سياسيون ودبلوماسيون: الرئيس ماضٍ فى طريق إعادة استقرار منطقة الشرق الأوسط.. وأمن مصر أولوية
أكد خبراء سياسيون ودبلوماسيون أهمية ما تضمنته كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مراسم تنصيبه لفترة رئاسية جديدة حتى ٢٠٣٠، فيما يتعلق بسياسة مصر الخارجية، بداية من مواصلة العمل على إعادة الاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط، وتعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف، فى محيط إقليمى ودولى مضطرب، مع إعطاء أولوية لحماية وصون أمن مصر القومى قبل كل شىء.
وقال الخبراء والدبلوماسيون إن الرئيس السيسى تسلم قيادة مصر، فى عام ٢٠١٤، وسط تحديات غير مسبوقة فى تاريخ البلاد، واضطرابات داخلية نتيجة الثورات، ومحاولات قوى الظلام اختطاف مصر، علاوة على الإرهاب الذى استهدف تفتيت الدولة، لكنه استطاع دحر التكفيريين، وإعادة الأمن والأمان لربوع الوطن.
قال اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن القيادة السياسية حرصت، خلال الفترات الماضية، على أن يكون لها دور مؤثر فى حل المشكلات الإقليمية، سواء فى قطاع غزة والقضية الفلسطينية ككل، أو فى السودان وليبيا، علاوة على منطقة البحر الأحمر، مرجحًا أن تشهد الولاية الجديدة مزيدًا من الانخراط المصرى لحل تلك القضايا، حتى تصل المنطقة إلى مرحلة الأمن والاستقرار المنشود.
وأضاف «الدويرى»: «الدور المصرى فى التعامل مع المشكلات المثارة على المستويين الإقليمى والدولى أصبح مهمًا للغاية، بل ومطلوبًا لا يمكن الاستغناء عنه، فكل التطورات فى المنطقة تشير إلى أن هذا الدور سيتواصل، على ضوء فاعليته والاعتماد الدولى عليه، من أجل المساهمة فى إعادة الاستقرار إلى المنطقة».
وأوضح أن القضية الفلسطينية ستظل إحدى أهم أولويات القيادة السياسية فى الولاية الجديدة، خاصة ما يتعلق بالسعى لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كمقدمة نحو توفير الظروف المناسبة من أجل استئناف عملية السلام، مشيرًا إلى أن «الشارع الفلسطينى الذى يثق فى الدور المصرى يتمنى ويأمل أن تواصل القاهرة تحركها الإيجابى، حتى نصل إلى مرحلة بدء التنفيذ الفعلى لحل الدولتين».
وواصل: «المجتمع الدولى بأكمله يعلم علم اليقين أن جميع المواقف المصرية التى تستند إلى مجموعة من المبادئ الواضحة فى كل القضايا المثارة، مواقف رئيسية وواقعية وعملية، ومن ثم لا بد أن تكون مصر عنصرًا مهمًا فى المنظومة الإقليمية والدولية، التى تهدف إلى إيجاد حلول لهذه المشكلات، فهذه صورة مصر فى العالم، وهذا قدر دولة كبيرة بحجمها، وهذه وضعية قيادتها السياسية».
وجدد نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر تأكيد أن مصر تتعامل مع القضايا التى تؤثر على أمنها القومى بكل الجدية، ولن تترك أو تتخلى عن أى من هذه القضايا، وستشتبك معها من أجل حلها بالطرق السلمية، خاصة أن التجارب أثبتت أن أى صراعات لن تحسمها العمليات العسكرية مهما بلغت حدة عنفها، بل تُحسم بالطرق السلمية التى تنتهجها مصر وتحظى بتقدير من العالم كله.
وأتم بقوله: «الولاية الجديدة للرئيس السيسى تحمل كل طموحات المصريين تجاه زعيم وطنى كبير، اختاره الشعب عن قناعة وبإرادة حرة، وسارع بشكل غير مسبوق إلى صناديق الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤، ليعلن على الملأ انحيازه لاستكمال مسيرة الاستقرار والبناء والتنمية، مع قائد هذه المسيرة خلال السنوات العشر السابقة».
