وثيقة المستقبل.. ماذا قال مدبولى أمام البرلمان فى «جلسة منح الثقة»؟
ألقى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اليةم، بيان الحكومة أمام مجلس النواب، بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور كامل تشكيل الحكومة التى أدت اليمين الدستورية مُؤخرًا، ويشمل برنامج عملها للسنوات الثلاث المقبلة، الذى يأتى تحت عنوان «معًا نبنى مستقبلًا مستدامًا».
وقال «مدبولى» إن برنامج الحكومة هدفه الأساسى تحسين واقع حياة المواطن المصرى والانتقال لمرحلة تطوير مستدام تنقل وطننا لمراتب أعلى وأسمى، مشيرًا إلى أن أعضاء الحكومة سيكونون فى الصفوف الأولى قولًا وعملًا لتحمل المسئولية فى خدمة الوطن.
وجدد مع النواب العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن، وتحقيق تطلعات المواطن المصرى، لافتًا إلى أن برنامج عمل الحكومة اعتمد بشكل رئيسى على مستهدفات رؤية مصر ٢٠٣٠، وتوصيات جلسات الحوار الوطنى، ومختلف الاستراتيجيات الوطنية، والبرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية، حيث تسعى من خلال هذا البرنامج إلى تحسين واقع حياة المواطن بجميع جوانبها، والانتقال إلى مرحلة جديدة من التطوير المستدام الذى يضع وطننا فى المكانة التى تليق به.
ووجه رئيس مجلس الوزراء الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى لتجديد الثقة فيه لتشكيل الحكومة مرة أخرى، كما تقدم أيضًا بخالص الشكر والتقدير لأعضاء الحكومة السابقة على جهودهم المخلصة وتفانيهم فى خدمة الوطن والمواطنين.
محاور العمل
المحور الأول.. المَعنِى بحماية الأمن القومى وسياسة مصر الخارجية
يتضمن هذا المحور العمل على تحقيق الأمن القومى بمفهومه الشامل، بما يضمن حماية أمن واستقرار الحدود، ودعم القدرات العسكرية لجيشنا فى مواجهة التهديدات، وتعزيز أمن البحر الأحمر وقناة السويس، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود والاتجار بالبشر، فضلًا عن تطوير السياسة الخارجية لمصر، وتعزيز دورها فى محيطها العربى والإفريقى والدولى، بالإضافة إلى تعزيز مشاركتها فى المنظمات الدولية.
ونؤكد على مواصلة الدبلوماسية المصرية جهودها فى مختلف المحافل الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، لا سيما فى إطار الأمم المتحدة، وتطبيق مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب تشمل كذلك المحاور الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والفكرية والثقافية والتعليمية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الدولية لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، وبناء قدرات الدول فى هذا المجال.
ونحرص على الاستمرار فى تعزيز العلاقات المصرية العربية سواء مع دول الخليج أو مع دول المشرق والمغرب العربى، وكذلك دول الجوار الجغرافى، على المستوى الثنائى وعبر جامعة الدول العربية، اتصالًا بالأهمية الاستراتيجية لتلك العلاقات وباعتبارها صمام أمن للمنطقة وشعوبها ككل وبهدف صيانة والحفاظ على الأمن القومى العربى، مع المبادرة نحو التفاعل والإسهام، قدر المستطاع، فى تشكيل توازنات إقليمية والاضطلاع بأدوار وساطة بما يسهم فى ترسيخ موقع مصر كفاعل رئيسى فى المشهد الإقليمى.
خلال فترة البرنامج، سنسعى بجدية لتعظيم الشراكات الاستراتيجية الدولية والتجمعات الدولية التى انضمت لها مصر حديثًا. فالانضمام إلى هذه التجمعات والتحالفات الدولية يعزز من موقف مصر على الساحة العالمية ويتيح فرصًا جديدة للتعاون فى مختلف المجالات الاقتصادية، السياسية، والاجتماعية. كما يدعم التنمية المستدامة، وتحسين الاقتصاد الوطنى، وتوفير فرص عمل جديدة، ويسهم فى تبادل الخبرات والتكنولوجيا وتعزيز القدرات الوطنية لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة.
