هل ينهي تشكيل "حكومة جديدة" الانقسام السياسي في ليبيا؟
اتفق نحو 130 من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، خلال اجتماعهم، أمس الخميس، في القاهرة على تشكيل حكومة جديدة لحسم النزاع بين حكومتي الوحدة المؤقتة وغريمتها على السلطة.
ودعا بيانهم الختامي للاجتماع مجلس النواب إلى فتح باب الترشح، وتلقي ملفات المرشحين لرئاسة ما وصفوه بحكومة كفاءات بقيادة وطنية تشرف على تسيير شؤون البلاد.
وأكد البيان ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفق القوانين المتوافق عليها، والصادرة عن مجلس النواب، مع العمل على استمرار توسعة دائرة التوافق، وتقديم مقترح خريطة طريق من قبل أعضاء المجلسين، باعتباره المسار الأساسي لاستكمال باقي الاستحقاقات الضرورية للوصول إلى الانتخابات.
نزع سلاح الميليشيات
وقال المحلل السياسي الليبي الدكتور محمد الزبيدي، إن البيان الختامي لاجتماع مجلسي النواب والدولة الذي احتضتنه القاهرة، لن يسجل اختراقا في حالة الجمود السياسي في المدى المنظور، لافتا إلى أن ما يجري مجرد أوهام لتخدير الليبيين، وأن المجتمع الدولي يسعى لحلحلة الأزمة وإنهاء الصراع والانقسام السياسي.
وأضاف الزبيدي لـ"الدستور"، أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للحد من الوجود الروسي المتمدد في إفريقيا، والروس يقايضون بصفقة أوكرانيا، والصين تقايض وجودها بإفريقيا بحل قضية تايوان، وتركيا تساوم بشمالي سوريا والعراق وبحر إيجة.
وتابع بقوله: أما القوى المحلية، فإن التغييرات الشكلية لا تؤثر على مواقفها وتحالفاتها ومراكزها، ولاتمس بمكتسباتها، وعلى مستوى الشارع فإن الأقاليم الثلاث برصد ميزانيات خاصة بها وتنفيذ مشاريع تنموية تحت إدارتها ستستفيد من بقاء حالة التشظي وانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، وغياب السلطة المركزية.
وأوضح الزبيدي، أن حل مشكلة ليبيا ينحصر في نزع سلاح المليشيات وخروج القوات الأجنبية. وعدا ذلك فهو مجرد إعادة تدوير للأزمة وإطالة أمدها في انتظار حل قضايا دولية وإقليمية بحيث تكون ليبيا ضمن صفقة تقاسم نفوذ القوى الكبرى استنساخا لما جرى في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
خطوة لكسر الجمود
في المقابل، يرى الحقوقي الليبي البارز الدكتور عبدالمنعم الحر، إن اجتماع القاهرة خطوة مهمة لكسر الجمود في مسار الملف السياسي الليبي من أجل توحيد السلطة التنفيذية وإجراء الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني.
وأضاف الحر لـ"الدستور"، أنه لا يجب إغفال مجموعة من العوامل التي قد تكون عائقا أمام نجاح هذه المبادرة، ومن أهمها الأطراف الإقليمية الأخرى التي تلعب دورا مهما في الملف الليبي، وكذلك القوى العسكرية الواسعة في وسط وغرب البلاد.
واستبعد الحر أن يقبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة ترك السلطة بالسهولة التي يتوقعها الكثير من متابعي الملف الليبي، مشيرا إلى أن الاتفاق الذي جاء به لسدة الحكم ينص صراحة بأنه يجب على هذه الحكومة تسليم السلطة لحكومة منتخبة.
وأشار إلى أن الليبيين أمام الحكومة الرابعة التي أوكلت لها مهمة إجراء الانتخابات، منوها بأن من توكلت لهم حل المشكلة هم جزء من المشكلة، وهم أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس الدولة، والأكثر تمسكا بالسلطة .
واختتم بالقول: أعتقد أن الحل الليبي يجب أن يكون بالاستفتاء على الدستور أولا، لأنها القضية الجامعة لليبيين، وهو أمر أيسر بكثير للهيئة الوطنية للانتخابات من إجراء الانتخابات نفسها.
القاهرة تحتضن الفرقاء
واجتمع أعضاء بمجلسي النواب والدولة في القاهرة، برعاية مصرية، ونقلت وسائل إعلام ليبية عن مصادر باللجنة السياسية، التابعة للبعثة الأممية، دعمها للاجتماع، شريطة عدم رفع سقف مطالب المجتمعين.
والاجتماع هو الثاني من نوعه، حيث سبق أن اجتمع أعضاء بالمجلسين في تونس خلال فبراير الماضي.