«الطروحات الحكومية» مفتاح الاستثمار وإنعاش السوق وعبور الأزمة الاقتصادية
يعتبر برنامج الطروحات الحكومية كلمة السر للمرور من الأزمة الاقتصادية الراهنة، الذى تعوّل عليه الحكومة كثيرًا لتوفير سيولة دولارية، وتعوّض التراجع فى إيرادات النقد الأجنبى المعتادة، كالسياحة وقناة السويس والصادرات، نتيجة التغيرات الجيوسياسية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع، بداية من الأوبئة، مرورًا بالحرب الروسية- الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على غزة، وصولًا للمناوشات الإيرانية الإسرائيلية.
وبدأ السعى لبيع حصص أو شركات مملوكة للدولة لمستثمرين من القطاع الخاص، تحت مظلة برنامج الطروحات فى عام ٢٠١٩، لكن الأمر توقف لعدة سنوات نتيجة لأوضاع محلية وعالمية، قبل عودته من جديد بزخم كبير خلال الربع الأول من عام ٢٠٢٣، بخطة طموحة أعلنها رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، تستهدف بيع حصص فى ٣٥ شركة لمستثمرين استراتيجيين، أو عبر البورصة خلال ١٠ أشهر.
يأتى ذلك فى إطار وثيقة سياسات ملكية الدولة، التى تهدف إلى إتاحة مجال أكبر، لمشاركة القطاع الخاص فى توليد النمو الاقصادى، وخلق فرص العمل، وزيادة مستويات الاستثمارات والصادرات.
طرح حصص من 35 شركة متعددة القطاعات حتى يونيو المقبل
تستهدف خطة عمل الحكومة، توسيع تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، من خلال عدة إجراءات، من أهمها إعداد تصور محدث لبرنامج الطروحات، وإدراج شركات الخدمة الوطنية بالبرنامج، ووضع برنامج زمنى واضح للشركات.
وتعمل الحكومة على تنفيذ برنامج للتخارج، يتضمن ٣٥ شركة حتى النصف الأول من عام ٢٠٢٤، وفى فبراير ٢٠٢٣ حددت ٣٢ شركة لطرح أسهمها فى البورصة، أو لمستثمر استراتيجى للفترة من الربع الأول من عام ٢٠٢٣ حتى نهاية النصف الأول من عام ٢٠٢٤، ثم تمت إضافة ٣ شركات جديدة، هى «الشرقية للدخان، عز الدخيلة للصلب، والمصرية للاتصالات».
وتتوزع الشركات بين ١٩ قطاعًا ونشاطًا اقتصاديًا، وفقًا لتوجه الدولة، منها ٦ قطاعات ستتخارج الدولة منها خلال من ٣ لـ٥ سنوات، و٨ قطاعات ستخفض أو تثبت الاستثمارات بها مع وجود الدولة، و٥ قطاعات ستثبت أو تزاد الاستثمارات بها، مع منح فرص استثمارية للقطاع الخاص.
وتضم قائمة الشركات المقرر طرحها: «الأمل الشريف للبلاستيك، والشركة الوطنية للمنتجات البترولية، وصافى لتعبئة المياه، وشركة مصر لتأمينات الحياة، وشركة حلوان للأسمدة، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، والشركة المصرية لإنتاج البروبلين والبولى بروبلين، وشركات البويات والصناعات الكيماوية، وشركة مصر لتكنولوجيا التجارة، وشركة الحفر للبترول، وشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطى (إيلاب)، وشركة الصالحية للاستثمار والتنمية، وشركة المستقبل للتنمية العمرانية، وشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو)، وشركة حلوان للأسمدة، والبنك العربى الإفريقى الدولى».
كما تتضمن «المعادى للتنمية والتعمير، ومصر للتأمين، وبنك القاهرة، والنصر للتعدين، والنصر للإسكان والتعمير، والمصرية للسبائك الحديدية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، وسيناء للمنجنيز، وتنمية الصناعات الكيماوية- سيد، ومصر للمستحضرات الطبية، والرباط وأنوار السفن، ومحطة توليد الرياح بجبل الزيت، ومحطة توليد الرياح بالزعفرانة، ومحطة بنى سويف لتوليد الكهرباء، وشركة الشرقية للدخان، وعز الدخيلة للصلب، والمصرية للاتصالات».
إتمام 100% من مستهدفات المرحلتين الأولى والثانية من البرنامج
على مدار المرحلتين الأولى والثانية من برنامج الطروحات الحكومية، قطع الصندوق السيادى خطوات كبيرة، بإتمام ١٠٠٪ من مستهدفات المرحلتين، و٥٠٪ من أهداف البرنامج المستهدف إنجازها، بحلول يونيو ٢٠٢٣، حيث تم الانتهاء من طرح ١٣ شركة تسهم بها الدولة، بإجمالى ٥ مليارات دولار، منها بيع حصص مملوكة للدولة فى ٥ شركات مدرجة بالبورصة، هى: «البنك التجارى الدولى، وفورى، وأبوقير للأسمدة، وموبكو، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع»، بإجمالى ٢ مليار دولار لصالح شركة أبوظبى القابضة.
