عفاريت الأسفلت.. هوس الاسكيتينج والدراجة الهوائية يجتاح شوارع مصر
إذا كنت من رواد منطقة وسط البلد، أو شوارع الزمالك الهادئة، أو كورنيش مدينة الإسكندرية، ستجد نفسك محاطًا بمجموعة من الشباب والفتيات، يرتدون في أقدامهم أحذية بها عجلات بلاستيكية، يسابقون بها السيارات والموتوسيكلات، ومجموعة أخرى تستقل الدراجة الهوائية، وهي مشاهد تشعرك للوهلة الأولى أنك سافرت لإحدى المدن الأوربية، التي تشتهر بممارسة هذه الرياضات في طرقاتها ومتنزهاتها العامة، وخلال السنوات القليلة الماضية أصبحت موضة شبابية جديدة، لتجتاح جميع المحافظات المصرية.
عند مرورك بميدان التحرير أو خارج من محطة مترو السادات، أو تجلس بأحد كافيهات منطقة البورصة، وشوفت ناس بطير في الهوا وبيعملوا عروض أكروباتية، اطمن دول مش كائنات فضائية دول شباب الاسكيتينج وبيعملوا إيه؟ بيسكيتوا، مصطلحات ومشاهد قد تكون غريبة لبعض المصريين وهي رياضة التزحلق وتسمي بالاسكيت، ولكنها أصبحت ظاهرة لا يخلو منها الشارع المصري، وتحديدا الأماكن الرئيسية مثل حديقة مجمع التحرير وشوارع وسط البلد وكورنيش الإسكندرية، وحتي صعيد مصر قد تزينت عدد من شوارعه، بهذه الرياضات الشبابية.
بدأت رياضة الاسكيتينج في الانتشار بمصر منذ حوالي عشرة سنوات، عن طريق محل أدوات رياضية بالإسكندرية أصحابه غير مصريين، نظموا أول إيفينت لمسابقة اسكيتينج لبعض من هواة اللعبة، وكانت تعرف عند المصريين قديمًا باسم "الباتيناج" ثم أخذت اللعبة مسلكا آخر حيث أصبحت موضة ورياضة اتخذها بعض الشباب لتخريج طاقاتهم السلبية من خلالها، وخاصة عقب جائحة كورونا التي ضربت العالم بأكمله عام 2020، وتم إغلاق الأندية والمتنزهات العامة كنوع من الإجراءات الاحترازية وقتها، ليجد مجموعة كبيرة من الشباب ضالتهم في ممارسة الرياضة بالشارع، سواء كانت رياضة التزلج، والمعروفة بالاسكيتينج، أو رياضة ركوب الدراجات الهوائية، وهي التي بطبيعة الحال أقدم بعض الشيء، وموجودة بمصر منذ وقتٍ بعيد.
التقت “الدستور” مع عدد من مدربي ولاعبي هذه الرياضات، وشهرتها الفري ستايل بالشارع، وكانت البداية مع إسلام محمد مدرب إسكيت وقائد فريق الاسكيتينج بالقاهرة، ويملك أيضًا أحد الاكاديميات الخاصة لتعليم المستجدون المقبلون على هذه الرياضة الحديثة، حيث قال: "في البداية الموضوع كله بدأ بـ3 أفراد، تقابلنا خلال ممارستنا هذه الرياضة بالشارع، وكان لا يوجد أي أثر لها قديمًا، إلا في عدد قليل لبعض الأندية الرياضية، وكانت تعرف برياضة السرعة، أو الكلمة الدارجة عند معظم المصريون، وهي الباتيناج، ولكن ممارستها في الشارع، والتي تعرف بالفري استايل كانت البداية عندما قررنا إنشاء جروب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، نعلن خلاله عن اللعبة، وقمنا بضم كل من يرغب في ممارستها له، شيئًا فشيئًا توسع الجروب واصبح له عدد هائل من مختلف الأعمار السنية.
هناك 3 أنواع لرياضة الاسكيت، أولهم الاسكيت بورد وهو عبارة عن لوح خشبي به 4 عجلات دوارة يقف صاحبه فوقه، والسير به باستخدام إحدى القدمين في عملية الدفع للأمام، وهناك نوع آخر وهو الاسكيت لينر، وهو عباراة عن حذاء برقبة، وفي أسفله عجلات مصففة، يستخدمها المتزلج في عملية السير أو الفرملة، وهناك نوع ثالث وهو الانزلاق على الجليد، وله حذاءه الخاص به، الذي يتوسط نعله قطعة حديدية.
وعن أسعار حذاء الاسكيت وأماكن بيعه في مصر يقول إسلام " هناك تفاوت في الأسعار فمثلًا هناك الحذاء الأصلي، الذي يصنع من خامات خاصة، معدل الحماية والأمان به عالي، ويتراوح سعره من 2500 إلى 3000، وهذا النوع تقوم كل مجموعة بتجميع مبلغ وإرساله للخارج من استيراده وشرائه بسعر جيد، وهناك أنواع أخرى صيني، وسعرها يتراوح في الألف جنيه، ولكن لا أنصح بشرائها، بسبب خامتها الضعيفة والتي تعرض للتلف سريعًا، وفي نفس الوقت سعرها قريب من سعر الحذاء الأصلي.