هذا إلى جانب الاستمرار فى سياسات التوازن الاستراتيجى التى تنتهجها الدولة المصرية فى ظل حالة الاستقطاب الدولى، ومواصلة الدور المصرى الرائد فى إطار النظام متعدد الأطراف، والعمل من خلال المجموعات السياسية والإقليمية للدفاع عن المصالح المصرية فى المحافل الدولية.
وباعتبار أمن مصر المائى، والأمن الغذائى، وأمن الطاقة، والأمن السيبرانى، جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى؛ فإن هذا المحور يشمل: العمل على تحقيق حماية أمن مصر المائى من خلال تعزيز التعاون الثنائى مع دول حوض النيل والقرن الإفريقى، وعدم التفريط فى حصة مصر من مياه النيل والتى تمثل الحياة لكل المصريين، وتقليل الفاقد من المياه وترشيد استخدام مياه الرى، وحماية الموارد المائية من التلوث. هذا فضلًا عن الأمن الغذائى وزيادة المخزون من المحاصيل الاستراتيجية، ورفع جودة المنتجات الزراعية، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.
ويَتضمَّن المحور أيضًا أمن الطاقة من حيث تأمين وتنويع موارد الطاقة التقليدية والمتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة والبنية التحتية، وتطوير شبكات نقل وتوزيع الطاقة بما فيها الشبكات الإقليمية مع دول الجوار، مع تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة، وتطوير الثروة المعدنية والبترولية وصناعة البتروكيماويات.
كما يهدف المحور إلى تعزيز الأمن السيبرانى، والأطر التنظيمية والتشريعية، والتعاون الدولى فى مجال الأمن السيبرانى. هذا فضلًا عن تعزيز القوة الناعمة لمصر، وصورة مصر الدولية والأداء المصرى فى المجالات الثقافية والإعلام والاتصال.
هذا، وتؤكد الحكومة حِرصها على ترسيخ الثقافة والهُوية الوطنية، وتجديد الخطاب الدينى، وتعميق الوعى الثقافى والإبداعى.
المحور الثانى.. المَعنِى ببناء الإنسان المصرى وتعزيز رفاهيته
يتضمن هذا المحور سبعة محاور فرعية، هى: الحماية الاجتماعية، والصحة، والتعليم، وتمكين الشباب والمرأة، والتشغيل والقوى العاملة، والإسكان والمرافق.
لقد وضعت الحكومة رؤية استراتيجية متكاملة لبناء الإنسان المصرى، إيمانًا بدوره الرئيسى فى عملية التنمية الشاملة. ويأتى هدف توفير مظلة الحماية الاجتماعية على رأس أولويات برنامج العمل، وذلك من خلال تحسين مستوى معيشة الأسر، والعمل على التمكين الاقتصادى لها، والتوسع فى تمويل المشروعات المُنتِجَة لتلك الأسر والمُولِّدة لفرص العمل.
سنستمر فى تقديم برامج الحماية الاجتماعية، وتوسيع نطاق تغطيتها، وتوجيهها للأسر المستحقة، هذا بالإضافة إلى حماية وتمكين العمالة غير المنتظمة، مع التأكيد على مد مظلة الحماية لتشمل كبار السن وذوى الهمم الذين نسعى إلى تمكينهم اقتصاديًّا وإدماجهم اجتماعيًّا.
كما سنستكمل تنفيذ الأهداف الاستراتيجية لقطاع الصحة؛ للنهوض به خلال المرحلة المقبلة، والتوسع فى مظلة التأمين الصحى الشامل على مستوى المحافظات، وإتاحة خدمة صحية متميزة وعالية الجودة، ورفع كفاءة العاملين فيه.
تحرص الحكومة على الارتقاء بجودة المنظومة التعليمية، ورفع كفاءة المؤسسات التعليمية، ونعمل على رفع كفاءة وأداء المعلمين وتدريبهم على أحدث الأساليب التعليمية، مع التأكيد على إتاحة التعليم للجميع، وتعزيز دور البحث العلمى فى الجامعات والمراكز البحثية، وتنويع مصادر التمويل.
ونؤكد على إعطاء الأولوية لإنشاء المدارس الجديدة بالمناطق الأعلى كثافة من حيث الطلاب والمناطق النائية، كما نولى اهتمامًا بالتعليم الفنى لتخريج طلاب مزودين بأحدث المهارات والتقنيات، ونستهدف إنشاء ٦٢ مدرسة فنية وتكنولوجية حتى عام ٢٠٢٦ فى إطار من الشراكة مع القطاع الخاص فى إدارة وتشغيل تلك المدارس.
