الدفعة الثانية من أموال «رأس الحكمة» تهوى بالدولار وترفع التصنيف الائتمانى
توقع خبراء اقتصاد ومصرفيون تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه إلى ما بين ٤٠ و٤٥ جنيهًا، خلال الفترة القليلة المقبلة؛ بفضل توافر السيولة النقدية الناتجة عن تسلم مصر الدفعة الثانية من صفقة الشراكة الاستثمارية لمشروع «رأس الحكمة»، بقيمة ١٤ مليار دولار، إضافة إلى تسوية وديعة إماراتية قدرها ٦ مليارات دولار.
وتوقع الخبراء، خلال حديثهم مع «الدستور»، أن تؤدى هذه الخطوة إلى إعادة تقييم المؤسسات الدولية للتصنيف الائتمانى لمصر، ورفعه إلى درجة «B»، خلال الأسابيع المقبلة، إلى جانب فتح شهية المستثمرين الأجانب لضخ مزيد من الاستثمارات فى مصر.
ورأى الخبراء أن تلك الإجراءات تنعكس بشكل كبير على حركة الأسواق، من ناحية توافر مستلزمات الإنتاج، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وعودة الصناعة إلى نشاطها السابق، بشكل يصب فى صالح الاقتصاد ككل.
عبدالمنعم السيد: استقرار الأسواق مع زيادة الإفراج عن البضائع ومستلزمات الإنتاج من الموانئ المختلفة
قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن تسلم مصر الدفعة الثانية من صفقة الشراكة الاستثمارية لمشروع «رأس الحكمة» بقيمة ١٤ مليار دولار، إضافة إلى تسوية وديعة قدرها ٦ مليارات دولار، يؤثران إيجابًا على الاقتصاد المصرى، ويؤديان إلى توفير سيولة دولارية كبيرة داخل السوق، وهو ما ظهر فى تحسين قيمة وأداء الجنيه المصرى أمام الدولار، الذى انخفض سعره إلى أقل من ٤٧ جنيهًا، لأول مرة منذ قرارات ٦ مارس الماضى، مع توقعات بوصوله إلى أقل من ذلك قريبًا.
وأضاف «السيد»: «صفقة رأس الحكمة تمثل أكبر استثمار مباشر يدخل إلى مصر، وتبلغ قيمتها الإجمالية ٣٥ مليار دولار، وتبعات وصول الدفعة الثانية منها أدت إلى زيادة قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار بنسبة ١.٧٪، أى بقيمة ٨٣ قرشًا، كما أنها وفرت السيولة الدولارية التى مكنت الحكومة من تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية».
وواصل: «اكتمال الصفقة مكّن الدولة من ضبط سوق الصرف الأجنبى، وتلبية احتياجات السوق المصرية من السلع والمنتجات الأجنبية، وساعد الحكومة على تجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة»، مشيرًا إلى أن توافر الحصيلة الدولارية ساعد الجهاز المصرفى على توفير وتلبية احتياجات المستوردين، وتغطية الاعتمادات المستندية داخل البنوك.
وأكمل «السيد»: «مكاسب الصفقة كبيرة ومتعددة، وتسلم مصر الدفعة الثانية منها يساعد على زيادة الإفراجات الجمركية عن البضائع ومستلزمات الإنتاج والأعلاف، ويؤدى إلى توفير جميع احتياجات المستوردين، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على توفير السلع داخل الأسواق، وبالتبعية انخفاض أسعارها، علاوة على اتجاه معدلات التضخم إلى الانخفاض للشهر الثانى على التوالى، ليبلغ معدل التضخم فى شهر أبريل نحو ٣١.٥٪، مقارنة بنحو ٣٣٪ فى مارس السابق عليه».
ورأى أن توفير الحصيلة الدولارية من شأنه ضبط سوق الصرف، وزيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر، متوقعًا تحسين التصنيف الائتمانى لمصر، ليصبح «B» بدلًا من التصنيف الحالى عند «B-»، مع رفع مؤسسات التصنيف الدولية خلال الفترة الأخيرة تقييمها لمصر والنظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى من «سلبية» إلى «مستقرة»، ثم من «مستقرة» إلى «إيجابية»، فى غضون شهر واحد.
