سند الأشقاء.. سودانيون لـ«الدستور»: مصر نجحت فى لم شمل الفرقاء
أكد خبراء وسياسيون سودانيون أهمية مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، الذى عقد فى القاهرة، وشدد على الوقف الفورى لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية ودعم الحل السياسى للأزمة فى السودان.
وقال الدكتور أحمد المفتى، السياسى السودانى، عضو اللجنة الدولية فى مفاوضات سد النهضة السابق، إن مؤتمر القاهرة مهم جدًا، ومن المهم أن يجد صدى لدى الجيش والدعم السريع.
وأوضح «المفتى»، لـ«الدستور»، أن من أبرز الأطراف السياسية المشاركة فى هذا اللقاء تنسيقية «تقدم» والجبهة الديمقراطية والمسهلون الدوليون والإقليميون وبعض الشخصيات المحايدة.
وشدد على أنه من أبرز القضايا التى يجب التركيز عليها بخصوص الأزمة السودانية هى وقف الحرب فورًا، وجبر الضرر، والتعويض، وملف إعادة الإعمار، وتشكيل الحكومة الانتقالية، مع وضع خطة لإجراء الانتخابات وحسم مصير الدعم السريع.
من جهته، أكد الكاتب والسياسى السودانى عماد السنوسى، رئيس تحرير موقع «نبض السودان»، أن أهمية مؤتمر القاهرة تكمن فى توقيته، وأن القاهرة تمكنت من جمع الفرقاء السياسيين المدنيين فى قاعة واحدة، وهذا يشير إلى أن مصر تمكنت من فعل المستحيل، وأعتقد أنه بذلك قد تكون وضعت أولى لبنات الحل فى السودان.
وأشار «السنوسى» إلى أن مصر استطاعت فى هذا المؤتمر جمع عدد كبير من أحزاب الصف الأول بالسودان، والمؤثرة فى المشهد السياسى بالسودان، ويعتبرون لاعبين أساسيين، ومن بينهم تنسيقية «تقدم»، بقيادة عبدالله حمدوك، وكذلك قيادات الكتلة الديمقراطية، بجانب قادة المجتمع المدنى وكتّاب الرأى والمفكرين.
وأكد أن نتائج المؤتمر إيجابية وتسهل الوصول إلى اتفاق سياسى بين الفرقاء، ليتم الدفع بها نحو وقف الحرب التى اشتعلت بسبب عدم التوافق بين المدنيين، مشيرًا إلى توصل المؤتمر إلى مسودة وتقريب فى وجهات نظر الاختلاف تمهيدًا للتوافق. ولكن ذلك يتطلب جهدًا ليس سهلًا من الحكومة المصرية.
وشدد على ضرورة الاهتمام بقضايا وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية للنازحين وفتح مسارات آمنة للمدنيين، وقضايا الحكم ومسألة دمج الجيوش والانتهاكات، وإعمار ما دمرته الحرب وجبر الضرر.
ورأى أن مصر نجحت فى هذا المؤتمر عندما وافقت تنسيقية «تقدم» على الجلوس مع بقية الكتل السياسية فى القاهرة، لذلك فنسبة نجاح المؤتمر كبيرة جدًا، ومصر تمتلك كروت لعب رابحة وسياسة مرنة فى عمليات التفاوض، ولها تاريخ ناصع تجاه الأطراف السياسية السودانية، لذلك أتوقع قبول رأى مصر من المتفاوضين.
ووصفت الإعلامية السودانية، شمائل النور، الخطوة التى بادرت بها مصر لجمع القوى السياسية المتناحرة بأنها خطوة مهمة ومطلوبة بأسرع ما يمكن، موضحة: «الخطوة جزء من دور مهم تلعبه مصر، وكنا نتمنى أن يحدث ذلك منذ مدة كبيرة، خاصة أن مصر أكبر الدول المتأثرة بما يحدث فى السودان»، وأضافت «شمائل النور»، لـ«الدستور»: «من المهم أيضًا أن تتواصل مثل هذه المؤتمرات، لأن هناك الكثير من الحواجز بين القوى السياسية».
