نضال الشافعى: طلبت ترجمة فلسفة الغزالى إلى مواقف حياتية بسيطة يفهمها الناس
نجح الفنان المثابر نضال الشافعى فى إثبات جدارته الفنية، فى الموسم الدرامى الرمضانى الحالى، من خلال تقديم شخصيتين مختلفتين تمامًا، الأولى هى شخصية الفقيه وعالم الدين أبوحامد الغزالى، فى مسلسل «الحشاشين»، والأخرى هى شخصية سعيد أبوالدهب فى مسلسل «جرى الوحوش».
وعبّر «الشافعى» عن سعادته بالعملين، بعد أن بذل مجهودًا كبيرًا للإلمام بتفاصيل كل شخصية، خاصة أن «الغزالى» هو العدو الأول لحسن الصباح بطل «الحشاشين»، وواجه ضغوطًا كبيرة لتظهر الشخصية على الشاشة بالقدر نفسه من الكاريزما والتأثير الطاغى لشخصية «حسن الصباح» التى يجسدها النجم كريم عبدالعزيز.
«الدستور» التقت «الشافعى» للحديث عن كواليس تصوير المسلسلين، وكيفية التحضير لكل شخصية، والأسباب التى دفعته للمشاركة فى كل عمل، والإضافات التى أضافها ليحصد عليها إشادات الجمهور والنقاد.
■ أشاد الجمهور بتجسيدك شخصية الإمام أبوحامد الغزالى، فكيف تلقيت ردود الأفعال الإيجابية؟ ومَن اختارك للدور؟
- ردود الأفعال كانت إيجابية للغاية، وتضمنت رسائل إشادة وتشجيعًا ودعمًا قويًا جدًا يحفزنى لبذل المزيد من الجهد والعناية باختياراتى، لأحافظ على المكانة التى وضعنى فيها الجمهور.
حاولت أن أقدم أفضل ما لدىّ حتى تظهر الشخصية على الشاشة حقيقية ومقنعة بكل تفاصيلها وانفعالاتها وفلسفتها فى الحياة.
وحصلت على الدور من خلال تواصل المنتج الفنى فتحى إسماعيل معى، ليعرض علىّ الانضمام لمسلسل «الحشاشين»، ولحظتها كنت مندهشًا لأننى كنت أعرف أن التصوير بدأ قبل سنة بالفعل، وكنت أعتقد أن الأدوار جميعها جرى تسكينها وإسنادها لزملائى من الممثلين، لكن عرفت خلال المكالمة التى دارت بيننا أنه تبقى شخصية مهمة فى العمل هى شخصية الإمام الفقيه الفيلسوف أبوحامد الغزالى، وهو على النقيض من بطل العمل حسن الصباح.
وعرفت أن حسن الصباح، شخص ساحر وجذاب للغاية، والتحدى أصبح مضاعفًا بتجسيد الفنان كريم عبدالعزيز صاحب الكاريزما القوية لشخصية «الصباح»، لأننى أصبحت مجبرًا على مجاراته فى كاريزميته، فالإمام الغزالى كان شخصية جذابة أيضًا وصاحب منطق وحكمة.
■ ما أبرز تحضيراتك للشخصية؟ وهل استعنت بالكاتب عبدالرحيم كمال للإلمام بتفاصيلها أم اجتهدت منفردًا؟
- عبدالرحيم كمال وعد فأوفى، فهذا الإبداع الذى يقدمه فى المسلسل ليس بجديد عليه، فهو أحد المؤلفين الكبار فى هذه الفترة، وشخصية الإمام أبوحامد الغزالى شخصية ثرية وبها الكثير من التفاصيل المهمة، لذا كثفت من القراءة حولها منذ لحظة ميلاده وحتى وفاته، وتعرفت على أسباب اعتزاله الناس، وأشهر ألقابه وفلسفته فى الحياة وتحولاته الفكرية، وكيف تصدى للمذاهب الباطنية وعلاقته بالتصوف، وأشهر الأقوال المأثورة عنه والتى تعكس حكمته وعلمه.
هو شخص كان يقف بالمرصاد للأفكار المشبوهة التى كانت تثار فى هذا العصر، والدعوات الهدامة وفى مقدمتها دعوة حسن الصباح وأتباعه.
وقبل أن ننطلق فى تصوير مشاهد العمل، تحدثت مع المخرج بيتر ميمى والسيناريست عبدالرحيم كمال، واقترحت أن نترجم فلسفة الشخصية من خلال المواقف الحياتية وألا نكتفى بالجمل الحوارية الوعظية، لنتمكن من إبراز قيمة الإمام الغزالى وتأثيره فى الجمهور حتى نتمكن من إحداث التوازن بينه وبين شخصية حسن الصباح، الذى يؤثر على أتباعه ويسحرهم بكلامه وأفعاله.
لذا كنا حريصين على أن نترجم أفكار الغزالى إلى مواقف بسيطة يفهمها الجمهور ويتفاعل معها بشكل أفضل من الوعظ المباشر والحديث عن الحلال والحرام والخير والشر.