وتوقع أن يؤدى توافر السيولة الدولارية إلى القضاء بشكل نهائى على السوق السوداء، واستقرار السوق، ما يكون له إثر إيجابى على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، خلال الفترة المقبلة، مع سعى الحكومة لجذب المزيد من الاستثمارات، وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وتمكين القطاع الخاص.
وأفاد «السيد» بأن حجم استثمارات المشروع يصل إلى ١٥٠ مليار دولار، ويتم تنفيذه عبر إنشاء شركة تحت مسمى «رأس الحكمة»، التى بدأت إجراء الدراسات المطلوبة بالفعل، انتظارًا لبدء التنفيذ بشكل رسمى خلال الفترة المقبلة، بعد بدء إجراءات تسليم الأرض حاليًا.
وأوصى الحكومة بحسن استخدام هذه الحصيلة الدولارية، وتوجيه جزء منها لإقامة مشروعات إنتاجية وصناعية، بهدف زيادة المنتج المحلى والصادرات المصرية، وخفض الفاتورة الاستيرادية للدولة، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض الصناعات، وتنمية موارد مصر الزراعية والإنتاجية.
محمد عبدالعال: الرصاصة الأخيرة على السوق السوداء للعملة
وصف محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، تسلم مصر الدفعة الثانية من أموال مشروع «رأس الحكمة» بأنه الرصاصة الأخيرة على السوق السوداء للدولار، فى ضوء مساهمتها فى القضاء على هذه السوق غير الشرعية بشكل كامل لا رجعة فيه.
وأضاف «عبدالعال»: «دخول سيولة دولارية كبيرة أدى إلى تراجع الطلب على الدولار وزيادة المعروض منه، وحدوث ذلك بالتزامن مع إقرار سعر صرف عادل ومرن يحدد اتجاهات السوق، ما يؤدى إلى تراجع سعر الدولار إلى ٤٥ جنيهًا، خلال الأيام القليلة المقبلة». وواصل الخبير المصرفى: «وصول الدفعة الثانية يزيد من النظرة الإيجابية للاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة، ويدفع مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية إلى تعديل التصنيف الائتمانى السيادى لمصر، من (B-) إلى (B)، فى ظل تحسن احتياطيات النقد الأجنبى للبلاد بفضل هذه الدفعة القوية».
محمد سعد الدين: توفير مليون فرصة عمل وجذب 8 ملايين سائح
رأى الدكتور محمد سعد الدين، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أن وصول الدفعة الثانية من أموال مشروع «رأس الحكمة» بقيمة ١٤ مليار دولار، بالإضافة إلى تسوية وديعة دولارية إماراتية بقيمة ٦ مليارات دولار، يعتبران دفعة قوية للاقتصاد المصرى، وحدثًا مهمًا يؤثر إيجابًا على الدولة ككل.
وتوقع «سعد الدين» تراجع سعر الدولار إلى ما دون الـ٤٥ جنيهًا، خلال الأيام القليلة المقبلة، مع توقعات بجذب مصر استثمارات جديدة تقدر بنحو ٥٠ مليار دولار سنويًا.
وأضاف: «المشروع العملاق الذى سيبدأ العمل به فى عام ٢٠٢٥ يحتاج إلى مشاركة جميع أبناء الوطن، علمًا بأن حجم الاستثمارات فيه يتجاوز ٢٠٠ مليار دولار، وسيسهم فى إنشاء مدينة سياحية عالمية متكاملة، ما يؤدى إلى خلق فرص عمل دائمة للمصريين، وجذب نحو ٨ ملايين سائح».
وواصل: «المشروع سيضع مصر على الخريطة العالمية للسياحة والاستثمار، ومن المتوقع أن يسهم فى جذب استثمارات تقدر بـ١٠٠ مليار دولار، فى مناطق متفرقة أخرى، بعدما أصبحت مصر من الدول الجاذبة للشركات العالمية».
أشرف غراب: ارتفاع الاحتياطى الأجنبى.. وانخفاض أسعار السلع
أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، أن تسلم مصر الدفعة الثانية من صفقة «رأس الحكمة» يعمل على زيادة الاحتياطى النقدى الأجنبى بصورة كبيرة، ما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد القومى.
