بعد اقترابها من عام.. هل ينجح الوسطاء في إنهاء حرب غزة؟
في خضم الدخان المتصاعد من أنقاض غزة، وعلى وقع صرخات الأمهات الثكالى وأنين الجرحى، يبدو أن شعاعًا خافتًا من الأمل قد بدأ يتسلل عبر سحب الحرب الكثيفة، فبعد ما يقارب العام من القصف المستمر والمعاناة التي لا توصف، تلوح في الأفق بوادر انفراجة محتملة قد تضع حدًا لهذا الكابوس الدامي.
وفي مشهد نتمنى حدوثه في القريب العاجل، تحمل الرياح أخبارًا عن "أفكار جديدة" قدمتها حركة حماس للوسطاء، بينما تدرس دولة الاحتلال هذه المقترحات بعناية، وكأنها شمعة في نهاية نفق مظلم، تبعث هذه التطورات الأمل في نفوس الملايين الذين يتوقون إلى لحظة يصمت فيها دوي القنابل وتتوقف آلة الحرب عن الدوران.
هل نحن على أعتاب فصل جديد في هذه المأساة الإنسانية؟ وهل ستنجح جهود الوساطة في إخماد نيران الحرب التي التهمت الأخضر واليابس على مدى عام كامل؟ في السطور التالية، نسلط الضوء على آخر التطورات في المفاوضات بين حماس ودولة الاحتلال، وآمال الشعوب المعلقة على نتائجها.
تطورات جديدة
الأربعاء الماضي، أعلنت حركة حماس تقديمها "أفكارًا جديدة" للوسطاء القطريين بهدف إنهاء الحرب في غزة، فيما تؤكد دولة الاحتلال أنها تُقيّم هذه الملاحظات وستقدم ردها للوسطاء.
وبحسب مصدر في حماس، فالحركة تبادلت أفكارًا مع الوسطاء لوقف "العدوان" على الفلسطينيين، وفي المقابل، تصر دولة الاحتلال على استمرار عملياتها العسكرية حتى إطلاق سراح الرهائن.
وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية وأمريكية أن رد حماس على مقترح التهدئة "بنّاء" ويسمح بالتقدم في المفاوضات، ويُجري الوسطاء القطريون، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، اتصالات مكثفة مع الطرفين لسد الفجوات المتبقية، وذلك وسط ضغوط دولية متزايدة على الجانبين للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد نحو تسعة أشهر من النزاع.
والخميس الماضي، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إرسال وفد مفاوض لمواصلة المحادثات مع حماس عبر الوسطاء بشأن صفقة تبادل الأسرى، وفقًا لمصادر إسرائيلية، وأظهرت حماس مرونة في موقفها، متنازلة عن شرط الوقف الكامل للحرب قبل تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.
وتضمن رد حماس قبولًا لاقتراح أمريكي لتعديل بعض الصياغات في مسودة الاتفاق، مما يسمح بمزيد من المرونة في المفاوضات، كما طلبت الحركة تعهدًا أقوى من الوسطاء لاستمرار المفاوضات حتى التوصل لاتفاق شامل، وذلك بعد تأكيد "نتنياهو" على استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق جميع أهداف إسرائيل.
"يديعوت أحرونوت": الوصول لاتفاق غير مضمون
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإنه رغم هذه التطورات، إلا أن التوصل إلى اتفاق لا يزال غير مضمون، حيث يتعين على نتانياهو إعطاء "الضوء الأخضر" لفريق التفاوض من أجل الدخول في المرحلة التالية من المفاوضات، ومن المتوقع أن تستغرق المفاوضات عدة أسابيع للتوافق على تفاصيل الاتفاق المحتمل.
وتبذل مصر وقطر والولايات المتحدة، جهودًا حثيثة من أجل التوصل لاتفاق في غزة، ولم تثمر تلك الجهود حتى الآن في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
خبير في الشؤون الإسرائيلية: "نتنياهو" سيقبل الصفقة لتهدئة شعبه
وفي هذا الصدد، يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن الرد المعدل من حماس على المقترح الأمريكي يمثل تطورًا إيجابيًا نحو إبرام صفقة هدنة، مشيرًا إلى مؤشرات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، مثل الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء وتحسين بعض الخدمات في غزة.
توقع "أنور"، في حديثه، أن يقبل "نتنياهو" بالصفقة لتهدئة الغضب الشعبي ضده، مرجحًا إمكانية إبرام الصفقة خلال الشهر الجاري إذا توفرت الإرادة السياسية الجادة لدى إسرائيل، مؤكدًا على الدور المهم للوسطاء في إنجاز الاتفاق.
دبلوماسي: الهدنة ستتم بضغوط أمريكية قبل الدخول في الانتخابات الرئاسية
فيما أبدى السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، تفاؤلًا حذرًا إزاء التطورات الأخيرة في مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس، مشيرًا إلى أن تجاوب حماس المشروط يأتي وسط ضغوط داخلية وخارجية على إسرائيل، بالإضافة إلى رغبة الإدارة الأمريكية في تحقيق إنجاز قبل الانتخابات الرئاسية.
وحذر "حسن"، في حديثه، من أن العودة للمفاوضات لا تعني بالضرورة وقف الحرب، بسبب وجود نقاط أساسية لم تُحسم بعد، مثل الوقف الكامل لإطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من غزة، ودور حماس مستقبلًا، معتبرًا أن هذه القضايا ستحدد ما إذا كان الاتفاق سيؤدي إلى تهدئة مؤقتة أم حل دائم.