محمد نصر الجبالي لـ"الدستور": "الأيام الخوالي" أول رواية واقعية في الأدب الأوزبكي
كشف المترجم دكتور محمد نصر الجبالي، في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، عن معالم وتفاصيل أحدث ترجماته للغة العربية، رواية “الأيام الخوالي”، للكاتب الأوزبكي عبد الله قادري.
"الأيام الخوالي" أول رواية واقعية في الأدب الأوزبكي
وقال محمد نصر الجبالي، المترجم أستاذ اللغة الروسية بجامعة عين شمس وعميد كلية الألسن جامعة الأقصر، تصدر رواية “الأيام الخوالي”، عن دار المعارف وسفارة أوزبكستان بالقاهرة. وهي ثالث ترجمة لي من أوزبكستان بعد ترجمة "الأدب الشعبي عند العرب والترك" و“تاريخ الحج من أوزبكستان”.
وأوضح “الجبالي”: تُعد رواية "الأيام الخوالي" رواية واقعية؛ تتناول صراعات اجتماعية وأخلاقية معقدة، وتقدم تعميمات اجتماعية عميقة. يصف المؤلف بشكل فريد التقاليد الشعبية، والطقوس الدينية، والقوانين غير المكتوبة التي كانت سارية في ممالك حاكم طشقند عزيز بك، الذي حكم طشقند لمدة ثلاث سنوات بطريقة أدت إلى تراجع التجارة، وإفلاس الحرفيين الرئيسين، وانخفاض محاصيل الأرز والقطن بشكل ملحوظ.
تظهر الرواية الفقر الروحي لمن هم في السلطة، وعزلة النخبة الحاكمة عن هموم الشعب، وعدم القدرة على فهم المشكلات الاجتماعية الملحة وإيجاد طريقة لحلها. تعد رواية "الأيام الخوالي" ذروة إبداع عبد الله قادري، وعلامة بارزة في تطور النثر الأوزبكي؛ حيث قدمته كاتبًا ذا مهارة فنية كبيرة، كشف بصدق عن مظالم عالم الإقطاع.
ولفت “الجبالي” إلي أن رواية "الأيام الخوالي" أول رواية واقعية في الأدب الأوزبكي. وهي في الوقت نفسه الرواية الأكثر شعبية، والأكثر بحثًا ودراسة، كما أنها العلامة الأولى في الرواية الأوزبكية، ويتحدث الكاتب طوال الرواية إلى القارئ مباشرة، ويرسم صورًا بديعة، وينقل الحقيقة بكل مرارتها وجمالها.
وبتحليل رواية الأيام الخوالي، تاريخيًا يمكن استكشاف جذور الأحداث، والصراع القديم المستمر بين النور والظلام، والحق والباطل، والحقيقة والكذب، وقد نجح الكاتب في تقديم وصف ثري للتقاليد الشعبية والدينية، والطقوس، والقوانين غير المكتوبة التي كانت سارية في تلك الحقبة، واستطاع من خلال قصة حب عادية التطرق إلى المشكلة الأكثر تعقيدًا؛ وهي الصراع بين الخير والشر.
عبد لله قادري - عميد الأدب الأوزبكي
وعن مؤلف رواية الأيام الخوالي، عبد الله قادري، تابع دكتور محمد نصر الجبالي حديثه لـ “الدستور” لافتا إلي أن: وُلد عبد الله قادري عام 1894 في طشقند لعائلة تاجر ثري. اختلط منذ الصغر بمختلف صنوف البشر من التجار والمزارعين الأغنياء والفقراء. لعبت الطبقة الكادحة من العمال والحرفيين دورًا مهمًا في تشكيل نظرته إلى العالم المحيط، ورؤيته للمستقبل. عرف قادري حياة شعبه مباشرة وليس من خلال الكتب، واستوعب ملامحها من خلال التواصل المباشر مع الناس.
تخرج في مدرسة قديمة عام 1904، ثم درس في مدرسة روسية (1906)، وبعد تخرجه شغل عدة وظائف، منها: سكرتير لدى نقابة التجار المحليين (1907-1915)، وواصل عمله في الوظيفة نفسها بعد ثورة أكتوبر، ثم أمين سر لجنة الغذاء في البلدة القديمة (1918)، ثم رئيس تحرير صحيفة "شئون الغذاء" (1919)، ثم أمين اللجنة النقابية (1920)، ثم موظف أدبي، ثم سكرتير صحيفتي "الثورة"، و"الشيوعية" (1922)، وهو أحد مؤسسي مجلة "موشتوم"، وعضو هيئة تحرير المجلة (1923 -26). وتخرج في معهد موسكو للآداب (1925 -1926).
بدأ قادري الكتابة في سن 12 عامًا، وأهم أعماله المبكرة: قصة "الفارع" (1915)، ومسرحية "العريس التعيس" (1915)، التي تصور أسلوب الحياة الأوزبكي القديم، وكان مولعًا بقراءة أعمال قدامى الفلاسفة والأدباء- وأشهرهم عليشير نافوي- وكلاسيكيات الأدب الأوزبكي.
نشأ قادري على عتبة التقاء قرنين من الزمان، وهي فترة شهدت تعقيدات وتناقضات واضطربات اجتماعية وسياسية وأخلاقية. وبطبيعة الحال، كان لذلك عظيم الأثر في نظرته إلى العالم وإبداعه الفني الذي اتسم هو أيضًا بالتناقض، لكنه بشكل عام اتسم بالتطور المستمر، والإنجازات الإبداعية الرائعة.
وتتمثل ذروة بحثه وإبداعاته في طرحه إجابات واضحة عن الأسئلة الاجتماعية الحادة المثبتة تاريخيًا حول الوجود. ومثلت هذه الأعمال صورة حقيقية شاملة للواقع التاريخي المعاصر له، وتُعد روايتنا "الأيام الخوالي" (1926) ذروة أعماله التاريخية بجانب رواية "عقرب من المذبح" (1929). وتناولت هذه الأعمال موضوعات تاريخية في الأدب الأوزبكي.