نستهدف التوسع فى مدارس النيل والمتفوقين، وإضافة ١٠٠ مدرسة جديدة من المدارس اليابانية حتى عام ٢٠٢٦، لتقدم مناهج تعليمية متطورة، مع إتاحة فرص الالتحاق بها لأبنائنا الطلاب من الأسر المتوسطة.
كما نحرص على التوسع فى مؤسسات التعليم العالى، خاصة التى تقدم برامج تعليمية حديثة، ويحظى التعليم التكنولوجى باهتمام كبير، حيث نسعى إلى التوسع فى إنشاء جامعات تكنولوجية مجهزة بأحدث الأجهزة والوسائط التكنولوجية بما يتوافق مع المعايير العالمية، لتأهيل خريجين قادرين على تلبية متطلبات سوق العمل.
تؤمن الحكومة بأهمية دور الشباب والمرأة؛ حيث يستهدف البرنامج تعزيز دور الشباب من خلال تمكينهم، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، إلى جانب الارتقاء برأس المال البشرى. كما نستهدف التمكين الاقتصادى والسياسى والاجتماعى للمرأة من خلال توفير فرص الترقى العملى والعلمى لها، وتشجيعها على ريادة الأعمال، هذا إلى جانب الاهتمام بصحة المرأة من خلال التوسع فى تقديم برامج الرعاية الصحية لها بمختلف مراحلها العمرية، مع التوسع فى توفير خدمات الصحة الإنجابية ووسائل تنظيم الأسرة فى كل أنحاء الجمهورية، خاصة فى المناطق الفقيرة.
كما نؤكد حرص الحكومة على زيادة فرص العمل، وخفض معدل البطالة، الذى تراجع إلى ٦.٧٪ خلال الربع الأول من عام ٢٠٢٤؛ وهو أقل معدل بطالة خلال العشرين عامًا الماضية. ويسعى البرنامج إلى رفع كفاءة المشتغلين فى سوق العمل من خلال مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى تسهيل التوظيف وخلق فرص عمل من خلال تحسين بيئة الأعمال وتحفيز الإنتاجية وتنمية القطاعات الرائدة كثيفة العمالة، مع تحسين أوضاع العمالة المصرية بالخارج.
هذا، وقد أولَت الحكومة اهتمامًا خاصًّا بسياسات الإسكان والمرافق والتخطيط العمرانى. وفى هذا الإطار، فإننا نستهدف التوسع فى المدن المستدامة ومدن الجيل الرابع، والارتقاء بمستويات التحضر والتطور العمرانى مع ضمان الاستدامة البيئية، هذا وقد انتهينا بالفعل من تطوير المناطق غير الآمنة وسيكون التركيز على تطوير المناطق غير المخططة، مع توفير المسكن الملائم لمختلف شرائح الدخل. فضلًا عن العمل على سرعة توفير خدمات صرف صحى لجميع المواطنين، وتنمية وتطوير القرى المصرية.
المحور الثالث.. المَعنِى ببناء اقتصاد تنافسى جاذب للاستثمارات
يتضمن هذا المحور ثلاثة محاور فرعية، هى: ترسيخ دعائم النهوض الاقتصادى، وتمكين القطاع الخاص، وضبط الأسعار والحد من التضخم.
يُعَدُّ بناء اقتصاد مرن قادر على مواجهة التقلبات والتغيرات العالمية المتسارعة، ولديه مقومات الانطلاق والنمو المستدام، وجاذب للمستثمر المحلى والأجنبى، من أهم المحاور التى يعمل البرنامج الحكومى على تحقيقها. وقد شهدت الفترة الماضية صمود الاقتصاد المصرى فى مواجهة العديد من الأزمات الخارجية والداخلية، واستطعنا تجاوزها بفضل برامج الإصلاح الهيكلى التى تبنتها الحكومة والسياسات والإجراءات الداعمة لمناخ الاستثمار.
