المخرج عصام السيد: ثورة 30 يونيو حافظت على هوية مصر
قال المخرج عصام السيد إن ثورة 30 يونيو كانت ثورة ثقافية وفكرية للحفاظ على هوية مصر بعدما حاولت جماعة الإخوان أخونة الدولة المصرية، وتنفيذ حلمها بقتل الثقافة على غرار حركة طالبان، واستبدال رموز الثقافة المصرية بمجموعة تابعة لها تقود العمل الثقافى فى مصر، لكونها جماعة مغلقة لا تعرف إلا السمع والطاعة، واصفًا مشهد حلف اليمين من الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى ميدان التحرير بأنه كان كوميديا هزلية.
وأوضح «السيد»، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد» الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن الصدام بين المثقفين وجماعة الإخوان بدأ مبكرًا، بعدما عمل التنظيم على افتعال المشكلات مع رموز الثقافة المصرية، وإقصائهم من مناصبهم على يد وزير ثقافة إخوانى «سوابق»، لا يعرفه أحد، مشيرًا إلى أن عملية الأخونة استدعت رد فعل من المثقفين، حتى تطور الأمر إلى اعتصام عدد منهم فى وزارة الثقافة، ضمن إرهاصات ثورة ٣٠ يونيو، التى أسقطت حكم الجماعة الإرهابية.
■ بداية.. هل تتفق مع أن ثورة ٣٠ يونيو كانت ثورة ثقافية بالأساس وليست من أجل الطعام والشراب؟
- بالطبع، المصريون فى ثورة ٣٠ يونيو ثاروا من أجل هويتهم وليس من أجل الأكل والشرب، لأنهم شعروا بأن طبيعة المصريين تتغير وتُفرض عليهم طبيعة أخرى، وبالتالى كانت هذه الثورة ثورة فكرية وثقافية فى الأساس، والتوجه فيها كان أن الناس تحاول الحفاظ على طبيعتها ونمط حياتها.
■ بعض المثقفين خُدعوا فى جماعة الإخوان.. فكيف كانت فكرتك عنها؟
- لدىّ هواية، إلى جانب الإخراج المسرحى، وهى القراءة فى التاريخ، وقد كنت أقرأ عن جماعة الإخوان، خصوصًا أنه كان هناك نوع من التعاطف معها قبل ٢٥ يناير، وكان هناك العديد من المثقفين، خاصة من اليساريين، كانوا يقولون: «دول جماعة طيبين وبتوع ربنا ولازم نديهم فرصة».
ولكنى كنت أرى أن هذه الجماعة كلما ظهرت إلى السطح ظهرت معها محاولة لتغيير الهوية، على غرار النموذج الباكستانى، وقرأت عنها للدكتور رفعت السعيد وحلمى النمنم وثروت الخرباوى، وأصبحت متوجسًا منها.
وبالفعل، بمجرد وصولها للحكم نفذت نفس الأشياء، مثل تقليل ميزانية وزارة الثقافة لقتلها، مع حجب بعض الأعمال، وتصعيد فنون ليست لها علاقة بالفن الحقيقى، مثل الاهتمام بالخط العربى وأشياء من هذا القبيل، وفى فترة حكم الإخوان كانت المرة الأولى التى تنتهى فيها ميزانية البيت الفنى للمسرح فى شهر يناير.
■ كيف رأيت محاولات الإخوان فى المسرح؟
- آخر عرض مسرحى للإخوان كان قبل تولى الجماعة الحكم بفترة بسيطة، وأعتقد أنه كان فى مسرح «فيصل ندا»، ولم يكن فى العرض سيدات، وكان خطابيًا جدًا ومباشرًا دون فن، وأشبه بخطبة الجمعة، ولم يكن به أى نوع من الصراع بل كان «فكرة واحدة»، خلافًا للمسرح القائم على الاختلاف وصراع الأفكار، لأن الإخوان ليس لديهم صراع أفكار، فهى فكرة واحدة محسومة، وهم يعتمدون على تلقين المشاهد، وهذا لا ينفع فى المسرح القائم على الديمقراطية.