وللأسف الشديد لم يتقابل الإمام الغزالى مع حسن الصباح ولا مرة، كما هو مذكور فى المراجع التاريخية الموثوقة، لذلك لا يوجد أى مشهد يجمعنى بكريم عبدالعزيز مع أننى كنت متحمسًا لذلك بشدة، فاكتفينا بوجود مواجهة غير مباشرة بين أفكار الشخصيتين وسلوكهما وفلسفتهما وتأثيرهما فى الجماهير والأتباع.
■ وما تقييمك للعمل مع المخرج الموهوب بيتر ميمى؟ وكيف تقيّم تجربة الشركة المتحدة فى عالم الدراما؟
- لن أنسى وقوفه بجوارى ودعمه لى لتقديم الشخصية وإتقان تفاصيلها، الأمر الذى ركزنا عليه منذ بداية التحضيرات، لتظهر على الشاشة شخصية تليق باسمى واسم الإمام الغزالى وتجارى ما يقدمه باقى الزملاء من أداء فنى راقٍ، وبالفعل جمعتنى معه أحاديث طويلة ومستفيضة للإلمام بالشخصية.
وبالنسبة للشركة المتحدة فأود أن أشكر القائمين عليها كثيرًا، لأنها سخرت كل إمكاناتها ليخرج العمل فى أفضل صورة ممكنة وبجودة واحترافية تضاهى الملاحم الدرامية العالمية، واستطاعت بفضل ثقتها فى العقول المصرية والمواهب أن تحول عملًا محليًا لتحفة فنية رائعة قادرة على المنافسة على المستوى العالمى، نتيجة الاستعانة بكوادر أجنبية خبيرة فى عالم الجرافيكس وغيرها.
كما أن هناك جهدًا كبيرًا جرى بذله لترجمة العمل إلى عدة لغات ليعرض فى كل دول العالم، لتساعد على انتشار المسلسل، الذى يناقش قضايا مهمة وأحداثًا تاريخية مفصلية لها انعكاساتها على حاضرنا ومستقبلنا.
وأشكر شركة «سينرجى» بقيادة تامر مرسى، صاحب العين الخبيرة التى يوظفها فى اختياراته بشكل رائع.
■ هناك تجربة درامية مهمة لعبت فيها دورًا أساسيًا من خلال مسلسل «جرى الوحوش» الذى ينافس فى الموسم الرمضانى، فكيف تمكنت من الموازنة بين الشخصيتين؟
- هناك مجهود محترم بذلناه فى مسلسل «جرى الوحوش»، ويكفى أن أقول إن آخر حلقات المسلسل جرى تصويرها فى ليلة ٢٧ رمضان، وحاولنا من خلاله تقديم وجبة فنية دسمة، حتى إن قناة المحور سعدت جدًا بالمستوى الذى قدمناه وجرت ترجمته فى إقبال المعلنين.
والجميع كان على قدر المسئولية، وسعدت بمشاركة عدد كبير من المواهب الشابة، مع قامات فنية كبيرة مثل عايدة رياض، وفادية عبدالغنى، وياسر على ماهر، ومحمد عبدالجواد.
سادت حالة من الحب والتعاون بين جميع المشاركين فى العمل، وأعتقد أنه بطولة جماعية ولا يوجد نجم شباك أوحد يحظى بالاهتمام والأضواء منفردًا، ونجحنا جميعًا فى التحدى، خاصة أن العمل امتد لـ٣٠ حلقة، بإيقاع سريع لا يصيب المشاهد بالملل.
■ ولماذا وقع اختيارك على شخصية سعيد أبوالدهب؟
- فى البداية كان هناك ارتباك يسود الموقف، واحتجنا لبعض الوقت للوقوف على الدور المناسب لكل شخص، لأن الشخصيات الأساسية للعمل الذى سبق تقديمه فى فيلم سينمائى شهير، كلها لها ثقلها الفنى، وجسدها أساتذة كبار مثل النجمين الراحلين محمود عبدالعزيز ونور الشريف، والنجم القدير حسين فهمى، متعه الله بالصحة والعافية، وبعد فترة من المناقشة والتفكير استقررت مع المخرج عبدالعزيز حشاد، والمؤلف أحمد صبحى، على أن أقدم شخصية سعيد أبوالدهب.
وفلسفة العمل تقوم على أن الرضا نعمة، وأن الطمع مهلكة، والأنانية والبحث عن السعادة على حساب الآخرين تفسد الحياة، لذا كنت متحمسًا جدًا للعمل، لأنه يناقش قضية مهمة تشغل بال كل إنسان.
■ وما تقييمك لتجربة التعاون مع إدوارد فى بطولة مشترك فى مسلسل«جرى الوحوش»؟
- أعتبره أخى وليس زميلًا فى المهنة، وقدم دور المحامى، الذى قدمه فى السابق الفنان الراحل حسين الشربينى، وهى شخصية تعانى من متاعب الحياة، لكنها تلتزم الرضا والإيمان والتسليم لقضاء الله وترفض إغراءات الدنيا، ونجح إدوارد فى إتقان الشخصية جدًا، وكان دقيقًا فى نطق الأحاديث والآيات القرآنية على لسان الشخصية.