تجمع بريكس والملتقى الدولى الأول لبنك التنمية الجديد
فى العام الماضى عُقِدت القمة الخامسة عشرة لمجموعة «بريكس» (الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا)، فى الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023، فى جوهانسبرج بجنوب إفريقيا.
ناقشت القمة مجموعة من القضايا الاقتصادية والسياسية، مع قضية انضمام أعضاء جدد من 23 دولة قدمت طلبات انضمام لتكتل «بريكس»، منها 8 دول عربية.
ولقد أيد رئيس جنوب إفريقيا «سيريل رامافوسا» دخول أعضاء جدد لتوسيع التكتل وتشكيل نظام عالمى جديد. وأضاف قائلًا: «نعمل على الحفاظ على مصالح دول الجنوب، وندعو الدول الكبرى للقيام بذلك» وأوضح رئيس جنوب إفريقيا أن دول «بريكس» تهدف إلى تعزيز التعامل بالعملات المحلية بين دول المجموعة، واختتم قوله: «مجموعة بريكس باتت قاطرة للاقتصاد العالمى».
ومن الملاحظ أن مجموعة «بريكس» تسعى إلى التبادل التجارى بين أعضائها بالعملة المحلية، كـ«اليوان الصينى، الروبل الروسى، الروبية الهندية»، وذلك لتقليص الهيمنة العالمية للدولار، والتخلص من إرهاب العملة، والعقوبات التى تفرضها أمريكا وحلفاؤها من الدول الأوروبية، ومن أجل توافر شروط تجارية عادلة، ونفوذ اقتصادى أكبر لدول «بريكس» فى مواجهة الغرب.
ولقد أصدر «بنك التنمية الجديد» التابع لمجموعة «بريكس» قبل يوم من انعقاد القمة سندات بعملة جنوب إفريقيا المحلية «الراند» لأول مرة، فى إطار مساعى المجموعة لزيادة وجود بنك التنمية الجديد «تم إنشاؤة عام 2014» فى أسواق رأس المال المحلية للدول الأعضاء، وهذه الخطوة تعتبر ضربة قوية لمؤسسات التمويل العالمية، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى، حيث أن سياسة بنك التنمية الجديد تقوم على مساعدة الدول وليس إغراقها بالديون، وهذا يخفف الضغط على الدولار، وبالتالى تظهر كيانات اقتصادية قوية، قادرة على منافسة صندوق النقد الدولى، ما يضعف القوة المسيطرة المهيمنة والمتحكمة فى العملية الاقتصادية على مستوى العالم.
وفى نهاية القمة وافقت مجموعة «بريكس» على انضمام ست دول كأعضاء جدد «مصر والسعودية وإيران وإثيوبيا والإمارات والأرجنتين»، وبذلك تضم مجموعة دول «بريكس» مع الأعضاء الجدد 46% من سكان العالم وما يقرب من ثلث الاقتصاد العالمى.
رحبت مصر والدول المنضمة بقبول عضويتها واعتبرت أن ذلك تطور تاريخى.
إن هذه الخطوات التى نتجت عن قمة «بريكس» تعمل على إنشاء عالم متعدد الأقطاب، وتغيير النظام المالى العالمى، وتقليص هيمنة الدولار.
وإننا نرحب بانضمام مصر لمجموعة «بريكس»، من أجل مزيد من التعاون على أساس المصلحة المشتركة لصالح الشعوب.
ولقد أشارت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن صادرات مصر لدول مجموعة «بريكس» ارتفعت عام 2022، حيث سجلت ما يقرب من 5 مليارات دولار، عن صادرات عام 2021 التى سجلت 4٫6 مليار دولار بزيادة قدرها 5٫3%. كما ارتفعت واردات مصر من دول المجموعة عام 2022 إلى 26٫4 مليار دولار مقابل 23٫6 مليار دولار عام 2021 بزيادة قدرها 11٫5%.
ولقد بلغت استثمارات دول «بريكس» فى مصر 891 مليون دولار فى عام 2021/ 2022 مقابل 610 ملايين دولار عام 2020/2021، بنسبة ارتفاع بلغت 46%. وبلغت الصين المرتبة الأولى فى قائمة أعلى دول «بريكس» استثمارًا فى مصر يليها الهند ثم جنوب إفريقيا ثم روسيا ثم البرازيل.
ولقد رحبت الدول العربية «مصر والسعودية والإمارات» بانضمامها لمجموعة «بريكس»، واعتبر الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط» أن انضمام دول عربية إلى تجمع «بريكس» يعكس تأثيرًا عربيًا متزايدًا فى القرار الدولى. كما أشاد عادل العسومى، رئيس البرلمان العربى، بالانضمام، واعتبر أن تلك الخطوة تؤكد الثقة وتعزز من العلاقات الوثيقة بين دول التجمع والعالم العربى لصالح تحسين مستوى المواطن العربى ولإعلاء الصوت العربى فى مختلف القضايا والتحديات بما يدعم المصالح العربية.
وفى هذا العام، عُقِد فى مصر، فى الثانى عشر من شهر يونيو 2024، الملتقى الدولى الأول لـ«بنك التنمية الجديد» الذى يُعد «الذراع الاقتصادية لتجمع بريكس»، من أجل دفع جهود تيسير التعاملات بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية، ومناقشة فرص التعاون المستقبلية بين أعضاء تجمع «بريكس» المؤسسين والجدد
وفى إطار إصلاح الهيكل المالى العالمى لإقامة بيئة دولية داعمة للاقتصادات الناشئة للدول النامية «دول الجنوب»، من أجل تحقيق الأهداف التنموية الوطنية يعمل «بنك التنمية الجديد» على توفير الآليات المبتكرة والضمانات، والدعم الفنى للقطاعين الحكومى والخاص، وذلك لدعم جهود تحسين النظام العالمى، ليصبح أكثر عدالة ودعمًا لجهود التنمية.
وأكد الرئيس السيسى اعتزاز مصر باستضافة الملتقى الدولى الأول لبنك التنمية الجديد، كما أكدت من جانبها ديلما روسيف، رئيسة البنك، تقديرها انضمام مصر إلى البنك واستضافتها الملتقى، مشيرة إلى حرص البنك على العمل المشترك مع مصر، للقيام بدور فعال فى مساندة الدول الأعضاء وكذا الدول النامية.
إن انعقاد الملتقى الدولى الأول لبنك التنمية الجديد خلال هذا الشهر بداية للتعاون من أجل مواجهة هيمنة القطب الأمريكى الواحد، وهيمنة صندوق النقد الدولى بشروطه المجحفة على الدول النامية، ما يسهم فى تعزيز بناء علاقات أكثر عدلًا لمصلحة غالبية شعوب العالم.