ويمتلك إسلام وصديق له أكاديمية خاصة لتعليم رياضة الإسكيتينج، حيث قال "أنشأت وصديق لي أكاديمية متخصصة للتدريب على تعلم رياضة الاسكيت، ولها عدة أفرع، في مصر الجديدة والتجمع الخامس والمقطم والمهندسين، وسعر الاشتراك بها متفاوت من مكان لآخر، يبدأ بـ400 جنيه للسيشن الكامل، وللعلم عدد الفتيات أكبر من عدد الشباب في ممارسة رياضة الاسكيتينج، وحيث وصل عدد اللاعبين في مصر حاليًا إلى نصف مليون لاعب، في جميع محافظات الجمهورية، واتمنى في ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في مجال الطرق، تخصيص مكان آمن لممارسة رياضة الاسكيتينج، يكون متوفر به جميع مواصفات السلامة الخاصة باللعبة".
محمد فوزي طالب بأكديمية الشروق وأحد لاعبي الاسكيتينج "أنا بلعب رول إسكيت من سنة ونص تقريبا والفكرة جاتلي عن طريق اني كنت بلعب بالعجلة في وسط البلد وشوفت ناس بيلعبوا حاجة غريبة لفتت نظري وكل معلوماتي عنها أنها باتيناج زي ما كنا نعرف واحنا صغيرين، وبعد كدة دخلت اتعرفت على اللي بيلعبوا ورحبوا بيا جدا وفضلوا يساعدوني لحد ما اتعلمت ودلوقتي بلعب معاهم، وطموحي في اللعبة مالوش حدود وكل الاسكيترز نفسهم يكون فيه اسكيت باركفي مصر يجمعنا كلنا علشان نبعد عن حوادث الطريق والمخاطر اللي بتواجهنا بالشارع".
نيرة جميل طالبة جامعية بالفرقة الرابعة ولاعبة اسكيت تقول: "رياضة الرول الاسكيت عبارة عن فكرة جاتلي، بسبب إني كنت أواظب على ركوب الدراجات، وكمان واحدة صاحبتي هي اللي حببتني في الموضوع، خاصة انه ساعدني خلال فترة معينة كنت أمر بأزمة شخصية بها، تغلبت عليها بممارسة بممارسة رياضة الانزلاق، وأنا كبنت بتعرض لمضايقات كتيرة في الشارع ولكن بحاول أرد على البعض وأطنش البعض الآخر علشان أحافظ على توازني لأني مش هخبط في حاجة علشان شوية تفاهات، في البيت عارفين اني بلعب سكيت وبيشجعوني كمان بس طبعا مش بيوافقوا إني أدخل مسابقات والجو ة خوفا عليا طبعا ونفسي يكون فيه اهتمام أكبر بهذه الرياضة، وتخصيص مكان أمن لممارستها".
ميادة طالبة بالمرحلة الثانوية، لاعبة اسكيت تقول: “في البداية أنا كنت أمارس رياضة السباحة، وبحب الرياضة جدا ولما شوفت الاسكيت نسيت السباحة خالص علشان الاسكيتينج حاجة جديدة بالنسبالي، وكمان انا كنت بعاني من حالة توحد ومكنش عندي أصدقاء، وفي البيت مرحبين بالموضوع وبيشجعوني كمان طالما مش بيأثر على دراستي، ومش هبطلها خالص حتى لو اتجوزت هشجع جوزي إنه ينزل معايا نلعب اسكيتينج، وبنزل في منطقة الزمالك ووسط البلد 4 أيام أسبوعيًا لممارسة هذه الرياضة الجديدة، واعتقد أنها هتكون في حتة تانية خلال السنوات القادمة، أكبر من أنها مجرد موضة شبابية”.
قمنا بجولة لرصد أسعار حذاء الاسكيت في مصر، وكانت البداية في محلات مستلزمات رياضية بمنطقة وسط البلد، يقول الحاج أشرف صاحب أحد هذه المحال التجارية "حذاء رياضة الاسكيتينج أو الباتيناج زي ما عرفناه قديمًا، عمره ما كان عليه إقبال في شراءه، عشان كدة كان نادر جدًا لما يكون موجود، لكن خلال السنين الأخيرة فوجئنا هنا بسوق المستلزمات والملابس الرياضية، بأعداد هائلة من الزبائن، وخاصة الفئة الشبابية يستفسرون على أسعاره، وقطع غياره، لذلك قمنا باستيراد كميات كبيرة من الخارج، وأغلبيتها من الصين بطبيعة الحال، لانخفاض سعر الحذاء بها، وان كان أقل جودة عن غيره من الماركات المعروفة، فسعر القطعة تبدأ من 800 جنيه، ويعتبر سعر جيد مقارنة بالقطعة الأصلية ازاي قد يصل ثمنها إلي 4 آلاف جنيه".
