رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حضور الصورة أصبح أكثر تأثيرا في عصرنا

سيد الوكيل: "الكوميكس" قد تصرف النظر عن المعنى الحقيقى لتجربة محفوظ

سيد الوكيل
سيد الوكيل

ما زالت أصداء تحويل أعمال نجيب محفوظ إلى روايات مصورة أو "كوميكس" تتردد، وفي تصريحات خاصة لـ"الدستور"، تحدث عن هذه القضية الناقد الكاتب سيد الوكيل.

سيد الوكيل يسرد تجربة التواصل مع تراثنا المعاصر

واستهل "سيد الوكيل" حديثه لـ"الدستور" قائلا: في عام 2014 تنفسنا الصعداء بعد الثورة، وكنا في حاجة إلى عتبة جديدة لمفهوم الثقافة، تصورناها تواصلا مع تراثنا المعاصر، بنظرة أكثر عمقا للرواد الأوائل أمثال طه حسين، ويحيى حقي، وإدريس ومحفوظ... إلخ. 

وأضاف: انطلقت الفكرة من هيئة قصور الثقافة تحت رئاسة المرحوم سعد عبدالرحمن، فكلف الدكتور محمود الضبع برئاسة سلسلة للناشئين، تعرفهم بالريادات المؤسسة لواقعنا الثقافي. لا تكتب عنهم، بل تلخص أعمالهم، في صيغ تحافظ على القيمة المعرفية لكتبهم، وفي نفس الوقت، تكون في متناول وعي الناشين من الأجيال الجديدة.

وأوضح: كلفني الدكتور الضبع بأن أختص بنجيب محفوظ. وافقت على الفور، وكان هدفي هو رسالة تنوير لأجيال جديدة، تلوث وعيها بأصوليات رجعية، وبكل حيادية لخصت رواية ميرامار.

وتابع "الوكيل": لم أعرف لماذا توقفت السلسلة قي غضون أشهر قليلة. لكن دعيني أنعطف إلى فكرة "الكوميكس"، ربما تنم عن نية حسنة، أقول ربما، ولكني أفكر بالعكس. فكتاب "الكوميكس" قد يصرف النظر عن المعنى الحقيقي لتجربة محفوظ، علينا أن ندرك أن حضور الصورة أصبح أكثر تأثيرا في عصرنا على نحو ما أشار إليه الدكتور شاكر عبدالحميد في كتابه (عصر الصورة). لهذا فإن صور "الكوميكس" بطابعها الكاريكاتيري قد تصرف النظر عن قيمة الكتابة السردية، وتفسرها بطرائق سطحية. 

مشاهدة فيلم عن عمل لمحفوظ ستكون أكثر تأثيرًا 

وتابع سيد الوكيل: لهذا أرى أن مشاهدة فيلم عن عمل لمحفوظ ستكون أكثر تأثيرا في وعي الناشئ، وهو وعي يتطور مع الزمن، وهنا أذكر مقولة رولان بارت "لقد أصبحت السينما حقيقة تقف على قدم المساواة مع غيرها ويجب على جميع الفنون وكل الأفكار أن تشير إليها".

وواصل: في مراحل صبانا الأولى كانت سلاسل الناشئين أكثر انتشارًا، وكان هناك مثقفون ومترجمين يعملون لتنمية الوعي الثقافي المجتمعي، ويحرصون على تعريفنا بأعمال عالمية مهمة من خلال ملخصات وافية أذكر منهم (صوفي عبدالله، وعمر عبدالعزيز أمين) فلخصوا لنا أعمال  تشيكوف، وتولستوي، وإيميل زولا، وإرنست هيمنجواي، وفيكتور هوجو، وجون شتاينبك... إلخ) وهذه الملخصات مثلت العتبات الأولى لوعينا الإبداعي.

وأضاف: المشكلة التي يجب أن أتوقف عندها الآن، أن كتب الكوميكس تستدعي تكلفة عالية أكبر كثيرا من الملخصات التي كانت في متناول أيدينا بسهولة، وارتفاع سعر الكتاب يعني أن القادرين على شرائه هم قلة من الأغنياء، وأن المستفيد الأكبر هو دار النشر، بينما الواقع الثقافي سيظل كما هو فقيرا في معارفه بتاريخه ورواد ثقافته، وأظن أن فكرة الملخصات للناشئين ستكون أكثر تأثيرا وفائدة إذا قامت بها المؤسسات الثقافية، ولا بأس أن تقوم دور النشر الخاصة بتحقيق حلمها.

واختتم سيد الوكيل: في كل الأحوال، الثقافة في كل صورها، أدب، أو سينما، أو مسرح.. دخلت في نمط استهلاكي ورأسمالي طالت حتى الجوائز التي احتكرتها لجان تحكيم خاصة وتنحصر فى نخب سرية، وهي في الأدب تراوح بين الإعلاميين والأكاديمين، فيما يقف الكتّاب على الأبواب، يمدون أيديهم: والنبي جايزة لله.. أنا عيان وبموت.