يعود تاريخه لأكثر من قرن.. الكوبري الفرنساوي شاهد على التاريخ في زفتى
في قلب الدلتا بجمهورية مصر العربية، يتواجد أحد المعالم الأثرية الفريدة التي تعود لأكثر من قرن من الزمان، إنه الكوبرى الفرنساوى الذي يربط بين مدينة زفتى بمحافظة الغربية، ومدينة ميت غمر في محافظة الدقهلية، يعد هذا الكوبرى من بين أهم المنشآت التاريخية التي تحمل في طياتها الكثير من القصص والتحولات التي شهدتها المنطقة على مر العصور.
ويمتد طول الكوبرى الفرنساوى لما يقرب من 417 مترًا، وقد تم إنشاؤه في عام 1907 خلال فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، تم تصميم الكوبرى بهدف تسهيل نقل الأسلحة والذخائر خلال تلك الفترة الصعبة، حيث إستعان الإنجليز بمهندسان فرنسيان لبناء هذا الكوبري، والذي يشبه حديده حديد برج إيفل الفرنسي الشهير، وتم نقل مكوناته من فرنسا إلي القاهرة ثم نقله إلى زفتى عبر نهر النيل، وقد سيطرت قوات الإحتلال الإنجليزي علي الكوبري وإستخدته في نقل البضائع والعتاد الحربي إلى جانب تسيير القطارات، حيث يمحتوي الكوبري على أربع حارات حارتين للمشاه وحارة للسيارات وأخرى للقطارات، وتم بناء الكوبرى عن طريق نقل أجزائه المفككة عبر ناقلة تجرها مياه النيل، ثم تم تركيب تلك الأجزاء في المكان الذي يتواجد فيه الآن.
وساعد هذا الكوبري في نجاح قيام "جمهورية زفتى" الشهيرة التي نفذها المحامي يوسف الجندي ورفاقه، حين نجحوا في الإستقلال عن الوطن الأم مصر في صرخة مدوية أطلقوها ضد العدو المحتل، وذلك حين تمكنوا من السيطرة علي الكوبري، ومنعوا أحد من إستخدامه وأوقفوا كافة أنواع الحركة عليه، ومنعوا دخول أي أحد لزفتى عبر الشرق، لينجحوا في استقلالهم ببلدهم كأول جمهورية مستقلة في الشرق الوسط ولكن لمدة أربعة أيام فقط، ليكونوا أحد أهم أسباب نجاح ثورة 1919 بقيادة سعد باشا زغلول.
ويتميز الكوبرى الفرنساوى بقدرته على الفتح والغلق لمرور السفن والمراكب الشراعية عبره ومع ذلك، ومنذ عقدين من الزمن، توقف فتحه بسبب عدم مرور السفن خلال نهر النيل من هذه المنطقة واعتماد النقل علي الطرق البرية، ويعتبر الكوبرى الفرنساوى شاهدًا على تطور البنية التحتية والهندسة المعمارية في مصر خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، وتعكس أهمية الموقع الجغرافي لمدينة زفتى وميت غمر كنقاط تواصل حيوية بين محافظتي الغربية والدقهلية، وبين وسط وشرق الدلتا.
وتتجه الجهود الحالية نجو الحفاظ على الكوبرى الفرنساوى هذا التراث التاريخي الفريد، فقد تم اتخاذ إجراءات ترميم وصيانة للحفاظ على الهيكل والمحافظة على جماليته، حتى يستمتع الزوار والسكان المحليون بروعته وقيمته التاريخية، ويغتبره سكان مدينتي زفتى وميت غمر مصدرًا هامًا للتعلم والتاريخ، حيث تعكس هذه المعالم الفريدة العبقرية البشرية واستمر عصور لبناء وتصميم تلك الهياكل الضخمة، ويعتبر أهالي المنطقة الكوبرى الفرنساوى في مدينة زفتى واحدة من العجائب التي تجسد إرثنا الثقافي.
ويعد الكوبرى الفرنساوي في مدينة زفتى من المعالم الأثرية الفريدة والتي تحمل تاريخًا عريقًا يجب علينا الاهتمام بالحفاظ على هذا التراث التاريخي والعمل على تعزيز الوعي حول أهميته إنه تذكير قوي بالتاريخ والثقافة الغنية لمصر، ويرى الجميع أنه من المهم أن نحافظ على هذه الروائع لتستمر في إلهام الأجيال القادمة.