محاولات يائسة للجماعة البائسة
لم أفاجأ ببيان وزارة الداخلية الذى أعلنت فيه القبض على الشخص الذى استخدم إحدى اللوحات الإعلانية فى شارع فيصل لنشر صور مسيئة للدولة المصرية، وتبين أنه فنى شاشات تم تحريضه من قبل جماعة الإخوان الإرهابية للقيام بتلك الجريمة، ويرجع السبب فى عدم مفاجئتى بما حدث أننى أعلم أن أجهزة وزارة الداخلية وقطاعاتها المختلفة لديها من الإمكانيات البشرية والتكنولوجية ما يؤهلها إلى ضبط مثل تلك القضايا مهما بلغت درجة تعقيدها.
وهناك سبب آخر يتعلق بجماعة الإخوان فى أنها تمر بأضعف أطوار حياتها، وإنها تعيش حاليًا فى مرحلة الأفول، وبالتالى تحاول كوادرها أن تلملم أشلاءها، وأن تثبت أنها ما زالت موجودة على الساحة، فتلجأ على شبكات التواصل الاجتماعى من خلال شبكات عنقودية لنشر الفتن وترويج الشائعات والإساءة إلى رموز الدولة، وذلك من منطلق أن هذه الجرائم الإلكترونية لا تحتاج إلى وجود الجانى فى مسرح الجريمة، وإنما تتم عن بعد ولا يتم فيها استخدام أسلحة أو الأدوات الأخرى التى تستخدم فى الجرائم الإرهابية الأخرى، إنما تتطلب معرفة الجانى بوسائل التكنولوجيا الحديثة.. كما أنها لا تتطلب مواجهات مع رجال الأمن ويصعب الإيقاع بمرتكبيها وهو ما يتطلب من الأجهزة الأمنية المهارة والخبرة المطلوبة فى تلك المواجهات وهو ما تم بالفعل، ويحسب لوزارة الداخلية فك طلاسم الجريمة فى أقل من 48 ساعة من وقوعها.
لقد اعتادت جماعة الإخوان الإرهابية رسم سيناريوهات مختلفة طبقًا لكل مرحلة تمر بها، وهى الآن فى مرحلة ضعف واستكانة، وهو ما جعلها تبحث عن أساليب جديدة لاستقطاب وتجنيد المستهدفين فى هذه المرحلة وهم كما رأينا إما متخصصون فى التكنولوجيا والسوشيال ميديا أو من لديهم القدرة على التغلغل بين أوساط الشعب لنشر الأكاذيب والشائعات بينهم، وهو ما يسمى بمرحلة «التهيئة» فى محاولة للظهور العلنى من جديد.
لقد شاءت طبيعة عملى أن أتعامل مع العديد من كوادر وقيادات جماعة الإخوان فيما قبل يناير 2011 وحتى أوائل عام 2013، حيث كانت تلك القيادات تحاول التودد لدى أجهزة الأمن مؤكدين سلمية تحركاتهم داخل إطار الدولة تحت شعار «مشاركة لا مغالبة»، وسرعان ما تحول ذلك إلى صدامات دامية عندما استولوا على السلطة، وراحوا ينشرون الذعر ويمارسون سياسة الإقصاء لكل من يقف أمامهم، ورأيناهم وهم يصدرون قرارات من مكتب الإرشاد للانفراد بحكم البلاد وإصدار قرارات رئاسية غير دستورية تعطى للرئيس سلطات مطلقة، وقاموا بإقالة النائب العام عبد المجيد محمود فى سابقة هى الأولى من نوعها، كما طالبوا أجهزة الأمن بمنع ملاحقة أى عنصر له علاقة بقوى الإسلام السياسى، وصدرت قرارات عفو رئاسى عشوائى للعناصر الإرهابية الصادر بشأنهم أحكام قضائية بالإضافة إلى منح ما يقرب من 80 ألف فلسطينى من قطاع غزة الجنسية المصرية بصورة أثارت علامات استفهام نحو مخطط لتوطين الفلسطينين فى سيناء.
ناهيك عن إجراء تعديلات وزارية دفعت من خلالها كوادر إخوانية فى المواقع الوزارية المهمة للسيطرة على مفاصل الدولة.. وغيرها من القرارات التى دفعت الشعب المصرى إلى الخروج فى 30 يونيو 2013 لإسقاط حكم تلك الجماعة المارقة وإلى سقوط حكم المرشد لتعود الجماعة مرة أخرى إلى مرحلة الكمون والاستكانة وترقب الأوضاع الداخلية للبلاد لعلها تستطيع أن تظهر مرة أخرى على ساحة الأحداث فهى لن تهدأ عن ممارسة نشاطها الجبان والمختفى وراء الحاسبات الإلكترونية الوهمية بأسماء مستعارة لنشر الأكاذيب والشائعات والتحريض مستغلين فى ذلك بعض الأشخاص الجهلاء أو من هم فى حاجة الى العمل أو المال لدفعهم بالقيام بأفعال تربك المشهد الداخلى للبلاد وتضعهم تحت طائلة القانون، أما المحرضون على ذلك فهم يقبعون فى جحورهم كالجرذان أو من الهاربين من البلاد لكونهم مطلوبين للعدالة فى قضايا تخريب وإرهاب وتحريض.
إن تاريخ تلك الجماعة بدأ أسود يعتمد على الكذب والقتل والترويع ودوافعهم أكثر سوادًا، حيث أثبتت القضايا التى تم ضبطها على مدى قرن من الزمان أن جماعة الإخوان الإرهابية وراء كل تنظيم إرهابى تم ضبطه مهما كانت المسميات التى تطلق عليه، وهى دائمًا ما تكون سندًا له لتحقيق أهدافهم المشتركة.. وما زال المخطط قائم وما زالت الضغوط تمارس علينا فى ظل ثبات الموقف المصرى من قضايا المنطقة شرقًا وغربًا وجنوبًا.. إلا أننا نراهن دائمًا على يقظة الشعب المصرى الذى اكتشف حقيقة تلك الجماعة الإرهابية البائسة، وكذلك تلك المحاولات اليائسة التى تحاول أن تطلع برأسها كرأس الأفعى لتثبت أنها ما زالت موجودة ولديها القدرة على الحركة والتأثير على الشعب المصرى الأصيل والذى اكتسب من الخبرة والوعى ما يمكنه من إجهاض أى محاولة يقوم بها أعداؤهم مهما حاولوا.
إننى أناشد من هنا جموع الشعب المصرى بضرورة اليقظة والاهتمام، والوعى بمحاولات تلك الجماعة البائسة التى تحاول الوصول إلى الشارع المصرى مرة أخرى، وأكبر دليل على ذلك تلك الدعوة مجهولة المصدر للنزول فى مظاهرات ضد النظام يوم الجمعة 12 يوليو، لجس نبض الشارع وعاودت الدعوة مرة أخرى فى الجمعة التالية 19 يوليو.. وبين الجمعتين تم تجنيد هذا الشخص الذى قام بعرض إعلانات مسيئة، وتم ضبطه واعترافه بالتحريض الذى تعرض له... كل هذه مؤشرات تدل على أنها تحاول ولكنها لن تنجح مرة أخرى فى أى خطوة تخطوها ما دمنا على قلب رجل واحد ينتمى لهذا الوطن العزيز ولدينا من الوعى ما يجهض تلك المحاولات أولًا بأول بإذن الله.