وفى هذا الإطار، نستهدف فى العام الأول تحقيق معدل نمو يبلغ ٤.٢٪، على أن نحقق معدلات نمو تتجاوز ٥٪ كمتوسط خلال فترة البرنامج، مع التحول نحو دور أكبر للقطاع الخاص فى توليد الناتج وفرص العمل، وتحقيق نمو احتوائى قادر على خلق المزيد من فرص العمل اللائقة، ومواصلة دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى، فضلًا عن خلق اقتصاد تنافسى قائم على المعرفة، ومنع الممارسات الاحتكارية.
تُواصل الحكومة مسيرة الإصلاح الاقتصادى عبر تبنى إصلاحات اقتصادية كلية، وذلك من خلال الانضباط المالى وتعزيز الاستدامة المالية، وزيادة الإيرادات العامة بنحو ١٦٪ فى المتوسط سنويًا حتى عام ٢٠٢٦/٢٠٢٧، وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق العام، وخفض إجمالى الدين العام، وتعزيز الشفافية المالية.
كما سيعمل البرنامج على ضمان التمكين الاقتصادى والتنمية المكانية المتوازنة؛ فمن المستهدف خفض فجوة النوع فى سوق العمل ورفع نسبة مشاركة الإناث فى القوى العاملة إلى ١٩٪ بحلول عام ٢٠٢٦/ ٢٠٢٧، وزيادة معدلات التشغيل إلى ما لا يقل عن ٣٧٪ فى محافظات الوجه القبلى، و٤٥٪ فى المحافظات الحدودية.
هذا، ونستهدف مساهمة الاقتصاد الأخضر فى الناتج المحلى الإجمالى، من خلال مضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالى الاستثمارات العامة إلى نحو ٥٥٪ عام ٢٠٢٦، وأن تصبح مصر مركزًا عالميًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام ٢٠٣٠.
كما ستعمل الحكومة على حفز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وفى هذا الإطار نتبنى استراتيجية قومية للاستثمار «٢٠٢٤ - ٢٠٣٠» تهدف إلى تشجيع الاستثمار فى عدد من القطاعات ذات الأولوية الداعمة للمستهدفات القومية للنمو الاقتصادى، مع زيادة الاستثمارات الخاصة إلى مستويات تتراوح بين ٦٠٪ و٦٥٪ من إجمالى الاستثمارات، ورفع معدل النمو السنوى للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى نحو ١٤٪.
هذا فضلًا عن ربط الحوافز والإعفاءات الضريبية للاستثمار المحلى والأجنبى المباشر بالأنشطة والصناعات المستهدفة وكذلك بنسبة صادراته للخارج. بالإضافة إلى استكمال العمل على تطوير المنظومة الجمركية بكل عناصرها، وزيادة فعالية جميع الأجهزة الرقابية؛ لتخفيض زمن الإفراج الجمركى.
سنواصل مسيرة الإصلاح الهيكلى والمؤسسى، حيث تعمل الحكومة على تطوير هيكل النشاط الاقتصادى، لنتحول إلى اقتصاد تنافسى من خلال تعميق الصناعات المحلية، وتوطين الصناعات المتقدمة، والاستفادة من المزايا التى تتمتع بها مصر فى عدد من القطاعات التى يأتى على رأسها قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفى سبيل تحقيق ذلك نتبنّى سياسات تستهدف زيادة نصيب قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى ٣٨٪ فى عام ٢٠٢٦/٢٠٢٧.
نُولى اهتمامًا كبيرًا لتطوير الصناعة الوطنية كإحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وقد تضمنت الجهود المبذولة تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات البيروقراطية لدعم المستثمرين المحليين والأجانب، وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا فى قطاع الصناعة. كما تم إطلاق مبادرات لتعزيز قدرات الصناعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة تنافسيتها فى الأسواق المحلية والدولية.
بالإضافة إلى ذلك، ركزت الحكومة على تحديث البنية التحتية الصناعية وتوفير التدريب المهنى المتقدم للعمال، بهدف خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الإنتاجية. ونهدف من هذه الجهود إلى تحقيق نمو اقتصادى متوازن وزيادة مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى.
وضعنا برنامجًا لتحفيز وزيادة الإنتاجية وتنمية القطاعات الرائدة كثيفة العمالة، نعمل من خلاله على تعميق التصنيع المحلى فى الصناعات كثيفة العمالة، ونتبنى تنفيذ برنامج قومى بقيادة أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا بالتنسيق مع الجهات المعنية؛ لزيادة مستويات الإنتاجية وفق مستهدفات واضحة بالتركيز على القطاعات الاقتصادية الرائدة.
