مقامرة نتنياهو
بعد تجاهله التام لكافة الاتفاقيات والالتزامات الدولية المتعلقة بحماية المدنيين، يواصل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تنفيذ العملية الوحشية الإسرائيلية ضد المدنيين في قطاع غزة وشرق مدينة رفح الفلسطينية.
وفى الوقت الذى تبذل فيه مصر جهودًا حثيثة من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وإتمام صفقة يتم بموجبها الإفراج عن محتجزين إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، يصر نتنياهو على تخريب تلك الجهود، والسير إلى حافة الهاوية.
ولأن استمرار الحرب هو طوق النجاة الوحيد لنتنياهو الذي يواجه انتقادات دولية وداخلية عنيفة تضع مستقبله السياسي على المحك، كان من الطبيعى أن يستمر رئيس حكومة الاحتلال في إجراءاته التصعيدية، ويتجاوز كل الخطوط الحمراء لإطالة أمد الصراع بغرض تأجيل محاسبته حتى لو كانت النتيجة وضع المنطقة بأكملها على فوهة بركان قد ينفجر في وجه الجميع بأي لحظة.
من هذه الزاوية، أكد المراقبون سبب إقدام نتنياهو على احتلال محور فيلاديلفيا بكامله، والسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بالمخالفة لمعاهدة السلام الموقعة مع مصر عام 1979، وكذلك بروتوكول المعابر مع السلطة الفلسطينية عام 2005 جاء بعد أن أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية موافقتها المبدئية على المقترح المصري لوقف إطلاق النار المستدام، كأساس تنطلق منه مفاوضات عملية السلام بين الجانبين الرامية إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة.
المراقبون الدوليون أكدوا أن موافقة الفصائل الفلسطينية على المقترح المصري وضع نتنياهو وحكومته المتطرفة في الزاوية، مؤكدين أن التصعيد الذي تنتهجه إسرائيل في رفح الفلسطينية هو مقامرة غير مأمونة العواقب من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين حال اتساع رقعة الصراع وتعدد جبهاته، معتبرين أن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية لسكان غزة الذين يعانون الجوع بسبب امتداد نطاق العمليات العسكرية، والتهديد بتهجير المواطنين من مراكز الإيواء، ومنع موظفي الأمم المتحدة من دخول القطاع ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وطالبوا العالم كله بأن ينتفض لمنع حدوثها.
التوترات السياسية تتصاعد بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وعضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني جانتس، على إثر مطالبات الاخير بالتحقيق في اخفاقات السابع من أكتوبر، حيث هدد الأخير بالانسحاب من الحكومة بحلول 8 يونيو المقبل، إذا لم يوضح رئيس الوزراء بالتفصيل خطة اليوم التالي للحرب على غزة.
جانتس الذي يتزعم حزب الوحدة الوطنية قال إن جميع الأحداث التي سبقت الحرب سيتم التحقيق فيها في إطار لجنة التحقيق الحكومية، بالإضافة إلى اتخاذ القرار على المستويين السياسي والعسكري، والإجراءات خلال فترة الحرب نفسها.
تعهدات اعتبرها مراقبون خطابا انتخابيا مبكرا يستعد به جانتس حال الانسحاب من الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة لللإطاحة بنتنياهو من رئاسة الوزراء.
الخبراء يعتبرون أن الخلاف الحادث حاليا بين نتنياهو ورجل الولايات المتحدة في إسرائيل بيني جانتس، إنما هو في حقيقته خلاف بين واشنطن وتل أبيب حول طريقة إدارة المعركة مع تجنب الإدانات الدولية نظرا للإفراط في استخدام القوة ضد الفلسطينيين، وهو ما يشير لأمرين، الأول اقتراب نهاية نتنياهو، والثاني إطالة أمد الحرب بعد وصول جانتس لكن بالشروط الأمريكية وذلك حتى صدور تعليمات أخرى.