ونبه رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، السفير محمد العرابى، إلى أن الولاية الجديدة للرئيس السيسى تبدأ وسط تحديات إقليمية غير مسبوقة، لأننا لم نقترب بعد من حلول سياسية للمشاكل فى الجوار الجغرافى، ما يؤدى إلى استمرار العبء على الدبلوماسية المصرية خلال المستقبل القريب.
وأضاف «العرابى»: «الرئيس السيسى نجح فى صيانة الأمن القومى، وتعامل بحرص ورصانة مع المشاكل المزمنة التى تسود فى الجوار الجغرافى، وهذا المنهج سيظل سائدًا خلال الفترة المقبلة، ما يعزز من نظرة المجتمع الدولى واهتمامه بالدور المصرى الذى يعتبر الركيزة للتعامل مع قضايا الإقليم».
وبالنسبة للقضية الفلسطينية تحديدًا، قال وزير الخارجية الأسبق: «الرئيس السيسى نبه إلى مخطط تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة الجماعية والتهجير، ونجح فى حشد موقف دولى رافض لهذا السيناريو، كما حرص على إنفاذ المساعدات، برًا وجوًا»، مثمنًا دعوة الرئيس إلى الاعتراف المباشر بالدولة الفلسطينية، بعد أن أُهدرت فرص السلام وتجمدت المفاوضات.
وواصل: «مصر ستظل خلال ولاية الرئيس السيسى الجديدة كما كانت دائمًا وأبدًا، تحرص على الأرض الفلسطينية، وعلى حق الشعب الفلسطينى فى تحديد مصيره وإقامة دولته المستقلة».
وشدد على أن «الرئيس عبدالفتاح السيسى يملك مقومات الخبرة، والثقة فى سياساته وتعامله مع الأزمات والقضايا الدولية، إذ إن مختلف دول العالم تراعى وتقدر دوره كعنصر أساسى للاستقرار فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة المتوسط».
وتوقعت مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفيرة منى عمر، أن تشهد الفترة الرئاسية الجديدة استمرارًا للتركيز حول إفريقيا، كما حدث خلال الفترتين السابقتين، بعد أن وضع الرئيس السيسى قارتنا وقضاياها على رأس الأولويات، وعزز من التوجه المصرى نحو دولها كافة.
وأضافت السفيرة منى عمر: «مصر عملت خلال الفترات الماضية على محور التنمية والبيئة، وكل ما يهم المواطن الإفريقى، ويساعد على تحسين مستوى معيشته»، مرجحة إضافة الرئيس السيسى محور «تحقيق السلم والأمن فى إفريقيا» إلى أجندة ولايته الجديدة، مع إحياء ودعم مبادرة «إسكات البنادق»، التى سبق أن طرحها الاتحاد الإفريقى منذ سنوات.
ورأت خبيرة الشئون الإفريقية أن الدولة المصرية، تحت قيادة الرئيس السيسى، ستركز على جهود تحقيق السلام الداخلى فى عدد كبير من الدول الإفريقية، التى تعانى حاليًا من أزمات واضطرابات، من بينها السودان الذى توليه مصر اهتمامًا بالغًا، من منطلق مسئوليتها الجغرافية والتاريخية تجاه هذا البلد الجار الشقيق.
ونبهت إلى ضرورة التركيز أيضًا، بجانب دول الجوار الجغرافى، خلال السنوات المقبلة، على عدد من الدول الإفريقية الأخرى، مثل تشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وأوغندا وكينيا، خاصة أن تلك الدول معنية بما يحدث فى السودان.
وأضافت: «السودان يمثل أهمية قصوى للقاهرة، إذ إن الأوضاع هناك تؤثر بشكل كبير على مصر»، مستشهدة فى هذا الصدد بأعداد الوافدين إلينا من الأشقاء السودانيين، ما مثّل ضغطًا على البلاد، خاصة من الناحية الاقتصادية، معتبرة أن المساعدة فى إعادة الهدوء والاستقرار للخرطوم تخدم الأمن القومى لمصر.