"حرب الجوع".. هل تدخل السودان أخطر مجاعة في العالم؟
في مشهد مأساوي يعيد إلى الأذهان صور الماضي القاتم، يقف السودان على حافة كارثة إنسانية غير مسبوقة، وتدق الولايات المتحدة ناقوس الخطر، محذرة من شبح مجاعة قد تكون الأسوأ منذ أربعة عقود.
وفي خضم الصراع الدامي الذي يمزق أوصال البلاد، تتحول أرض السودان الخصبة إلى أرض قاحلة من المعاناة، وأطراف النزاع، في تجاهل تام لصرخات الجوعى، يحجبون شريان الحياة المتمثل في المساعدات الإنسانية، وكأن مأساة السودان لم تكن كافية، ويبدو أن أنظار العالم قد انصرفت عنها.
وسط هذا المشهد القاتم، دعت الولايات المتحدة العالم إلى الاستيقاظ بشأن الحرب السودانية، محذرة من أن السودان يواجه أخطر مجاعة فى العالم منذ 40 عامًا، حيث يواجه الملايين كارثة مع اتهام الأطراف المتحاربة باستخدام الوصول إلى الغذاء كسلاح فى الحرب.
برنامج الأغذية العالمي: نواجه صعوبات في إيصال مساعداتنا إلى مناطق النزاع
تواصلت "الدستور" مع محمد جمال الدين، موظف التواصل ببرنامج الأغذية العالمي بالسودان، من خلال البريد الإلكتروني الرسمي الخاص بالبرنامج، وقال: إن المناطق التي وصلتنا عنها تقارير تفيد بوفاة أشخاص جوعًا هي التي لم نستطع الوصول اليها بمساعداتنا الانسانية الطارئة وتشمل الخرطوم وجنوب وشمال دارفور وكردفان.
وأكد "جمال الدين"، من خلال مراسلته لنا، أن البرنامج يواجه صعوبات كبيرة للوصول للأشخاص المحتاجين بالإعانات الغذائية والتغذوية الضرورية في مناطق النزاعات، خصوصًا في الخرطوم وكردفان ودارفور وحديثًا ولاية الجزيرة، مناشدًا جميع الأطراف المتنازعة لتأمين الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية للحاق بالوضع الإنساني المتدهور قبل فوات الأوان.
مسئول أممي: الوضع يتفاقم في السودان
وفي تصريحات مثيرة للقلق، حذر جاستن برادي، مدير المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان، من وضع إنساني كارثي يهدد البلاد، واصفًا المشهد بأنه يُذكر العالم بأسوأ حالات المجاعة التي شهدها العالم، مشيرًا إلى تحديات خطيرة تواجه العمل الإنساني.
وأشار "برداي"، في تصريحاته، إلى مواجهة ما يقرب من 5 ملايين شخص خطر المجاعة، بينهم مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، حيث وردت تقارير عن حالات يأكل فيها الناس أوراق الشجر، وأمهات يطبخن التراب لأطفالهن.
ومع اقتراب موسم الأمطار، حذر المسئول الأممي من تفاقم الوضع، داعيًا إلى تحرك عاجل لتخزين الإمدادات قبل فوات الأوان، مشيرًا إلى استمرار العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في السودان.
وزير الزراعة السوداني: التقارير الدولية محاولة للضغط السياسي وزعزعة ثقة المواطنين
ورغم تلك التقارير التي تنذر بكارثة في السودان، نفى المهندس عبدالله محمد عثمان، وزير الزراعة السابق في السودان، صحة التقارير الدولية حول وجود مجاعة في البلاد، وأكد أن 80% من مناطق الإنتاج الزراعي خارج نطاق النزاعات، مشيرًا إلى استمرار المشاريع الزراعية حتى في المناطق المتأثرة بالصراع.
وأوضح "عثمان"، في حديثه، أن المشكلة محصورة في 10-15% من السكان في المدن الخاضعة لسيطرة المعارضة، رافضًا فكرة وجود مجاعة في بقية أنحاء السودان، معتبرًا التقارير الدولية محاولة للضغط السياسي وزعزعة ثقة المواطنين.
مندوب السودان بالأمم المتحدة: لا نواجه أي مجاعات
وأكد على كلماته، الحارث إدريس، مندوب السودان للأمم المتحدة، فقال إن هناك بعض الإشكالات في وصول السلع خاصة الحبوب الغذائية لبعض المناطق في ولاية الجزيرة وكردفان ودارفور، وهذا لا يعني وجود مجاعة، حيث أن المجاعة مرتبطة بتوفير الحبوب من الإنتاج المحلي والاستيراد الخارجي.
واتهم "إدريس"، في تصريحات تلفزيونية، التقارير الصادرة من الجهات الرسمية مثل منظمة الأغذية العالمية "الفاو" قررت أن إنتاج المحاصيلة الغذائية في السودان مشتركة مع الأمان الفني للأمن الغذائي بوزارة الزراعة، وهذا لا يعني مجاعة، ولا يتحدث عن تحديات في إيصال الحبوب الغذائية.