وزارة لشئون الوافدين فى التشكيل الجديد
كثر الحديث عن تزايد أعداد الوافدين للبلاد بأغراض مختلفة، منها الإقامة أو البحث عن فرصة عمل، أو الهروب من ظروف الحرب الأهلية داخل دولهم، والبحث عن ملاذٍ آمن يقيمون فيه، ولن يجدوا بأى حال من الأحوال سوى الدولة المصرية التى دائمًا ما تحتضن ضيوفها وتقدم لهم التسهيلات الممكنة، بل إن تلك التسهيلات قد تصل الى حدٍ أعلى مما تقدمه لأبنائها كما كثرت التفسيرات عند مفهوم مصطلح الوافد، فهو إما أن يكون مهاجرًا أو لاجئًا أو دخل البلاد بطريقة غير شرعية، ولكل فئة منهم أسلوب معين فى التعامل مع أجهزة الدولة المختلفة.
وفى آخر إحصائية للمنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أفادت بوجود 9 ملايين مهاجر ينتمون الى 133 دولة فى مصر باختلاف أسباب وجودهم، ما بين لاجئ ومهاجر وزائر ومقيم، وهذا العدد يمثل 8.7% من حجم سكان مصر، أغلبهم يقيمون فى محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية ودمياط، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على تلك المحافظات، خاصة فى مجال تقديم الخدمات الصحية التى تستلزم تدعيم البنية التحتية الصحية اللازمة لتقديم الخدمات الطبية لمن يلجأ إليها من الوافدين.. وأعباء تعليمية حيث يستلزم وجودهم ضرورة زيادة الفصول الدراسية لاستيعابهم بل واستيعاب حجم الزيادة المتوقعة منهم.. وأيضًا اجتماعيًا حيث تقوم الجهات المعنية بزيادة خدمات التضامن الاجتماعى وتقديم المعونات الغذائية اللازمة لهم.
وفى آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تبين أن هناك ما يقرب من 4 ملايين مواطن سودانى، ومرشح أن يزيد هذا العدد بمقدار مليونيين إضافيين نظرًا للصراعات والحروب الدائرة فى السودان.. بالإضافة إلى نحو 1.5 مليون مواطن سورى، بالإضافة إلى العديد من الجنسيات الأخرى التى أشرنا إلى أعدادها.. وكل هذا يمثل ضغوطًا على الاقتصاد المصرى فيما يخص حجم الطلب على السلع والخدمات بالإضافة إلى تأثيرها على سوق العمل المصرى.. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الدولة المصرية ما زالت وسوف تظل ترحب بضيوفها مهما كان تأثيرهم على الأحوال المعيشية فى البلاد.
يقول البعض إن هؤلاء حضروا للبلاد بأموالهم، والعديد منهم قاموا بعمل محلات ومصانع ويقومون بتشغيل أعداد من العمالة المصرية بها.. ولهؤلاء نقول إن نسبة الأعداد الوافدة منهم للبلاد تكاد لا تذكر، ويكفى هنا أن نشير الى أن عدد المستثمرين السوريين الحقيقيين فى مصر تقريبًا 30 ألف مستثمر معظمهم أصحاب مطاعم وهى نسبة لا تذكر بالنسبة لعدد السوريين المقيميين بالبلاد، بل وإن معظم المستثمرين يقومون بشراء العملات الأجنبية من السوق الموازية للبنوك وإرسالها لحسابهم فى الخارج وهو الأمر الذى أدى إلى ارتفاع سعر تلك العملات بشكل كبير لولا تدخل الحكومة مؤخرًا بضبط هذه الأسعار.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن مصر لم تشكُ ولم تهدد بإبعاد ضيوفها إلى الدول الأوروبية كما تفعل بعض الدول..
ومؤخرًا بدأت أعداد كبيرة من الوافدين يتعاملون مع الكرم المصرى باستخفاف ومع الترحيب بهم باستعلاء حتى إننا رأينا مؤخرًا شركات أمن خاصة تنشأ من الباطن لجنسيات بعينها دون تسجيلها أو إشهارها فى الأوراق الرسمية وذلك لحماية بعض المستثمرين ورجال الأعمال الذين يحملون جنسية العاملين فى هذه الشركات.. ورأينا أعدادًا كبيرة فى ميادين القاهرة والجيزة يتجمعون فى مجموعات كبيرة مثلما حدث فى ميدان الكوربة بمصر الجديدة وأمام مسجد الدكتور مصطفى محمود بالعجوزة بشكل ينشر القلق بين المترددين على تلك الأماكن.
ومرة أخرى نؤكد أن مصر المضيافة لن تهدد بترحيلهم أو الحد من حريتهم ولكنه أيضًا من حقنا أن نطالب حكومتنا بضرورة دراسة أوضاع هؤلاء الوافدين بالشكل الذى يحقق لنا ولهم الحماية والأمان والاستقرار.
وفى هذا الإطار أصدر الدكتور/ مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، توجيهاته بضرورة تدقيق أعداد الوافدين للبلاد وتقنين أوضاعهم لحصر أعدادهم، ومعرفة ما تتحمله الحكومة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات لهم فى مختلف القطاعات، والتنسيق مع الأجهزة الدولية المعنية لتحمل مسئولياتها تجاه هؤلاء الوافدين، بالإضافة إلى إنشاء لجنة تسمى «اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين» تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع رئاسة مجلس الوزراء ومقرها محافظة القاهرة تكون هى الجهة المهيمنة على كافة شئون اللاجئين.
إلا إننى أرى أنه من الأنسب ونظرًا لتزايد أعداد الوافدين للبلاد عن قدرة تلك اللجنة القيام بالمهام المشار إليها فإن إنشاء وزارة مستقلة للوافدين خاصة على ضوء تكليف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى للدكتور مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة هو الحل الأنسب مع ممارستها للاختصاصات التالية:
- تسجيل بيانات الوافدين للبلاد بشكل دقيق بما يتيح معرفة أماكن تواجدهم ورسم خريطة ديموجغرافية بأماكن إقامتهم.
- إعادة توزيعهم على مختلف المحافظات كى لا تمثل تجمعاتهم تهديدًا على أمن البلاد والتخفيف من تأثيرهم على الحياة الاقتصادية فى محافظات بعينها مثل القاهرة والجيزة.
- الالتزام بتعليمات الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية والخارجية بشأن الإقامة والتسجيل طبقًا للتعليمات الواردة فى هذا الشأن.
- إنشاء سجل تجارى لتسجيل المصانع والمحلات التجارية والمدارس الخاصة التى ينشأها بعض المستثمرين الوافدين بعيدًا عن قوانين الإستثمار وذلك حفاظًا على حقوق الدولة.
- فرض ضريبة على المساكن المؤجرة للاجئيين والوافدين بمبالغ كبيرة حيث أنه تمثل عملًا تجاريًا وينبغى وضعها تحت قوانين الضرائب العقارية أو على الأقل تحصيل رسوم تسجيل هذه العقود.
- سرعة ترحيل العناصر الإثارية والمشاغبة فور رصدها، وذلك بالتنسيق مع أجهزة الدولة الأمنية المعنية.
إن مصر كانت وما زالت وسوف تبقى هى واحة الأمن والأمان والاستقرار للقريب والغريب فيجب أن نحافظ عليها دائمًا وأبدًا بإذن الله.. وتحيا مصر.