اتخذنا خطوات جادة لتنفيذ خطة استثمارية لتوطين وتعميق الصناعة المحلية لنحو ١٥٢ فرصة استثمارية محددة على المستوى القومى بهدف توطين وتعميق التصنيع المحلى، بالإضافة إلى إطلاق خريطة استثمارية شاملة وديناميكية، تعرض جميع الفرص الاستثمارية فى صورة مشروعات قابلة للتمويل موزعة على مستوى المحافظات.
إننا نؤكد سعيَنا المستمر لزيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية، وفى هذا الإطار نستهدف زيادة معدل نمو الصادرات بما يتجاوز ١٥٪ سنويًا، من خلال تحفيز الصادرات السلعية والبترولية وتعزيز الصادرات الخدمية.
نُولى اهتمامًا كبيرًا لقطاع الزراعة والذى كان أحد القطاعات الرئيسية فى برنامج الإصلاحات الهيكلية، وقد شهد تطورًا ملحوظًا فى السنوات الأخيرة، ونستهدف فى برنامجنا تنمية القطاع الزراعى والصناعات الزراعية من خلال التوسع الأفقى وتوسيع مساحة الأراضى الجديدة المستصلحة فى المناطق الصحراوية باستخدام الموارد المائية الجوفية وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعى. كما نتبنى تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية للمحاصيل الزراعية، ونعمل على تحسين إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية من خلال استنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية وقليلة الاحتياج المائى ومتحملة للتغيرات المناخية.
نضع نُصب أعيننا ما تتمتع به مصر من مزايا وفرص فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ونعمل على تأهيل الموارد البشرية للعمل فى ذلك القطاع الواعد من خلال مضاعفة أعداد المتدربين فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتصل إلى مليون متدرب بحلول عام ٢٠٣٠، وزيادة أعداد المتدربين فى نوادى تكنولوجيا المعلومات. ونسعى إلى التوسع فى إقامة مراكز إبداع مصر الرقمية بهدف الوصول إلى مركز فى كل محافظة.
كما نعمل على تعميق الصناعة التكنولوجية المتخصصة من خلال توفير التسهيلات والحوافز للشركات الأجنبية لتصنيع هواتف المحمول الذكية وأجهزة الحاسب اللوحى، وصناعة السيارات الكهربائية، وإنشاء مراكز تميز لشركات عالمية متخصصة، واحتضان العديد من الشركات الناشئة.
ستستمر الحكومة فى بذل جهودها الدءوبة لتحقيق هدف جذب ٣٠ مليون سائح بحلول عام ٢٠٢٨، وذلك من خلال تنفيذ استراتيجيات متعددة تهدف إلى تعزيز القطاع السياحى وجعله أكثر تنافسية واستدامة. وتشمل هذه الجهود تطوير البنية التحتية السياحية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسياح، وتوسيع العروض السياحية لتشمل مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية والترفيهية والبيئية. كما تعمل الحكومة على الترويج لمصر كوجهة سياحية عالمية من خلال حملات تسويقية دولية ومشاركات فعالة فى المعارض السياحية العالمية. إن تحقيق هذا الهدف سيسهم بشكل كبير فى دعم الاقتصاد الوطنى وتوفير فرص عمل جديدة وزيادة الدخل القومى.
يستهدف برنامج العمل أيضًا تحويل مصر إلى مركز عالمى للوجستيات والتجارة، من خلال تبنى العديد من الإجراءات التى منها: إنشاء مراكز لوجستية دولية متكاملة بجوار الموانئ البحرية، من خلال تطوير ٧ ممرات لوجستية دولية تنموية متكاملة لربط مناطق الإنتاج «الصناعى، الزراعى، التعدينى، الخدمى» بالموانئ البحرية بوسائل نقل سريعة وآمنة مرورًا بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية المتكاملة، فضلًا عن تطوير الموانئ البحرية من خلال إنشاء أرصفة جديدة ليصل إجمالى أطوال الأرصفة بالموانئ البحرية إلى ١٠٠ كم، وتطوير الأسطول البحرى المصرى ليكون قادرًا على نقل ٢٠ مليون طن بضائع متنوعة سنويًا.