■ كمخرج، كيف رأيت مشهد قسم الرئيس الإخوانى محمد مرسى اليمين الدستورية فى ميدان التحرير؟
- مشهد حلف اليمين فى ميدان التحرير كان مشهدًا مفتعلًا لدرجة أنه أصبح كوميديًا، فهناك شخص يفتح الجاكيت ويعرض نفسه للرصاص، فى حين أن كل الموجودين أنصاره، والواقى ضد الرصاص يظهر تحت قميصه، وهو شخص يحاول أن يظهر ذكيًا لكنه كان «مكشوف أوى»، وهذا أثار الضحك عندى لأنه مشهد هزلى.
■ ما اللحظة التى أدركت فيها أن نظام الإخوان لن يستمر وأنه من الضرورى أن يكون هناك تحرك ضده؟
- بعد صدور القرار ببطلان انتخابات مجلس الشعب فى عهد الإخوان وإعادة الانتخابات، فالناس توقعت وقتها تكوين وزارة ائتلافية من التكنوقراط تشرف على الانتخابات لكى تكون صحيحة ولا يحدث بها طعن بعد ذلك، وحدث بعد ذلك بالفعل تغيير وزارى، لكن للأسف خيّب كل التوقعات؛ لأن كل المتعاطفين مع الجماعة كانوا موجودين فى الوزارات.
وما أثار استياء المثقفين بشكل كبير كان اختيار علاء عبدالعزيز وزيرًا للثقافة، وهو شخص «محدش يعرفه» و«فضلنا نبحث عن سيرته كثيرًا»، لكن لم يعرفه إلا قلائل، فكيف يكون وزير ثقافة دون أن يكون له أى نشاط فنى أو ثقافى ولا إنتاج علمى، سوى كتابين طُبعا فى سوريا، وهما عبارة عن رسالتى الماجستير والدكتوراه.
واتضح من خلال سيرته الذاتية أن لديه مشكلات، فهو رجل حاصل على الدكتوراه بعد سن ٤٧ عامًا، وهذا أمر غريب فى قوانين الجماعات، ثم أنه تم فصله فترة قبل أن يعود بحكم قضائى.
ومع البحث، اتضح أنه كتب مقالة هى التى تسببت فى صعوده، والمقالة كانت كلها شتائم فى المثقفين، وأصفهم بـ«مثقفين مكاتب» ولا يفهمون فى السياسة، وأن اتجاه الإخوان عظيم، وكانت هذه المقالة بمثابة ورقة اعتماده، فهو شخص خرج من اليسار إلى حزب إسلامى منغلق تحت التأسيس، وكل المعروف عنه أنه حزب متشدد، وهذه كانت نقلة غريبة جدًا، وكنا نتساءل «مين اللى جاب ده وليه؟».
■ ما رصدك لمحاولات الجماعة أخونة الثقافة فى مصر؟
- جماعة الإخوان اعتمدت الطريقة الباكستانية فى أخونة الثقافة فى مصر، أى بحصار الفنون دون أن تغلقها.
ومسألة أخونة الثقافة المصرية ظهرت بشكل واضح مع وجود وزير ثقافة إخوانى، كان أول تصريح له يقول إنه جاء لمحاربة الفساد فى وزارة الثقافة وفى أكاديمية الفنون، وهذه كانت إشارة مستفزة، فقد كان بينه وبين الدكتور سامح مهران، قبل أن يصبح وزيرًا، مشكلات، وحوّل على إثرها علاء عبدالعزيز إلى النيابة الإدارية، وكان وزير سوابق، لأنه حاول الاعتداء البدنى على رئيس أكاديمية الفنون وألقى الطماطم على سيارته.
