رئيس حزب المؤتمر الشعبى اللبنانى يتحدث عن تحديات لبنان فى ظل الصراعات الإقليمية (حوار)
يعيش الشرق الأوسط فترة توتر وصراعات مستمرة، ومن بين الدول التي تشهد تلك التوترات الدائمة لبنان، البلد الذي يعاني من تداعيات الحروب والصراعات الإقليمية والدولية.
في هذا السياق، يأتي حديث الدستور، مع كمال حديد، رئيس حزب المؤتمر الشعبي اللبناني، لمناقشة سيناريوهات التصعيد المحتملة بين حزب الله وإسرائيل، وما إذا كانت تلك التوترات قد تصل إلى حرب شاملة.
خلال الحوار، يتناول "حديد" موضوع الإسناد الذي تقدمه المقاومة اللبنانية لفلسطين وكيف يؤثر ذلك على الوضع في المنطقة، بالإضافة إلى تقييم للعمليات العسكرية بعد مرور سبعة أشهر على الحرب.
ما سيناريوهات تصعيد القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل؟ هل يصل إلى حرب شاملة؟
الإسناد الذي تمارسه المقاومة اللبنانية دعمًا لموقف غزة على الحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة، يتم ضمن مبدأ استنزاف القوى العسكرية الصهيونية، من خلال التركيز على المواقع العسكرية، وبشكل خاص في مزارع شبعا اللبنانية التي ما زالت تحت الاحتلال الصهيوني، وخلق أجواء حربية في مناطق الجليل الأعلى والغربي، والتي كان يمكن لها أن تبقى آمنة وداعمة للحرب على غزة، لولا عملية إسناد المقاومة من جنوب لبنان الذي تسبب إفراغ مستوطنات الشمال، وتهجير مئات الآلاف من المستوطنين بعيدًا عن الحدود، وتجميد فرق عسكرية في مواجهة المقاومة.
كيف تصف تطور عمليات الاحتلال بعد 7 أشهر من الحرب؟
بالرغم من مرور حوالي سبعة أشهر على الحرب، فإن العدو لم يتجرأ على خرق قواعد الاشتباك وتطوير حالة دفاعه إلى حالة هجومية على المقاومة في الجنوب اللبناني، عدا بعض العمليات المحدودة في العمق والتي ترد عليها المقاومة بما يوازيها على القاعدة التي أعلنتها منذ البداية، على أن ما يجري في الميدان هو الذي يحدد درجة تصعيد الاشتباك، ولو كان لدى العدو الصهيوني إمكانية تصعيد الاشتباك إلى درجة الحرب الشاملة مع لبنان لما كان تردد في ذلك منذ بداية حربه على غزة وتدخل المقاومة من خلال عملية إسناد الفلسطينيين في القطاع.
من وجهة نظرك ما سيناريوهات استمرار الحرب سياسيًا وشعبيًا على إسرائيل؟
تطورات الحرب في غزة وعلى الحدود اللبنانية تخضع بشكل عام لنسبة اقتراب كل طرف فيها من تحقيق أهدافه المعلنة على ضوء إمكانياته، ومن الثابت أن الحرب قد تركت انعكاسات قاسية داخل الكيان الصهيوني، أبرزها نزوح مئات الآلاف من سكان مستوطنات الشمال إلى الداخل، وتعطيل مساهمتهم الاقتصادية الحيوية، والتحول إلى عالة على حساب الحكومة الإسرائيلية.
كذلك الهجرة الكثيفة نشهدها في زحام المسافرين عبر المطارات الصهيونية للخارج، كما أن الخلافات تتفاقم داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي بين أطرافه والمسئولين، وكذلك بين الحكومة والمعارضة حول تقييم نتائج الحرب ومسارها والذي يهدد بالنهاية السياسية لرئيس الوزراء نتنياهو، ثم هناك تهرب المتدينين من التجنيد في الجيش والانخراط في الحرب إلى استمرار احتجاز الأسرى لدى المقاومة في غزة، والفشل في تحقيق تحريرهم من خلال الحرب، وكل ذلك وسط الصمود الأسطوري للمقاومة في غزة، واستمرار أعمال المقاومة اليومية ضد الاحتلال المباشر، وتكبيده الخسائر وارتفاع وتيرة المعارضة الإقليمية والدولية، لتطوير هجوم العدو على رفح والذي يراهن العدو من خلاله على استعادة الأسرى والقضاء على دور حماس وفصائل المقاومة وهو رهان خاسر مسبقًا.