كما نعمل على تكوين شراكات استراتيجية مع كبرى شركات إدارة وتشغيل محطات الحاويات العالمية والخطوط الملاحية العالمية لضمان وصول وتردد أكبر عدد ممكن من السفن العالمية على الموانئ المصرية، واستكمال مخطط تنفيذ إنشاء عدد ٣١ ميناءً جافًا ومنطقة لوجستية على مستوى الجمهورية.
ستواصل الحكومة جهودها فى تعزيز قطاع التشييد والبناء من خلال استمرار إعمال منظومة التخطيط العمرانى، وتبسيط وتسريع عمليات الترخيص والموافقة على مشروعات البناء من خلال تنفيذ منصات رقمية لتقديم الطلبات والموافقات، كما نعمل على تفعيل تعديلات قانون التصالح فى مخالفات البناء رقم ١٨٧ لسنة ٢٠٢٣ ولائحته التنفيذية، وقد أطلقنا المنظومة الإلكترونية لقانون التصالح فى إطار الحرص على تقديم الخدمات للمواطنين بطريقة ميسرة وبسيطة، كما سنعمل خلال البرنامج على بناء نحو ٥٠٠ ألف وحدة سكنية بديلة بالمناطق غير المخططة، هذا بالإضافة إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية.
ونؤكد حرصنا الدائم على زيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى، ومن أجل ذلك استهدفنا عددًا من البرامج الرئيسية تتمثل فى: مواصلة تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصول، وتنظيم ملكية الدولة فى الشركات المملوكة لها، وتعظيم العائد على الأصول المملوكة للدولة، وإعادة هيكلة الهيئات الاقتصادية، والاستمرار فى برنامج الطروحات، فضلًا عن تعزيز المنافسة العادلة فى الأسواق الإنتاجية، وتحسين بيئة الأعمال، وتسهيل الأعمال التجارية، مع تبنى سياسات وبرامج تستهدف جذب الاستثمارات، وتبسيط الإطار التشريعى والتنظيمى.
لقد تسبَّبت الأزمات الاقتصادية المتلاحقة فى ارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمى، ولم تكن مصر بمعزل عن هذه الأزمات؛ فقد شهدت الأسواق المصرية ارتفاعًا غير مسبوق فى أسعار العديد من السلع والمنتجات، ومع انحسار الضغوط التضخمية خلال عام ٢٠٢٤ استهدفت الحكومة تنفيذ مجموعة برامج، يأتى على رأسها ضمان توافر جميع السلع فى الأسواق المحلية، والتوسع فى الإنتاج الزراعى والغذائى مع ضمان تحقيق الاستقرار السعرى. هذا فضلًا عن تطوير منظومة سلاسل التوريد، ورقمنة أسواق السلع الرئيسية. وقد لمسنا مؤخرًا تراجع معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية ليسجل ٢٧.٤٪ فى مايو ٢٠٢٤ بعد أن وصل إلى ٣٩.٧٪ فى أغسطس ٢٠٢٣، وستستمر جهودنا لخفض هذا المعدل وتخفيف الأعباء على المواطنين.
نسعى باستمرار نحو رفع كفاءة الأداء الحكومى، وقد استهدفنا عددًا من البرامج يأتى فى مقدمتها: دعم التحول الرقمى من خلال تعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى جميع القطاعات عبر تطوير بنية تحتية رقمية قوية تشمل شبكات اتصالات فائقة السرعة ومراكز بيانات آمنة وبرامج وخدمات رقمية سهلة الاستخدام، ومواصلة ميكنة منظومة الخدمات الحكومية الرقمية فى جميع الخدمات الاستراتيجية والحيوية بالنسبة للمواطن.
كما سنعمل على تطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعى فى قطاعات الرعاية الصحية، والتعليم، والزراعة، والنقل، والخدمات اللوجستية، وفى خدمة العملاء والشكاوى الحكومية، بالإضافة إلى تطوير برامج تدريبية لرفع القدرات والمهارات فى مجال الذكاء الاصطناعى.
المحور الرابع.. المتمثل فى تحقيق الاستقرار السياسى والتماسُك الوطنى
لتحقيق ذلك، فإن برنامج عمل الحكومة فى هذا المحور يقوم على مبادئ رئيسية حاكمة تضم:
- دولة ديمقراطية مدنية: تقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون، وإعلاء قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وتدعم الحقوق والحريات.