وأشارت إلى أن هذا الجهد ينبغى أن توجهه مصر لطرفى الحرب، لأنهما هما الوحيدان اللذان يملكان قرار وقف الحرب وليس القوى السياسية، لافتة إلى أن المجتمعين لا يملكون قرار وقف الحرب وإن لم تتوقف الحرب بالضرورة لن تكون هناك عملية سياسية، وقالت: «مطلوب من مصر مواصلة هذا الجهد وبذل دور فعال للجمع بين طرفى الحرب ودفعهما للتفاوض».
من جهته، قال الكاتب الصحفى السودانى طاهر المعتصم: إن القيادة السياسية المصرية تهتم بالسودان وتسعى لرأب الصدع، والدليل لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى مع أعضاء المؤتمر الموقعين على البيان الختامى، وفى تقديرى يشكل اللقاء دعمًا كبيرًا للمؤتمر وبيانه الختامى وشعاره «معًا لوقف الحرب فى السودان».
وأضاف «المعتصم» أن: «جهود مصر فى التجهيز لمؤتمر القاهرة للقوى المدنية والسياسية السودانية، جهود كبيرة ظهرت ثمارها فى المؤتمر، ونحن ندلف إلى مقره بالعاصمة الإدارية، وكان الإعداد جيدًا واللوجستيات على أكمل وجه، ووفرت القاهرة الأجواء المناسبة للسودانيين».
وتابع: «بعد الجلسة الافتتاحية خرج كل من هو غير سودانى، بمن فيهم منظمو المؤتمر المصريون، وترك الأمر للشخصيات الوطنية السودانية لإدارة المؤتمر وتقسيمه إلى محاوره الثلاث».
وأوضح أن كل هذه الجهود أسهمت فى أن يخرج بيان ختامى، فى تقديرى أنه جيد جدًا، وخطوة نحو وقف الحرب التى دمرت السودان، رغم أن بعض الأطراف رفض التوقيع.
من جانبه، وجّه سكرتير الشئون الاجتماعية بنقابة الصحفيين السودانيين، وليد النور، التحية والتقدير لمصر، قيادة وحكومة وشعبًا، لأنها نجحت فى أن تجمع السودانيين بعد مرور أكثر من عام على الحرب، بما يشمل القوى السياسية والمدنية ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات والمهنيين.
وأضاف «النور»: «اجتمعنا فى مكان واحد، ما يعد اختراقًا كبيرًا للأزمة السودانية رغم أن البعض لم يوقع على البيان الختامى، لكن هذا المؤتمر من المؤتمرات الناجحة إلى حد ما فى إحداث تفكيك للأزمة، وإذا لم يضع الطرفان المتقاتلان الآن السلاح جنبًا، فبالتأكيد الحرب لن تتوقف».
وتابع: «هذه الحرب تعتبر من أسوأ الحروب فى العالم، وفى التاريخ الحديث لأول مرة تندلع حرب فى عاصمة الدولة، الخرطوم، ولذلك هذه الحرب شردت السودانيين وتفرقوا ما بين لاجئ ونازح».
وأكمل: «فى يوم واحد فقد السودانيون أعمالهم وتجارتهم وأموالهم، ورأوا أسوأ الانتهاكات وأبشع الجرائم التى ارتكبتها قوات الدعم السريع، وسقط الكثير من الضحايا جراء القصف العشوائى لطيران الجيش السودانى الذى يقصف المناطق التى تحدث فيها اشتباكات، ويذهب ضحيتها مدنيون لا يد لهم فى هذه الحرب».
ورأى أن «العالم ظل يشاهد الحرب دون محاولة منع المأساة، ولم يرَ أكثر من ٢٥ مليون سودانى معرضين للجوع بسبب انعدام الزراعة ونفاد المخزون الاستراتيجى.. معظم السودانيين الآن يعانون بسبب النظام الصحى المنهار، ويموت الناس بالأمراض، خاصة الملاريا، والأطفال كذلك يموتون بسبب سوء التغذية وعدم وجود حليب».
ولفت إلى أن الإعلاميين فى السودان أكثر الفئات تضررًا من هذه الحرب لأنهم بين ليلة وضحاها فقدوا جميع المؤسسات التى يعملون بها وظلوا أكثر من عام بلا عمل، ومنهم من عمل بائعًا متجولًا، قائلًا: هذه حرب مدمرة، دمرت الاقتصاد السودانى والبنية التحتية، والسودانيون دائمًا ما يبحثون عن من يقف معهم ويبحثون عن كيفية الوصول إلى إنهاء الحرب العبثية كما سماها الفريق أول عبدالفتاح البرهان.