وفى عهد الإخوان أى فى عام ٢٠١٣، كان هناك اجتماع فى مكتب المنتج هشام عبدالخالق، وشارك فيه جميع الشخصيات والكيانات الثقافية، ومن أبرزهم الدكتور محمد العدل والمخرج ناصر عبدالمنعم، بالإضافة إلى ممثلين عن مجموعة من الفنانين الذين شاركوا فى ثورة ٢٥ يناير، كما تم الاتصال بمحمد هاشم فى دار «ميريت» للنشر، كممثل عن مجموعة من الفنانين و«أدباء من أجل التغيير».
وقررنا فى ذلك الاجتماع أن نقوم بفعل مضاد لوزير الثقافة الإخوانى، الذى أجبر عددًا كبيرًا من القيادات الثقافية فى مصر على ترك مناصبهم، مثل الدكتور أحمد مجاهد، بعد أن ادّعى حينها أن انتدابه قد اقترب من الانتهاء، لكن السبب الحقيقى وراء الأمر كان مجموعة الكتب التى تصدر تحت اسم «مكتبة الأسرة».
ومشروع «مكتبة الأسرة» كان لجميع المصريين منذ عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكان يوفر الكتب بأسعار رخيصة للغاية، لكن وزير الثقافة الإخوانى كان يريد تغيير اسم المشروع ليصبح اسمه «مكتبة الثورة المصرية»، ولم يكن يدرك حينها أن المكتبة تصدر بالفعل سلاسل عن أدب الثورة، ورفض مجلس الإدارة قراره حينها، لأن الأمر مكلف للغاية ماليًا، كما أنه ليس هناك ما يدعو إلى هذا التغيير من الأساس.
واكتشفنا وقتها أن التغييرات فى القيادات كانت وسيلة منه لإلغاء المشروع بشكل كامل؛ لذا قررنا التحرك ضده.
■ كيف تصدت النخبة الثقافية لمحاولة الأخونة؟
- الدكتور سامح مهران دعا إلى اجتماع عاجل فى أكاديمية الفنون خلال فترة حكم الإخوان، وحضره وقتها ممثلون لكل طوائف الثقافة والفنون، بالإضافة إلى ممثلين عن «جبهة الإبداع»، وقرأ حينها الشاعر عبدالجليل الشرنوبى بيانًا للجبهة فى نفس الاجتماع، كما شارك أيضًا بعض الأحزاب السياسية وعدد من الفنانين والمخرجين والمثقفين.
وذلك الاجتماع خلص إلى أنه من الضرورى الوقوف أمام أى محاولة لتغيير الهوية المصرية، وإفشال محاولة أخونة الثقافة فى عهد الجماعة الإسلامية، وبعد أيام قليلة، شاركنا فى اجتماع آخر داخل نقابة الصحفيين، وحضره كل مثقفى مصر، وعلى رأسهم الأستاذ الراحل بهاء طاهر، الذى تم اختياره ليترأس الاجتماع حينها.
وبعدها تم الترتيب لوقفة سلمية على سلم نقابة الصحفيين، ثم اتخذنا قرارات عدة أثناء الاجتماع، كان أهمها أنه تم الربط لأول مرة بين أخونة الدولة ورحيل النظام بأكمله، كما تم توزيع استمارات حملة «تمرد» بين جميع الحاضرين داخل النقابة، ومن هنا بدأ الارتباط بين «تمرد» وحراك المثقفين.
■ ما كواليس القرار الإخوانى بتغيير رئيس هيئة الكتاب؟
- كما أشرت مسبقًا فإن السبب فى إصدار وزير الثقافة الإخوانى علاء عبدالعزيز قرارًا بتغيير رئيس هيئة الكتاب، الدكتور أحمد مجاهد، كان اعتراضه على تغيير اسم «مكتبة الأسرة» إلى «مكتبة الثورة المصرية»، وقال حينها، عبر صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك»، إن المكتبة لها مجلس إدارة، ومن المفترض أنه يمتلك الأحقية فى تغيير اسمها من عدمه، وذلك الأمر تصاحبه تكلفة مادية ضخمة للغاية.