ثم تأتي تكاليف الحرب الهائلة التي تجاوزت عشرات المليارات، ويتحمل معظمها الراعي الأمريكي دعمًا للصهاينة وحروبهم، وكل ذلك يفيد بعدم قدرة العدو على الاستمرار في حال النزف العسكري والاقتصادي، ولا يجرؤ على تنفيذ مزاعمه باستمرار الحرب وتصعيدها بعد أن مضى عليها سبعة أشهر دون تحقيق الأهداف المعلنة من جانب العدو، وفي المقابل زادت المقاومة في لبنان من حالة الانسجام مع حضانتها الشعبية في الجنوب والتي تدفع الضريبة المباشرة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
يعتقد بعض السياسيين اللبنانيين أن حزب الله أقحم لبنان في حرب بينما يمر بأوضاع متدهورة.. ما رأيكم؟
إن وضع لبنان في دائرة الصراع العربي الإسرائيلي ليس بحاجة إلى عملية إقحام لأن جبهته مع العدو في حالة توتر دائم ينذر بالصدام في أي وقت، كون إسرائيل تحتل أراضي لبنانية في مزارع شبعا وشمال الغجر والقمم الاستراتيجية في جبل الشيخ التي تشرف على العمق في لبنان وسوريا.
كما أن نظرية الحياد اللبناني في أي معركة مع إسرائيل لا تجدي نفعًا؛ لأن إسرائيل تستهدف قوى المقاومة على السواء، ومن مصلحتها الاستفراد بها على مراحل، خصوصًا أن الأطماع الصهيونية في الأراضي والمياه اللبنانية ثابتة وكانت تعمل دائمًا على تحقيقها من خلال الاجتياحات المتواصلة للعمق اللبناني، ولا شك أن تدهور الأوضاع اللبنانية سابق على الحرب الدائرة الآن والذي تسبب به سوء إدارة السلطة لأمور البلاد الأساسية.
هل أثرت الحرب في غزة على لبنان سياسيًا؟
من الطبيعي أن الأوضاع السياسية لأي بلد تتأثر بتطورات الصراع مع العدو، ولا يتبين أثر ذلك في أجواء الكر والفر السائدة، ومع انجلاء غبار المعركة يتبين مدى التأثر.
أما من جهة التأثير على مواقف الأطراف السياسية المتنافسة في السلطة فإن هذه القوى منقسمة أساسًا بشكل عمودي تجاه جميع القضايا، من الخلاف على تعيين موظف بسيط إلى الاختلاف على الموقف من العرب ومقاومة العدو.
وما تأثيرها على استمرار الفراغ الرئاسي؟
حالة الفراغ الرئاسي في لبنان ليست مستجدة وهي متكررة منذ انسحاب سوريا من الرعاية للمسار السياسي في لبنان أي بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود.
لقد جاء الرئيس ميشال سليمان بعد فراغ رئاسي ثم جاء الرئيس ميشال عون بعد سنتين من الفراغ والآن شارف الفراغ على أن يمتد لسنتين أيضًا.
إن السبب الأساسي في ذلك هو أن قانون الانتخابات جاء مخالفًا لاتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه وأنتج تكتلات طائفية متوازنة متناقضة يعيق توافقها على انتخاب الرئيس.
كيف يؤثر استمرار الفراغ الرئاسي على الوضع في لبنان؟
تضخم الأزمات الناتجة عن الشغور الرئاسي وعن وجود حكومة مستقيلة تصرف الأعمال سوف يخلق ضغطًا شعبيًا عارمًا يؤدي إلى انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة جديدة وانتظام عمل المؤسسات.
لكن الأهم هو تشكيل ضغط عربي على البرلمان اللبناني لتحويل البنود الأساسية في الدستور ومنها قانون الانتخابات إلى قرارات تنفيذية.