بالانتقال إلى رياضة أخرى غزت الشارع المصري خلال الفترة الأخيرة، وشجعتها الحكومة المصرية بإنشاء مشروع قومي خاص بها كايرو بايك، الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء وخالد عبدالعال محافظ القاهرة، هي رياضة ركوب الدراجات التي أصبحت لا يخلو منها شارع رئيسي أو ميدان في الأيام الماضية، كبديل جيد لعدد كبير من الشباب وأصحاب أعمار سنية مختلفة، لبعض الرياضات الأخري، التي قلت شعبيتها في الشارع مؤخرًا.
يقول أمجد حافظ رجل في العقد الرابع من عمره، والمسئول عن جروب دراجات مصر الجديدة ومدينة نصر "فكرة ممارسة رياضة ركوب الدراجة، راودتني خلال فترة جائحة كورونا، حيث أنني أمارس لعبة التنس، وعقب غلق الأندية بسبب الاجراءات الاحترازية، قمت بشراء دراجة، واستخدامها في السير حول منزلي، للمحافظة علي لياقتي البدنية وممارسة الرياضة للحفاظ علي صحتي، وتطور الموضوع بمرور الوقت وقمنا بتكوين جروب بيزنس مان دراجات مدينة نصر، والجروب به رجال وسيدات، ونقوم بالنزول مرتين في الأسبوع لممارسة رياضتنا، التي اصبحت مفضلة بالنسبة لنا، وتكون أماكن الالتقاء أمام النادي الأهلي بمدينة نصر، أو ميدان المحكمة بضاحية مصر الجديدة، ونقوم أيضًا بتنظيم رحلة سفربالدراجة مرة كل شهر، وكان أخر سباق لنا هو ديوز في مدينة فايد، قضينا به وقت ممتع جدًا، والتي يستغرق وقت سفرها بالعجلة 7 ساعات، ونقوم بالحصول على راحة كل فترة معينة، حيث أننا نتجمع في تمام الثالثة والنصف فجرًا، في نقطة التقاء محددة، ننطلق منها، وسبقتها سفرية أخري بالدراجة لمدينة الإسكندرية، وتصاحبنا علي الطريق سيارة انقاذ مجهزة بالكامل، نقوم بإحضارها خصيصًا لهذا اليوم، خاصة وأننا جروب شامل لفتيات أيضًا، وهناك بعض الحالات التي تصاب بالارهاق أو أعطال تصيب دراجتها، فنقوم بتوفير هذه السيارة تحسبًا لأي ظروف طارئة.
رياضة الدراجات الهوائية اصبحت موضة ورياضة أساسية لعدد كبير من أبناء الشعب المصري، ومن يكون عنده النية للانضمام للحروب الخاص بنا، نرحب به علي الفور، ومنهم من يقوم بإيجار الدراجة في البداية، حتي يتمكن من قيادتها، ومتوسط سعر إيجارها في اليوم الكامل 100 جنيه.
وعن أسعار الدراجات وأنواعها، يقول أمجد: "هناك دراجات بأنواع عديدة، يبدأ سعرها من 3 آلاف جنيه، وهناك دراجة يصل سعرها 200 ألف جنيه، حسب الخامة والإمكانيات الخاصة بكل دراجة، وكلما خف وزن الدراجة زاد سعرها، هناك نوع مصنوع من الألمونيوم فقط، ونوع آخر مصنوع من الألمونيوم والكربون، وهناك دراجة بها مساعدين حديد وبعض الإمكانيات الأخرى، ولكن يتسبب ذلك في زيادة وزنها، ومع ذلك تلقى رواد من بعض الشباب الذين يعشقون المغامرة وصعود الجبال، والسير في الأماكن غير المستوية مثل محمية وادي دجلة، وهناك دراجات أخرى متوسط الوزن وهي الأكثر استخدامًا في الجروب.
وأود أن أحيي وأبارك مبادرة رئاسة الوزراء في تدشين مشروع كايرو بايك، الذي سيقوم بحل أزمة كبيرة للزحام، خاصة بمنطقة وسط العاصمة، بدلًا من استخدام السيارة تقوم بالتنقل في الشوارع بدراجة هوائية، واتمني من الشعب تعديل سلوكه، خاصة وأنني شاهدت البعض لا يحترم الأماكن المخصصة كطريق للدراجات بالشوارع العمومية، ويقوم بعض أصحاب السيارات في السير بها، وبكل تأكيد هي سلوكيات خاطئة، وأمر مرفوض تمامًا، خاصة اننا حلمنا طويلًا بتخصيص هذه الأماكن لسير الدراجات أسوة بدول أوروبا، وأيضًا حفاظًا على سلامتنا، وممارستنا للرياضة المفضلة وقضاء مشاورنا في نفس الوقت بعيدًا عن الزحام.