وأوضح «غراب» أن احتياطى مصر من النقد الأجنبى وصل إلى ٤١٫٠٥٧ مليار دولار بنهاية أبريل ٢٠٢٤، مقابل ٤٠٫٣٦١ مليار دولار فى مارس ٢٠٢٤، مشيرًا إلى أن هذا الرقم سيزيد مع دخول السيولة الدولارية من مشروع «رأس الحكمة»، إضافة لتمويلات صندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى بقيمة ١٦ مليار دولار. وأضاف: «ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى يؤدى إلى انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وهو ما بدأنا فى رصده بالفعل، من خلال حدوث تراجع تدريجى للدولار فى السوق، مع توقعات باستمرار ذلك حتى وصوله إلى ٤٠ جنيهًا خلال الفترة المقبلة».
وواصل: «وجود سيولة دولارية كبيرة لدى البنك المركزى، وتراجع سعر صرف الدولار تدريجيًا، يؤديان إلى زيادة الإنتاج وانخفاض تكلفته، وبالتالى حدوث انخفاض تدريجى فى سعر السلع، وزيادة المعروض منها فى الأسواق، ما ينعكس بالإيجاب على انخفاض معدلات التضخم، خلال الشهور القليلة المقبلة، حتى نصل إلى المعدلات المستهدفة».
وأكمل: «هذه السيولة الدولارية الكبيرة ستصبح متوافرة لكل المستوردين والمنتجين والمصنعين، وهذا يعمل على تحقيق معدلات نمو موجبة، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية الجديدة للعمل فى السوق المصرية، بسبب استقرار سعر الصرف، وعدم وجود سوقين للعملة، بعد القضاء على السوق السوداء بشكل نهائى، وعودة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج».
هانى أبوالفتوح: تعزيز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى
شدد هانى أبوالفتوح، الخبير المصرفى، على أن تسلم الدفعة الثانية من صفقة «رأس الحكمة» يعد دفعة قوية للاقتصاد المصرى، ويعكس أهمية الاستثمار الخارجى فى تطوير البنية التحتية والمشاريع الكبرى فى البلاد.
وأضاف «أبوالفتوح»: «وصول الدفعة الثانية يشير إلى الثقة التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى فى عيون المستثمرين الدوليين، واستمرار هذه الصفقات يسهم فى زيادة التدفقات النقدية إلى مصر، وتعزيز نموها الاقتصادى».
وواصل: «يتضح جليًا الدور الذى يمكن أن تلعبه الشراكات الدولية فى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، فالتعاون بين مصر والإمارات يظهر قدرة البلدين على العمل معًا لتحقيق الاستفادة المتبادلة، وتعزيز التنمية المستدامة».
وأكمل: «تسلم الدفعة الثانية من صفقة تطوير وتنمية منطقة رأس الحكمة يعكس التزام الإمارات بدعم مصر فى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادى فى المنطقة، كما يبرز أهمية الاستثمار الخارجى كمحرك رئيسى للنمو الاقتصادى فى مصر، ودور الشراكات الدولية فى تحقيق هذا الهدف».
سهر الدماطى: «الأخضر» يصل لـ٤٥ جنيهًا
قالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن وصول الدفعة الثانية من أموال «رأس الحكمة» يمثل دفعة جديدة تنعش قلب الاقتصاد المصرى، وتُخرجه من جميع أزماته، معربة عن شكرها وتقديرها الكامل لدولة الإمارات الشقيقة، فى ظل ما تقدمه من دعم لمصر فى الأوقات الصعبة.
وتوقعت الخبيرة المصرفية حدوث هزة كبيرة وتراجع فى سعر صرف الدولار أمام الجنيه، ليصل الدولار إلى نحو ٤٥ جنيهًا، خلال الفترة القليلة المقبلة، مؤكدة أن أسواق العملة تراجعت بالفعل، بعد الإعلان عن تسلم مصر الدفعة الثانية من أموال مشروع «رأس الحكمة»، بالإضافة إلى بدء تسوية وديعة إماراتية بقيمة ٦ مليارات دولار.