- دولة تُعلى من قيمة المواطن: وتسعى إلى بناء الإنسان المصرى بناء متكاملًا صحيًا وعقليًا وثقافيًا.
- دولة قوية: تمتلك القدرات الشاملة عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وتسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار والتنمية.
- دولة ذات مكانة رائدة إقليميًا ودوليًا: تقوم بدور فاعل فى مختلف القضايا الإقليمية، وتحقق التوازن فى علاقاتها الخارجية.
ومن هذا المنطلق، تَضمَّن هذا المحور تعزيز المشاركة السياسية والحكم الرشيد، وذلك من خلال دعم اللا مركزية وتمكين المجتمع المحلى، عن طريق العمل على سرعة إصدار قانون المجالس الشعبية المحلية وسرعة إجراء انتخاباتها، والتوافُق على النظام الانتخابى للمجالس الشعبية المحلية، بالإضافة إلى إتاحة آليات وتدابير لإشراك المواطنين فى التخطيط وإدارة المشروعات والمرافق، عبر تشكيل لجان التخطيط التشاركى الذى أسهمت تجربة حياة كريمة فى توضيح وترسيخ معانيه.
تؤكد الحكومة على أهمية تعزيز التواصل السياسى مع كل مكونات المجتمع المصرى كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الشمولية والوحدة الوطنية. وتسعى الحكومة من خلال هذا التوجه إلى فتح قنوات حوار فعالة مع جميع الأطياف والفئات المجتمعية لضمان مشاركة واسعة فى عملية صنع القرار وتعزيز التفاهم المشترك. يشمل هذا التواصل الاجتماعات الدورية مع مجلس أمناء الحوار الوطنى، وممثلى المجتمع المدنى، والنقابات، والأحزاب السياسية، والشباب، والمرأة، والمجموعات المهمشة، لضمان سماع أصواتهم وتلبية احتياجاتهم. كما تلتزم الحكومة بتعزيز الشفافية وتوفير المعلومات اللازمة للمواطنين حول السياسات والقرارات الحكومية، مما يسهم فى بناء الثقة وتعزيز الانتماء الوطنى.
هذا مع التأكيد على تعزيز حقوق الإنسان من خلال الاهتمام بالفئات الأَوْلَى بالرعاية، وتفعيل القانون رقم ١٩ لسنة ٢٠٢٤ الخاص برعاية حقوق المسنين وإصدار لائحته التنفيذية، مع مواصلة العمل على ضمان عدالة توزيع ثمار التنمية، ودعم تحقيق التنمية فى المحافظات الحدودية، بما يضمن اندماجها فى المشروعات القومية الضخمة، مع التركيز على نشر روح التسامح لتقليل جميع أشكال العنف فى المجتمع، وتعزيز التواصل بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال حقوق الإنسان.
وستحرص الحكومة على تعزيز البنية التشريعية التى تكفل للمجتمع المدنى ممارسة دوره بحرية واستقلالية، والنظر فى التعديلات المقدمة من خلال المرحلة الأولى للحوار الوطنى، وكذلك تفعيل دور النقابات المهنية. فضلًا عن تعزيز ثقة المواطنين بالحكومة، وخاصةً فيما يتعلق بتعزيز مشاركة الشباب والمرأة فى الحياة السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال طرح مبادرات لتعزيز المشاركة السياسية للشباب والتوعية بحقوقهم المدنية والسياسية.
هذا، ونؤكد على بناء أواصر الثقة بين المواطن والدولة، وذلك من خلال: تعميق الشفافية والمُساءَلة المجتمعية، والاستجابة لمطالب واحتياجات المواطنين، وتعزيز سيادة القانون، مع مواصلة التوسـُّع فـى أعمـال مَيْكَنـة إجـراءات التقاضـى فـى المحاكـم والجهـات المعاونـة لهـا.
