاء من كفرالشيخ يلهث وراء حلم مجنون اسمه الشعر.. عبدالعزيز عمار شاعر شاب.. طفل الملامح.. عرفته مع زميله الملحن والمطرب الموهوب بلدياته محمد الشاذلى واقتربت منه كثيرًا وهو يحاول أن يجد فرصته الأولى فى ليل القاهرة المجنون.. مع زميله فى كلية التربية الموسيقية الموسيقار محمد رحيم، وهو بلدياته أيضًا.. عبدالعزيز كان شخصًا طيبًا.. بسيطًا.. ودودًا.. لا يفكر فى مال أو سيارة أو حياة رغدة.. فقط كوب شاى وسيجارة وقصيدة جديدة.. وعندما عرف سكة كتابة الأغانى كان لا بد أن ينجح.. ونجحت أغنياته التى لم تكن تعجبنا.. مع روبى.. كنا نرى أنها أغنيات أقل من تجربته وموهبته.. لكنه كان مستعدًا أن يفعل أى شىء حتى يستطيع أن يصل للحظة يفرض فيها كلماته التى جاء بها من بلدته.. قدم أغنيات مهمة وجديدة، مثل أغنيته التى قدمها مع محمد محيى.. أغنية صدفة من ألحان مصطفى عوض.. ومع محمد فؤاد وكارول سماحة وتامر حسنى.. وبدأت الحياة تبتسم له.. وحققت أغنياته الأولى نجاحًا مبهرًا.. فتزوج وأنجب.. لكن السعادة لم تدم طويلًا.. فيروس «سى» اللعين نهش جسده.. وخطفه فى لحظة موجعة من أحضان أطفاله.. فى نفس عام رحيله تسربت إحدى أغنياته بصوت تامر حسنى وبهاء سلطان.. وبعد ١٢سنة من صدورها ونجاحها كشف تامر حسنى للإعلامية منى الشاذلى عن أنه لم يكن صوت بهاء سلطان، لكنه صوته وهو يقلد بهاء.. فعادت الأغنية للصدارة من جديد.. لكن الغريب أن تامر لم يذكر أنها من كلمات عبدالعزيز عمار.. ولم يقل إن أسرة الشاعر الراحل داخت فى المحاكم لسنوات لتحصل على حق شاعرها الأدبى والمادى.. كيف قَبِل تامر أن يأكل حق اليتامى كل هذه السنوات؟.. القضاء أنصف أرملة الشاعر الراحل.. وقضى بتغريم تامر حسنى.. الذى أستغرب موقفه تمامًا.. لقد تعاون مع عمار فى ثلاث أغنيات أخرى ناجحة.. وهذا يعنى أنه يعرفه جيدًا... فلماذا تقاعس عن تسليم أجر الشاعر لورثته؟.. هذه صورة تتناقض تمامًا مع ما أعرفه عن هذا النجم من أصدقاء مشتركين.. ولماذا سمح بأن تذهب أسرة شاعره إلى المحاكم من الأصل؟.. لقد حصلت أسرة الشاعر على حكم بتغريم تامر.. وأعتقد أن الخطوة التالية هى الحصول على تعويض مادى.. لماذا يسمح تامر من الأصل بانتظارهم لسنوات أخرى؟.. أكتب مجددًا فى هذا الأمر ليس من باب أنها جريمة فى حق تامر حسنى فقط.. ولكن لأشير مرة أخرى إلى أن قانون الملكية الفكرية بشكله الحالى لا يمنح المبدعين حقوقهم ويهدر سنوات من أعمارهم ويحتاج إلى تعديلات عاجلة.. خالص تحياتى لأرملة الشاعر الراحل التى كافحت كل هذه السنوات لتحصل على حق زوجها الأدبى.. والمادى.. وكم أتمنى أن يسرع تامر بإصلاح الأمر بما يرضى أبناء عبدالعزيز.. وأن يعتذر قبل ذلك وبعده لرجل ساهم فى نجاح مشروعه ولو بقدر يبدو للبعض صغيرًا.