وحينها، اجتمع مجلس إدارة «مكتبة الأسرة» ورفض القرار تمامًا، فقرر الوزير الإخوانى إنهاء ندب الدكتور أحمد مجاهد، وكان هناك عدد كبير من الموظفين الذين ثاروا أثناء تلك الأزمة واعتصموا أمام مكتب الوزير، كما حدثت مشكلات بينهم وبين الأمن هناك، وكان من الواضح أمام الجميع أن الوزير الجديد كان يريد التخلص من كل الرموز الثقافية فى مصر.
وبعدها مباشرة، قرر الوزير الإخوانى أن يفتعل مشكلة جديدة داخل دار الوثائق القومية، وكرر نفس الأمر مع الدكتور ناصر حسن، رئيس دار الوثائق حينها، باعتبار أنه كانت هناك شكاوى مقدمة ضد الدار، رغم أن تلك الشكاوى كانت موجودة قبل أن يتولى ناصر رئاستها، كما أن الجماعة كانت تريد استخراج وثائق معينة من الدار فى ذلك الحين، لذا أحدث فوضى كبيرة بداخلها، لكونها تضم جميع خرائط مصر واتفاقاتها على مر العصور، والإخوان كانوا يسعون لتسريبها لجهات خارجية.
■ ماذا عن دعوات إلغاء «الباليه» وهدم الآثار المصرية؟
- جماعة الإخوان طلبت إلغاء «الباليه» قبل الإطاحة بالدكتورة إيناس عبدالدايم من دار الأوبرا المصرية، كما كانت تريد هدم الثقافة المصرية بأكملها، وبيع الخبز داخل قصور الثقافة؛ لأن تلك الجماعة لم تكن تهتم بمدى ثقافة الشعب المصرى أو باهتماماته، وكان حلمها الوحيد يقتصر على إحياء الخلافة.
وقد كانت هناك موجة أخرى من الدعوات الإخوانية نحو هدم الآثار المصرية، فضلًا عن الواقعة الشهيرة بشأن تغطية تمثال أم كلثوم، مثلما حدث من جماعة «طالبان» حين تم هدم تماثيل بوذا، وكنا ندرك أن هذه الأحداث سنتعرض لها كثيرًا إذ استمرت فى الحكم.
وللأسف الشديد، كان هناك بعض المثقفين الذين رأوا أن موجة التطرف لن تستمر كثيرًا فى عهد الإخوان، ولكننا فى حقيقة الأمر كنا نسير فى اتجاه «طالبان»؛ لأن أى جماعة متطرفة تضم الأكثر تطرفًا وتضطر من أجل استمرارها لاتباع مسار المزايدين عليها، وهو ما كان سيستمر حتى ننغلق تمامًا ونعود إلى العصر الحجرى.
وهذا التصعيد الذى انتهجه الإخوان كان يؤكد لنا أن ما يحدث مسألة «أخونة»، وأن الأمور لا تتعلق بالأفراد، أى أن إبعاد هؤلاء الرموز لا يتعلق بأشخاص أحمد مجاهد وسامح مهران وإيناس عبدالدايم، بل كان ما يرتكبه الإخوان ضد الثقافة المصرية، وأن هؤلاء رموز لا بد أن يتم إلغاؤهم لأنهم يمكن أن يقفوا ضد المشروع الإخوانى.
ولأن الموقف فى الأوبرا كان واضحًا جدًا، فبمجرد حدوثه اعتصم مَن كانوا فى الأوبرا، ثم قام آخرون بإلغاء حفلاتهم كرد فعل على إبعاد الدكتورة إيناس عبدالدايم، ومن بينهم الموسيقار عمر خيرت، الذى أعلن عن إلغاء حفله، والفنان هانى شاكر، الذى قال إنه لن يتعامل مع الأوبرا، كما أوقفت دار الأوبرا عروضها لمدة ثلاثة أيام، وكان هناك مَن يريد الاستمرار فى التوقف لكن كانت أيضًا هناك تخوفات من أن يقال إن الأوبرا هى التى أغلقت من تلقاء نفسها.
