رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة المارونية تحتفل بذكرى مار يوستينوس الشهيد

الكنيسة المارونية
الكنيسة المارونية

تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى مار يوستينوس الشهيد، الذي  وُلِدَ في نابلس الجليل من أبوين وثنيين وتضلَّعَ من العلوم الفلسفية الفيثاغورية والافلاطونية. إرتَّدَ الى الديانة المسيحية في أفسس عند قراءته الأسفار المقدسة وأخَذَ يتجوّل حتى روما حيث استقّرّ وفتحَ مدرسة لِتلقين العلوم المسيحية. كتَبَ يدافع عن المسيحية، ومن كتُبِهِ التي وصلت إلينا: الدفاع الأول، الدفاع الثاني، والمحاورة مع اليهودي تريفون. من أقواله عن نفسه:"كنتُ أُسّرُّ بأقوال أفلاطون الى ان رأيت المسيحيين لا يهابون العذابات والموت ففهمت انه لم يكن ممكناً أن يعيشوا في الفحش واللذات...".

مات شهيداً بعد أن وقف في المحكمة وقفة المؤمن الشجاع. حُكِمَ عليه بقطع الرأس واستشهدَ سنة 165.

وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية جاء نصها كالآتي: 

لطالما تساءلت عن سبب تفضيلات الله الصالح، ولماذا لا تحصل النفوس كلّها على مستوى النعم نفسه... لقد تكرّم عليّ الرَبّ يسوع بتفسيره لي هذا السرّ، واضعًا أمام عينيّ كتاب الطبيعة. عندئذٍ فهمت أنّ الأزهار التي خلقها هي كلّها جميلة، وأنّ لمعان الوردة وبياض الزنبق لا يزيلان عطر زهرة البنفسج الصغيرة ولا بساطة زهرة الربيع الساحرة. فهمت بأنّ الطبيعة ستفقد لا شكّ زينتها الربيعيّة، وبأنّ المروج لن تبقى عابقةً بالزهور إن كانت الزهور الصغيرة كلّها ترغب في أن تصبح ورودًا.

الأمر سيّان في عالم النفوس ألا وهو حديقة الرّب يسوع. أراد أن يخلق القدّيسين العظماء الذين يمكن تشبيههم بالزنبق والورد، ولكنّه خلق كذلك أزهارًا أصغر ويجدر بها أن تتقبّل كونها زهرة ربيع أو بنفسج من شأنها أن تُفرح نظرات الله الصالح عندما يحيل نظره نحو قدميه؛ إنّ سرّ الكمال يكمن في الخضوع لمشيئته، وفي أن نصبح ما يريدنا أن نكون.

لقد فهمت أيضًا بأنّ حبّ ربّنا يتجلّى في أبسط النفوس التي لا تقاوم أيًّا من نعمه كما في أرقاها على حدّ سواء؛ في الواقع، إنّ ما يميّز الحبّ هو التواضع، ولو كانت النفوس كلّها تشبه نفوس القدّيسين الملافنة الذين أناروا الكنيسة بصفاء عقيدتهم، فإنّه يخيّل إليّ أنّ الله لن يتنازل كثيرًا حيث يأتي إلى قلوبهم. ولكنّه خلق الطفل الذي لا يعرف شيئًا والذي لا يصدر سوى صرخات خفيفة، وخلق المفترس المسكين الذي لا يمتثل سوى لقانون الطبيعة وما يريده من ذلك هو أن ينزل إلى قلوبهم، ذلك أنّ أزهار المروج التي تفرحه موجودة هنا. في نزوله هذا، يبيّن الله عظمته اللامتناهية. وكما تنير الشمس على حدّ سواء الأرْزَ والأزهار الصغيرة وكأنّها وحيدة على هذه الأرض، كذلك يهتمّ ربّنا بكل نفس على حدة وكأنّها فريدة لا شبيه لها.