رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد فضل شبلول: "الرسام" تأخر بسبب الحرب على غزة واستشهاد أسرته

أحمد فضل شبلول
أحمد فضل شبلول

الرسام”، اسم الفيلم الذي تعاقد الكاتب أحمد فضل شبلول على تحويله لفيلم سينمائي عن روايته “الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد”، سيناريو وحوار د. فوزي خضر، ومن إخراج فايق جرادة، توزيع مهرجان الإسكندريه السينمائي.

الرسام تأخر بسبب الحرب علي غزة

وفي تصريحات خاصة لـ “الدستور” كشف “شبلول” تفاصيل فيلم الرسام عن روايته، مشيرا إلي: تأخر إخراج فيلم الرسام عدة شهور، بسبب الحرب على غزَّة، حيث كان من المقرر أن يبدأ المخرج الفلسطيني فايق جرادة، مدير محطة تلفزيون فلسطين بالقاهرة الإخراج من شهور سابقة، وقام بزيارة مركز محمود سعيد للمتاحف بجناكليس بالإسكندرية، وهو الفيلا التي عاش فيها محمود سعيد مع والده رئيس وزراء مصر الأسبق محمد سعيد باشا، وذلك لأخذ الكادرات والتقاط المشاهد المناسبة لإخراج الفيلم. 

ولكن جاءت حرب غزة واستشهاد عائلة فايق جرادة بكاملها في تلك الحرب الشرسة والقذرة، فأصيب المخرج بحالة حزن عارمة، منعته من مواصلة عمله، كما أصابنا الحزن جميعا. ولكننا كما العنقاء سرعان ما نخرج من رمادنا لنمارس الحياة.

وبعد شهور من الحزن والحداد عاد فايق جرادة إلى ممارسة الحياة مرة أخرى وفي ذهنه قول محمود درويش "على الأرض ما يستحق الحياة"، وبدأ يستعد مجددا لإخراج فيلم "الرسام" المأخوذ عن روايتي "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" وقد كتب السيناريو والحوار الشاعر د. فوزي خضر.

وتابع شبلول حديثه عن فيلم “الرسام” لافتا إلى: وقد حصل هذا السيناريو والحوار على جائزة منحة الإنتاج المقدمة من دولة الكويت أثناء انعقاد مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط في العام قبل الماضي برئاسة الفنان الأمير أباظة. ومن المقرر أن يعرض هذا الفيلم الروائي القصير في افتتاح الدورة الجديدة للمهرجان، ثم يوزع للعرض في منصات أخرى عن طريق المهرجان.

قصة فيلم الرسام

وأوضح “شبلول”: والفيلم يعرض للحظات الأخيرة في حياة الفنان التشكيلي الرائد محمود سعيد، حيث حضر له ملك الموت "مَبهج" ليقبض روحه، ولكنهما اتفقا أن يؤجلا فعل الموت لعدد من الساعات يودع فيها الفنان ألوانه وبحره وشطآنه وسماءه في مدينته الحبيبة الإسكندرية التي ولد فيها في 8 أبريل عام 1897 وعاش فيها طيلة حياته عدا بعض السنوات القليلة التي قضاها في القاهرة وباريس.

وضمن بنود الاتفاق أن يعلِّم الرسام فن الحياة لملك الموت. وبعد خروجه من حجرة المرض بلونها الأبيض إلى عالم الإسكندرية الشاسع بلونه الأزرق، يذهبان إلى مرسم الفنان في شارع سعد زغلول ليشاهد "مَبهج" لوحات الحياة وأيضا لوحات الموت التي أبدعها الفنان ولوحات أخرى لفنانين عالميين آخرين.

وتتوالى فصول الرواية – الصادرة عن سلسلة "روايات الهلال" بالقاهرة العدد 853 - نزولا ابتداء من الرقم 16 إلى الرقم 1 حيث يسلم الفنان روحه لملك الموت الذي لم يستطع تأجيل أجل الفنان لحظة واحدة حسب المشيئة الإلهية.

وأثناء لحظات احتضار الفنان تصبح ذاكرته حديدية وينفذُ بصره لما وراء الأشياء وما وراء الزمن، فيتذكر لمحات من حياته وشذرات من أيامه، مع بعض الشخصيات العامة والمؤثرة مثل الملك فاروق والملكة فريدة (ابنة شقيقته) ويتذكر علاقته بثورة 23 يوليو والرئيس جمال عبدالناصر وعضويته في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وحصوله على جائزة الدولة التقديرية للفنون كأول فنان تشكيلي مصري يحصل عليها، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1960، كما يتذكر حفلات حضرها لعبدالحليم حافظ في الإسكندرية، ويتذكر شخصيات أخرى تعامل معها مثل أمير الشعراء أحمد شوقي، والفنان منير مراد، والمخرج السينمائي محمد كريم، والأديبين يوسف السباعي وتوفيق الحكيم وآخرين.

كما يتذكر علاقته بالفنانين التشكيليين محمد ناجي، ثم سيف وأدهم وانلي وقد توقع لهما مستقبلا باهرا في عالم الرسم والتشكيل. وغير ذلك من سيرة الشخصيات وسيرة اللوحات التي تراود الفنان أثناء سيره على كورنيش الإسكندرية من الشاطبي وحتى المرسي أبوالعباس حيث ولد في تلك المنطقة الشعبية التي لها طقوسها الروحانية الخاصة.

كما تظهر له الملكة كليوباترا وتعاتبه أنه لم يرسمها في لوحة شاهقة، ثم تظهر له الملكة شجر الدر وتعاتبه أيضا أنه لم يرسمها مثلما رسم ليوناردو دافنشي لوحة "الموناليزا" فدخلت كل بيت، ثم تظهر له مجموعة من ملكات مصر القديمة، تتقدمهن الملكة مريت نيت أول ملكة حكمت مصر خلال السنوات 2939 – 2929 قبل الميلاد، وكلهن يرغبن أن يرسمهن الرسام.

كما يلتقى الفنان شخصيات روائية ظهرت في أعمال صديقه نجيب محفوظ مثل عيسى الدباغ في "السمان والخريف" ورؤوف علوان وسعيد مهران في "اللص والكلاب" وغيرهم.

وقد أشار الفنان إلى أن نجيب محفوظ تعلم تذوق الرسم والفن التشكيلي من خلال لوحاته حيث صرح محفوظ قائلا: لقد كان محمود سعيد هو الذي عرفني على عالم الفن التشكيلي، وقد تعرفت على أعماله، ولوحاته مازالت منطبعة في مخيلتي بألوانها مثل "بنات بحري" و"بائع العرقسوس" والكثير من البورتريهات النسائية التي اشتهر بها والتي استطاع فيها أن يجسد الجمال الشعبي، كما لم يفعله أحد من قبله.

وكان الفنان يظن أن مَبهج من الممكن أن يؤجل ميعاده، ولكن مَلك الموت يظهر في الوقت المحدد والمكان المرصود ويلقي الكلس الأبيض على وجه الفنان، الذي كان يشك أنه صورة رسمها لنفسه تسير على الكورنيش وصولا إلى مسجد المرسي أبوالعباس، بينما جسده الأصلي ممدد هناك في حجرته بفيلته بجناكليس التي حلم أن تتحول إلى مركز فني يحمل اسمه بعد رحيله في 8 أبريل من عام 1964 وهو ما حدث فعلا.