ولذلك، فبعد عودة نشاط الأوبرا وعروضها، تم تنظيم تجمع ووقفة أمام بابها، شاركت فيها مجموعة ضخمة جدًا من المثقفين المصريين وقادة الأحزاب، وصدر بيان بمهلة لمدة ثلاثة أيام، يقول إن لم يتم رفع اسم هذا الوزير الإخوانى من الوزارة فسوف يحدث تصرف آخر.
■ كيف كان رد فعل الجماعة تجاه رفض المثقفين قرارات الأخونة؟
- رد فعل الإخوان كان كمية ضخمة من الشتائم والتخوين والاتهامات فى جرائدها وقنواتها الإخوانية، وتم اتهام أسماء محترمة جدًا بأنهم «يأكلون من وزارة الثقافة»، وأن الوزارة تعمل على سفرهم وإعطائهم بدلات، مثل الكاتب الكبير بهاء طاهر، وهو كاتب عالمى، فماذا سيحتاج من وزارة الثقافة؟، بل إن وجوده يمثل إضافة، وأيضًا أشخاص مثل: إبراهيم عبدالمجيد ويوسف القعيد وفتحية العسال، وهم رموز كبيرة لا يجوز اتهامها بمثل هذه الاتهامات.
■ ما تفاصيل الخطة التى حاكها الإخوان ضد المجلس الأعلى للثقافة؟
- الخطة كانت تقوم على أن هناك تهميشًا للمفكرين والأدباء والكتّاب الإسلاميين، وأن طريقة الاقتراع لجوائز الدولة غير سليمة، وأن تكوين المجلس الأعلى للثقافة غير سليم، وأنه يجب إعادة تكوينه، وهذا المجلس عبارة عن بيت خبرة به حوالى ٢٢ لجنة، تختص بالمسرح والشعر والقصة وهكذا، وهذه اللجان كانوا يريدون تفكيكها وإعادة تشكيلها مرة أخرى، لتضم رجالهم، وبالتالى يحصلون هم على الجوائز ويصبح لهم حضور، ومن ثم تقود هذه المجموعة العمل الثقافى فى مصر.
وكان يوجد لدينا تخوف من خطة الإخوان، وبالتالى قمنا بعقد اجتماع فى المجلس الأعلى للثقافة، ليس عنوة، وإنما دخلنا وجلسنا لأنه مجلسنا كمثقفين، وهذا الاجتماع كان به الكثير من المثقفين والأدباء والفنانين من كل الاتجاهات، وطرح فى هذا الاجتماع، لأول مرة، مسألة الاعتصام، ومن هنا تبلورت مسألة «اعتصام المثقفين»، ومَن اقترح فكرة الاعتصام كان فنانًا شابًا اسمه كريم سامى مغاورى، وهو ابن الفنان الكبير سامى مغاورى.
وهذا الاقتراح كان قد سبق طرح فكرة مماثلة له من قبل فى الاجتماع الأول مع المنتج هشام عبدالخالق، فحينها اقترح أحد السينمائيين فكرة أن نحتل المسارح، وقد اعترضنا بشدة لأن هذه المسارح هى عهدة للبعض منا من الموظفين، وبالتالى فعند الدخول إلى المسارح فسوف نصطدم بالناس أصحاب العهدة، وبالتالى لن يكون الصدام مع الإخوان، كما أنه عند الدخول إلى مكان مغلق من السهل جدًا أن يقطعوا عنا المياه والكهرباء، ونصبح كمن وقع فى المصيدة، ولذا رفضنا فكرة احتلال المسارح احتجاجًا على الوزير الإخوانى.