التحديات الكبرى
الوجه الأول:
يرتبط بإكمال المسيرة التى بدأتها مصر منذ عشر سنوات، والتى بذلت فيها الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى جهدًا كبيرًا فى تطوير البنية التحتية، ومشروعات الطاقة، واستصلاح الأراضى وتطوير الصناعة، وتطوير العشوائيات، وتوفير الإسكان الاجتماعى لقطاعات عريضة من السكان، وتوفير شبكة حماية اجتماعية متكاملة للفئات الأكثر احتياجًا، وتطوير خدمات الصحة مع تقديم مبادرات ناجحة فى القضاء على الأمراض المزمنة، والتوسع فى إنشاء الجامعات والمدارس، والعمل على تقديم نوعية جيدة من التعليم، وتقديم مبادرات تنموية كبرى مثل مشروع حياة كريمة لتحسين جودة الحياة فى القرى، ومبادرة مائة مليون صحة، ومبادرة تكافل وكرامة.
الوجه الثانى:
يرتبط بتحديات جديدة خلقتها الأزمة الاقتصادية العالمية التى ترتبت على الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من تعطل لحركة الأسواق العالمية. هذه الأزمة التى تسببت فى زيادة غير مسبوقة فى الأسعار، وأثرت على مستوى العرض لسلع بعينها. لقد أدى هذا المشهد إلى صور من المعاناة بالنسبة للمواطن فى كل دول العالم. وقد أثبت المواطنون المصريون أنهم على قدر المسئولية، فتحملوا الأمر بقوة وصلابة.
الوجه الثالث:
يرتبط بالصراعات التى يشهدها الإقليم، الذى تقف مصر فى قلبه، ولا تَخْفى علينا جميعًا الصراعات والحروب التى تنشب هنا وهناك فى كل الاتجاهات، والتى كان آخرها الحرب الظالمة التى تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية. وتبذل الدولة المصرية جهودًا كبيرة فى مواجهة هذه التحديات الإقليمية، وتلعب دورًا بارزًا فى الدعوة إلى السلام والوئام، وتبذل قصارى جهدها لوقف الحرب فى غزة والعمل على قيام دولة فلسطين المستقلة، وقد كان لهذه الحرب تداعياتها شديدة السلبية على موارد الاقتصاد المصرى، وعلى رأسها إيرادات قناة السويس، والتهديدات الحالية لحركة التجارة الدولية فى منطقة البحر الأحمر.
وعد قاطع حول الكهرباء والأسعار
لمسنا جميعًا معاناة المواطنين من مشكلة انقطاع الكهرباء، وأُعاهدكم أن تعمل الحكومة بكل عزم وإصرار على القضاء على هذه المشكلة نهائيًا خلال نصف العام الأول من برنامجنا.
كما لمسنا معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار، وبذلنا جهودًا كبيرة لضبط الأسواق، وسارعنا بضخ المزيد من الكميات من السلع لضمان توافرها، وقد أسفرت تلك الجهود عن تراجع معدلات التضخم فى الشهرين الأخيرين، ونستهدف مزيدًا من التراجع خلال الفترة المقبلة.
رسائل للشعب
- مصر قادرة، وتمتلك من الثروات الطبيعية والبشرية، ومن الإمكانات، ما يجعلها قادرة على أن تكمل مسيرتها فى المستقبل بكل ثقة واطمئنان.
- كل الإنجازات التى تتم على هذه الأرض هى إنجازات الشعب المصرى، وما الأفراد كبيرهم وصغيرهم إلا تروس فى الآلة المصرية الكبيرة، آلة الشعب الذى صنع الحضارة، والذى لا يزال يصنعها.
- التكاتف بين الشعب والحكومة، والتماسك الاجتماعى، والالتفاف حول هدف واحد هو الوسيلة المهمة لتحقيق النجاح.
- ستعمل الحكومة على عقد مؤتمرات صحفية منتظمة لإعلان هذه النتائج وتوضيحها للرأى العام المصرى بكل وضوح وشفافية.
- الحكومة سوف تعمل بكل قوتها لتنفيذ توصيات الرئيس، وأن تستلهم من المراجعة المستمرة من مجلس النواب، الذى يؤدى دوره الرقابى، مسارات لتطوير الأعمال المختلفة.
- الحكومة سوف تعمل على متابعة مشاكل المواطنين والتعرف على حاجاتهم والعمل على حلها، وسوف نواجه بكل حزم أى تجاوز من جانب الجهاز الإدارى أثناء أداء الخدمات للمواطنين.
- تتعهد الحكومة بالالتزام برفع تقارير متابعة الأداء والنتائج إلى البرلمان بشكل دورى، لضمان الشفافية والمساءلة وتحقيق الأهداف المنشودة.