رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجميلي أحمد يكتب: نهوض وزارة الثقافة إلى قطاع منتج.. مفتاح نهضة المثقف والكاتب المصري

الثقافة المصرية تعتبر من أعرق الثقافات في العالم، حيث تمتاز بتنوعها وغناها على مر العصور. ورغم هذا الإرث الثقافي العريق، يعاني المثقف المصري في الوقت الحالي من تحديات عديدة تؤثر سلبًا على مكانته ودوره في المجتمع. من أهم هذه التحديات هو التقليل من قيمة المثقف وأعماله الأدبية، وعدم الحصول على التقدير المادي والمعنوي المستحق.

إن المثقف المصري يجب أن يدرك قيمته الحقيقية وألا يهين نفسه بتقديم مشاركات مجانية في الندوات والأمسيات الأدبية دون مقابل. فالثقافة والأدب لا يقلان أهمية عن الفنون الأخرى مثل الرقص والتمثيل، بل يمكن القول إن الأدب هو منبع الفنون ومصدر إلهامها. يجب أن يكون هناك اعتراف حقيقي بالدور الحيوي الذي يلعبه الأدب في تشكيل الهوية الثقافية والفكرية للمجتمع.

للارتقاء بمكانة الثقافة المصرية، من الضروري أن تجد هذه الثقافة أرضًا خصبة تترعرع فيها. وهذا يتطلب دعمًا حقيقيًا من المؤسسات الثقافية وعلى رأسها وزارة الثقافة. ينبغي أن تتحول وزارة الثقافة إلى قطاع تجاري حقيقي يتاجر في الأدب بكل أنواعه وينتجه إنتاجًا حقيقيًا، بالإضافة إلى الترويج له الترويج المناسب. فالأدب المصري يستحق أن يصل إلى أوسع شريحة ممكنة من الجمهور، داخل مصر وخارجها.

من خلال تحويل الثقافة إلى قطاع تجاري، يمكن أن يحصل الكاتب على أجر حقيقي يتناسب مع قيمة أعماله، مما يضمن له حياة كريمة ويحفزه على الإبداع والمزيد من الإنتاج الأدبي. كما أن توفير الأجر المناسب للكتاب سيعزز من مكانتهم الاجتماعية ويعترف بدورهم المهم في المجتمع. فكما أن الراقصة والممثل يحصلان على تقدير مادي ومعنوي كبيرين، فإن الكاتب أيضًا يستحق نفس التقدير والاحترام.

 


أما عن  مخاوف بعض المثقفين من تحول وزارة الثقافة إلى قطاع منتج. هؤلاء المثقفون يعولون دائمًا على دعم الدولة المباشر للثقافة، معتقدين أن هذا هو الضمان الوحيد لاستمرارها وازدهارها. إلا أن الواقع يثبت أن هذا الدعم لم يكن كافيًا لتحقيق النهضة الثقافية المرجوة.

فإذا تحولت وزارة الثقافة إلى قطاع منتج، فإن هذا سيفتح آفاقًا جديدة للثقافة في مصر. يمكن أن تُدار الثقافة كقطاع اقتصادي يمتلك القدرة على إنتاج وتوزيع وتسويق الأعمال الأدبية والفنية بشكل محترف ومستدام. هذا التحول سيتيح للثقافة أن تتخذ مكانتها الطبيعية في الدولة، ويجعل من المثقف عنصرًا فعالًا ومؤثرًا في المجتمع.

تحويل وزارة الثقافة إلى قطاع منتج يعني تبني عقلية الاستثمار في الثقافة، حيث يتم تخصيص موارد مالية وبشرية لتطوير البنية التحتية الثقافية، ودعم الإنتاج الأدبي والفني، وتوفير المنصات المناسبة لترويج هذه الأعمال. سيؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل جديدة للمثقفين، وتمكينهم من العيش بكرامة من خلال أعمالهم الإبداعية.

من المخاوف الشائعة بين بعض المثقفين هو أن هذا التحول قد يؤدي إلى تهميش الأدوار الثقافية التي لا تحقق أرباحًا فورية. لكن يمكن تبديد هذه المخاوف من خلال وضع استراتيجيات تضمن التوازن بين الجوانب التجارية والثقافية. يمكن تحقيق ذلك عبر إنشاء صناديق دعم مخصصة للأعمال الثقافية ذات القيمة الفنية العالية والتي قد لا تكون مربحة تجاريًا على المدى القصير، لكنها تساهم في إثراء الهوية الثقافية للمجتمع.

هذا التحول سيمكن المثقفين من الحصول على تقدير حقيقي لمساهماتهم، مما يعزز من مكانتهم ويمنحهم احترامًا مستحقًا في المجتمع. الراقصة والممثل ليسا أهم من الكاتب؛ فلكل منهما دوره الخاص في بناء الثقافة والفن. إذا تم التعامل مع الثقافة كقطاع منتج، سيحصل المثقفون على الأجر الذي يعكس قيمة أعمالهم، مما يعزز من مكانتهم ويحفزهم على الإبداع والاستمرارية.

في في النهاية، يمكنني أن أقول إن تحويل وزارة الثقافة إلى قطاع منتج سيساهم بشكل كبير في رفع مكانة الثقافة والمثقفين في مصر. هذا التحول سيمكن من خلق بيئة تدعم الإبداع وتضمن استدامته، مما ينعكس إيجابيًا على المجتمع ككل. يجب أن نعمل جميعًا، كمثقفين ومؤسسات وجمهور، على دعم هذا التحول لضمان مستقبل ثقافي مشرق ومزدهر لمصر.

  • عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر
عاجل