رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لأول مرة.. إسرائيل فى قائمة العار

إسرائيل
إسرائيل

حالة من الرعب تجتاح الأوساط السياسية في إسرائيل بعد الأنباء التي ترددت مؤخرًا حول اعتزام الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إدراج دولة الاحتلال في "قائمة العار" للدول والكيانات التي تؤذي الأطفال. 

و"قائمة العار" هي تصنيف أممي يشمل الجهات المتورطة في تجنيد الأطفال، استغلالهم جنسيًا، قتلهم، وتشويههم، بالإضافة إلى غيرها من الانتهاكات الجسيمة. تضم هذه القائمة 51 منظمة، من بينها تنظيم الدولة الإسلامية، جماعة بوكو حرام، والقوات المسلحة لثماني دول، من ضمنها سوريا، اليمن، جنوب السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. 

رغم أن الدعوات الحقوقية لإدراج دولة الاحتلال على القائمة تعود إلى عام 2014 عقب الأحداث في قطاع غزة، إلا أن إسرائيل المدعومة أمريكيًا تمكنت من الإفلات من هذا التصنيف أكثر من مرة بسبب الضغوط السياسية الكبيرة التي مارستها على مسئولي الأمم المتحدة. هذا الأمر يثير مخاوف كبيرة حول مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا مبادئ التمييز، والتكافؤ، والحذر في الهجمات، واحترام القانون الدولي، خصوصًا فيما يتعلق بالاستخدام المفرط للقوة، طالما أنها تمكنت كل مرة من الإفلات من العقاب.

الإعلان الأممي المرتقب أثار قلقًا كبيرًا لدى كبار المسئولين في تل أبيب، لكونه يأتي على خلفية سلسلة من القرارات الدولية المناهضة لإسرائيل مؤخرًا. دفعت هذه التطورات القادة الإسرائيليين إلى إجراء اتصالات ومداولات ماراثونية في محاولة لإحباط صدور قرار دراماتيكي من شأنه وصم إسرائيل بجريمة قتل وترويع الأطفال ومن ثم إدانتها في المحافل الدولية.

وسائل إعلام عبرية أشارت إلى جهود حثيثة تقوم بها حاليًا حكومة نتنياهو في محاولة لمنع إدراج إسرائيل على القائمة المعروفة إعلاميًا باسم "قائمة العار"، نظرًا لما يمكن أن يكون لهذا القرار من تداعيات جسيمة. في حده الأدنى، يمكن أن يفرض القرار مزيدًا من العزلة الدولية على دولة الاحتلال، بالإضافة إلى قيود تصدير الأسلحة وتقليص علاقات التبادل التجاري مع بعض دول العالم.

القرار الأممي بضم إسرائيل إلى "قائمة العار" حال اتخاذه بالفعل سيكون ساري المفعول لمدة أربع سنوات. سيتخذ هذا القرار بشكل نهائي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الذي يبدو جادًا في تهديده، وفقًا لما اعترف به القادة الإسرائيليون أنفسهم، فاحتمال نجاح المساعي الإسرائيلية لمنع دخول "قائمة العار" هذه المرة يبدو ضئيلًا للغاية.

القلق الإسرائيلي ينبع من التأثيرات المحتملة لهذا القرار على الصورة الدولية لإسرائيل وعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية. قد يؤدي إدراج إسرائيل على هذه القائمة إلى فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية عليها، ما يحد من قدرتها على التحرك بحرية في الساحة الدولية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر القرار على العلاقات الثنائية مع الدول الأخرى، خاصة تلك التي تولي اهتمامًا كبيرًا لقضايا حقوق الإنسان.

تعد هذه التطورات جزءًا من سلسلة من الانتكاسات الدبلوماسية التي واجهتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، بما في ذلك القرارات الأممية التي أدانت سياساتها في الأراضي المحتلة، واعتراف بعض الدول بفلسطين كدولة مستقلة. هذه القرارات تعكس تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لتغيير سياساتها والامتثال للقوانين الدولية.

في المقابل، يحاول المسئولون الإسرائيليون تقليل الأضرار المحتملة لهذا القرار من خلال تعزيز حملاتهم الدبلوماسية والإعلامية للتأثير على الرأي العام الدولي ومحاولة تغيير مسار القرار الأممي. يهدف هذا الجهد إلى تقديم إسرائيل كضحية لتحيز دولي وتحقيق دعم أوسع من الدول الحليفة.

قد يؤدي القرار الأممي إذا ما تم تنفيذه إلى تعزيز الحركات المناهضة للاحتلال داخل إسرائيل وخارجها، ما يزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياساتها تجاه الفلسطينيين. يمكن أن تكون لهذه التطورات تأثيرات بعيدة المدى على السياسة الداخلية والخارجية لإسرائيل، وقد تعيد تشكيل الديناميات السياسية في المنطقة.

يشكل إدراج إسرائيل على "قائمة العار" حال إتمامه سابقة مهمة في تعزيز المساءلة الدولية وتشجيع الدول على الالتزام بالقوانين والمعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان. في الوقت ذاته، يعكس هذا التطور تعقيدات السياسة الدولية والتحديات التي تواجهها المنظمات الأممية في تحقيق العدالة والإنصاف في مواجهة الضغوط السياسية والدبلوماسية.

الإجراءات الأممية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، خاصة بحق الأطفال، تعكس جدية المجتمع الدولي في محاولة محاسبة الدول على أفعالها. إن استمرار الضغوط الدولية يمكن أن يؤدي إلى تغيير ملموس في سلوك الدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان. ولكن، يتطلب الأمر تعاونًا عالميًا قويًا وإرادة سياسية حقيقية لتحقيق ذلك.

من جانب آخر، فإن إدراج إسرائيل على هذه القائمة قد يكون رادعًا لإسرائيل عن التمادي في جرائمها، فضلًا عن كونه فرصة للدول والمنظمات الحقوقية لممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وضمان حماية الأطفال والمدنيين في مناطق النزاع.

في النهاية، فإن تأثير "قائمة العار" يعتمد على التفاعل الدولي ومدى جدية المجتمع الدولي في تنفيذ العقوبات والمساءلة. يمكن أن تكون هذه القائمة أداة قوية لتعزيز حقوق الإنسان والمساءلة، ولكن فعاليتها تتوقف على التعاون الدولي والتزام الدول بتنفيذ القرارات الأممية بحزم وعدالة.