كما تم بيع حصص مملوكة للدولة فى ٤ شركات مدرجة بالبورصة، هى: «موبكو، وأبوقير للأسمدة، وإى فاينانس، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع»، بإجمالى ١.٣ مليار دولار لصالح صندوق الاستثمارات السعودى، و٧ فنادق تاريخية مملوكة لشركة إيجوث بإجمالى ٧٠٠ مليون دولار، لصالح مجموعة طلعت مصطفى، وطرح حصص من ٣ شركات، هى: «إيثيدكو، والحفر، وإيلاب» على مستثمر استراتيجى بإجمالى ٨٠٠ مليون دولار لصالح شركة أبوظبى القابضة، إلى جانب التخارج من ٧ شركات لجذب استثمارات أجنبية بنحو ٣ مليارات دولار.
تحويل مربع الوزارات لغرف فندقية لجذب السياحة
تستهدف الحكومة طرح المشروعات التالية بإجمالى ٥ مليارات دولار فى المرحلة الثالثة من برنامج الطروحات حتى نهاية النصف الأول من العام الحالى، هى: «محطة توليد الطاقة من الرياح بمنطقة جبل الزيت، ومحطات شركة وطنية، وشركة الأمل للبلاستيك، ومشروع محطات تحلية المياه»، على أن يتم طرح ٤ محطات بالمرحلة الأولى فى النصف الأول من العام الحالى، من إجمالى ٢١ محطة تحلية من المتوقع طرحها بطاقة ٨.٨ مليون م٣/ يوم.
وكشفت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عن تفاصيل جديدة، حول صفقات الطروحات الحكومية المزمع إتمامها، خلال الفترة المقبلة، فى مقدمتها صفقة «محطات الرياح وشركة الأمل للبلاستيك»، التى بدأ التجهيز لها مع بنوك استثمار، ومجموعة من مبانى الوزارات التى تم إخلاؤها مع الانتقال للعاصمة الإدارية، حيث تم وضع تصور لاستغلالها مع مكاتب استشارية وشركات تقييم دولية، لتتم بشكل طرح تنافسى للقطاع الخاص، متابعة: «تلقينا بالفعل عروضًا من ٧ شركات، ونستهدف تحويل مربع الوزارات بمنطقة وسط البلد، لغرف فندقية وبوتيك أوتيل، لجذب السياحة، خاصة المبانى ذات الطابع المميز».
وأضافت أن خطة الطروحات أطلقت للتأكيد على مزيد من مشاركة القطاع الخاص فى عملية التنمية، مشيرة إلى أنه لا يتم بالتنسيق مع أى جهات خارجية، ونسعى خلال العام الحالى ٢٠٢٤، إلى إتمام صفقتين، هما «الأمل للبلاستيك» و«وطنية»، إلى جانب العمل على تخارج من بعض شركات الأغذية.
بخلاف نشاط الصندوق السيادى داخل مصر، كشفت الوزيرة عن تنفيذ شراكات مع عدد من الصناديق الدولية، فى الإمارات والسعودية وقطر والنرويج، وجار إعداد حملة ترويجية خارجية فى فترة الصيف، قائلة: «نسعى للاستثمار فى رءوس أموال شركات مصرية ناجحة لغزو أسواق خارج مصر، منها على سبيل المثال شركة مصر القابضة للتأمين». وأكدت أن الدولة المصرية تسعى من خلال الإصلاحات الهيكلية إلى زيادة وزن القطاعات الأساسية الثلاثة، هى: الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من ٢٥٪ إلى ٣٥٪، من حجم النمو فى نهاية عام ٢٠٢٦، وبالتالى يكون الاقتصاد القومى أكثر قدرة على النمو والإنتاج، إلى جانب التركيز على قطاعى السياحة واللوجستيات، اللذين يتمتعان بميزة تنافسية، وهى موقع مصر الجغرافى وحجم الاستثمارات التى ضخت فيها، جنبًا إلى جنب مع تعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى التنمية، حيث من المستهدف حجم استثمارات كلية يتجاوز ٢ تريليون جنيه خلال العام الحالى ٢٠٢٣/٢٠٢٤، منها ٣٦٪ استثمارات القطاع الخاص، مقارنة بنحو ٢٧٪ قبل ثلاث سنوات، ومن المستهدف الوصول بها إلى ٤٨٪ بحلول العام المالى المقبل ٢٠٢٤/٢٠٢٥.
كما أشارت الدكتورة هالة إلى تشكيل لجنة خاصة بالحياد التنافسى، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، لتنظيم العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص، وعضوية جميع الأطراف المعنية، لوضع سياسات الحياد التنافسى، وتلقى أى شكاوى تخص تحقيق الحياد التنافسى مع القطاع الخاص.
وحول توقعات العام الحالى، قالت إن المنطقة تمر بتحديات جيوسياسية، أثرت بشكل كبير على المستهدفات الحكومية لأداء الاقتصاد، فعلى سبيل المثال انخفضت إيرادات قطاع السياحة خلال النصف الثانى من العام، نتيجة إلغاء الحجوزات بنسبة ٣٠٪، مقارنة بالارتفاعات الكبيرة المتحققة خلال النصف الأول، ولو كنا أكملنا بنفس المعدل، كان من الممكن تخطى إيرادات السياحة ١٥ مليار دولار، كما تأثر قطاع الصناعة باضطراب سعر الصرف فى النصف الأول من العام.
وقالت: «نتوقع نمو قطاع الصناعة لـ٦٪، وقطاع الزراعة لـ٤٪ مقارنة بنحو ٣٪ فى العام الماضى، اعتمادًا على زيادة المساحة المزروعة، ونمو قطاع الاتصالات من ١٦.٥٪ لـ١٧٪، ونمو اللوجستيات من ٦٪ لـ٧٪».