وفى اجتماع المجلس الأعلى للثقافة قررنا أن نعقد اجتماعًا آخر فى نفس المكان بعدها بثلاثة أيام، لكن كانت هناك مجموعة صغيرة جدًا على علم بأنه سيتم وفى نفس التوقيت احتلال وزارة الثقافة، أى أن بعض الناس سوف يتجهون إلى المجلس الأعلى، الذى هو على بُعد خطوات من الوزارة، ليشكلوا ظهيرًا لنا، وآخرون سيتجهون لاحتلال الوزارة.
وكان من بين تلك المجموعة أسماء منها المخرج خالد يوسف، ومحمد العدل، ومحمد هاشم، والمخرج التليفزيونى سيد الجنارى، وكان من المفترض أن يقوم كل واحد فيهم بالاتصال بمجموعة محددة دون استخدام تليفون حتى لا يتم رصده، ثم يذهبون فى ميعاد محدد إلى الوزارة ويطلبون مقابلة الوزير، وبعد دخولهم يعلنون عن اعتصامهم داخلها.
وكان من المفترض أن تضم هذه المجموعة عددًا من الرموز، مثل: بهاء طاهر، ونبيل الحلفاوى، وسيد حجاب، ومحمد فاضل، وأحمد نوار، وفتحية العسال، وسهير المرشدى، وهى أسماء معروفة، لذا فعندما يقال من فى الاعتصام فسيكون للأمر صدى عربيًا ودوليًا، لا مصريًا فقط، لأنهم جميعًا معروفون فى الخارج.
■ ما المحرك الأساسى لمجموعة المثقفين المصريين أثناء سيرهم فى هذا الطريق فى مواجهة جماعة دموية لا تتورع عن القتل؟
- الحقيقة هى أننا رأينا أن مصر بعد ثورة ضخمة كانت تضيع بعد أن استولى عليها فصيل كان من وجهة نظرنا يعيدنا قرونًا إلى الخلف.
وكان هناك البعض ممن تصوروا أن جماعة الإخوان ستعتدل مع الوقت وأنها لا يمكن أن تكون بهذا الكم من الغباء، لكن هذا ما حدث بالفعل، وكنا نرى بأننا ننزلق ولا يوجد ما يوقف هذا الانزلاق، فالمسألة عند الإخوان لم تتوقف عند الأوبرا وألا يوجد بها باليه، بل أيضًا أصبحت قصور الثقافة منابر لخطبة الجمعة، والنشاط المسرحى فى البيوت الفنية توقف.
وبعدما كان يقال إن الشرعية للشارع أصبحت الشرعية لمجلس شعب الإخوان، وكان الصدام الأول معها حين ذهب المثقفون والممثلون لـ«جبهة الإبداع» حتى يقدموا طلباتهم لمجلس الشعب فتم ضربهم، حيث كان المجلس محاصرًا بكتائب الإخوان، ولذلك قررنا التحرك ضدها لأننا وجدنا أن تاريخ مصر وتراثها يضيع.
لماذا يوجد خصام بين الجماعات الإسلامية، ومنها الإخوان، مع الخيال والابتكار؟
- الجماعات الإسلامية مغلقة وقائمة على الطاعة العمياء المطلقة، وهذه الطاعة تجعلك لا تفكر خارج الصندوق أبدًا، لأنك يجب أن تفكر داخل الصندوق، واحد زائد واحد يساوى اثنين، وهم يشعرون فى هذه الجماعات بأن التفكير عيب، لأنه «ميصحش يفكر وهو عنده الحلول جاهزة»، ولأن «فيه حد تانى فكر له وهو بيسمع الكلام، وقال فلان كذا يبقى هو كذا».
وحتى الخلافات الفقهية عندها محسومة، رغم أن المذاهب والخلافات كثيرة لأنها تفسير بشرى لدين سماوى، لكنها لا تعرف إلا تفسيراتها المستقرة والثابتة والتى لا تجوز مناقشتها.