هيثم الحاج على: رواية "الباص" حالة تمثيل لنمط السارد الزائر
تحدث الناقد دكتور هيثم الحاج علي، أستاذ مساعد الأدب العربي الحديث والنقد بكلية الآداب جامعة حلوان، عن رصد العالم الخارجي في رواية "الباص"، للكاتب صالح الغازي وذلك خلال مناقشة الرواية.
رواية "الباص" حالة تمثيل مهمة لنمط السارد الزائر
وقال هيثم الحاج على: تعتبر رواية الباص لصالح الغازي حالة تمثيل مهمة لنمط السارد الزائر الذي يحاول أن يرصد العالم من خارجه دون التورط فيه وذلك لأنه لا يعتبر نفسه جزءا من هذا العالم، وهو الأمر الذي يمكن النظر إليه من خلال مجموعة من السمات التي تحكم شخصية البطل هنا من حيث التقوقع على الذات الذي يظهر من خلال انعزاله اختياريا عن المجتمع من خلال استخدامه لسماعات التليفون شبه الدائم لسماع الموسيقى مثلا‘ ثم الترقب والتوجس حيث يبدو البطل على مدار الرواية يصنع المساحة الآمنة بينه وبين باقي الشخصيات الذين بدأ في تصنيفهم من حيث إمكانية إيقاع الأذى به وبحيث لم يصنع علاقة إنسانية سوى مع ابن صديقه القديم، الطفل الذي يبادله الشعور بالوحدة والاهتمام بألعاب الوجبات المفرحة.
من هنا سيبدو الاهتمام برصد التفاصيل الصغيرة في حياته والمقارنة الدائمة بين المجتمع الجديد والمجتمعات التي عاش فيها البطل من قبل كلها عناصر تتسق مع عدم وجود حبكة قصصية من النوع التقليدي حيث تشبه الرواية فكرة اليوميات إلى حد بعيد، وهو الأمر الذي يتضافر مع فكرة محاولة عدم الاندماج في المجتمع الجديد، أو التورط فيه، ومعاملة هذا المجتمع بوصفه حالة عابرة في حياته، هي حالة أشبه بما يحدث في الباص من حيث هو وسيلة غير خاصة يستقلها الراكب لبعض الوقت ولا يشعر أبدا بامتلاكه لها، ويتعامل مع الراكبين فيه وغن تكرروا من خلال معرفة عابرة لا يمكن أن تمتد لأكثر من ذلك.
من هنا جاءت تقنيات الرواية ولغتها في صورة محايدة كأنها تتوازى مع تلك الرغبة الشديدة في الرصد الخارجي غير المنحاز لا إلى العالم ولا إلى الشخصيات وهو ما نجحت الرواية في نقل حالته إلى القارئ.
وبدوره تحدث الدكتور إيهاب النجدي أستاذ الأدب العربي لافتا إلي أن رواية "الباص" مغامرة سردية جديدة، وشائقة في الحقيقة، عندما يشرع كاتب مقيم أو وافد إلى بلد خليجي في كتابة رواية، ويكون فضاؤها المكاني هو البلد نفسه الذي يقيم فيه، فإن أسئلة كثيرة تحاصر هذا العمل، وظنون أيضا، لكن أن يتلقاها القراء من المواطنين والمقيمين راضين مرضيين، كما هي الحال مع "الباص"، فهي إذن مغامرة أدبية ناجحة وتستحق التقدير.
وأضاف دكتور النجدي: الوطن حاضر في رواية الباص، والحنين مستبدٌ بالشخصية الرئيسة، يتوسل إلى ذلك بتقنية الاستدعاء تارة، أو بالقطع المتوازي (المونتاج) تارة أخرى، تحضر المحلة المدينة الصناعية الصغيرة وذكرياتها، وبرج الساعة المعروف وأثره في الناس، أسماء الشوارع المصرية في قلب الكويت شارع القاهرة، شارع عبد المنعم رياض.