"استوديو الحشاشين".. عائشة نصار توضح استغلال "الصبّاح" والإرهاب المعاصر للنساء والأطفال
خطان دراميان تناولتهما الكاتبة عائشة نصار في تحليلها حلقات مسلسل الحشاشين ضمن سلسلة برنامجها المذاع على قناة ON "استوديو الحشاشين"، وهما خطي علاقة حسن الصباح بكل من النساء والأطفال واستخدامه لهما في تحقيق أهدافه، متخذة مقارنة العلاقة ذاتها مع الحركات الإرهابية المعاصرة والكشف عن أوجه الشبه بينهما.
أوضحت عائشة أنه في سياق أحداث المسلسل يظهر كيف استغل حسن الصباح زعيم الحشاشين النساء والأطفال لخدمة أهدافه الإرهابية، كاشفة عن أن النموذج التنظيمي الذي وضعه الصباح هو بحذافيره الذي نفذته جماعة الإخوان بعد ذلك والجماعات الإرهابية حتى هذه اللحظة.
إرسال الصباح ابنه حسين طفلًا لتلقي التدريبات العسكرية وضمه للجيش
واحد من مظاهر استغلال الصباح للأطفال في تنظيمه الإرهابي حسب عائشة، ما ظهر خلال حلقات مسلسل “الحشاشين” من إرسال حسن الصباح ابنه الحسين وهو لايزال طفلًا لتلقي التدريبات العسكرية بهدف أن يصبح مقاتلًا في صفوف الجيش الذي يؤسسه.
تابعت أنه وبالرجوع إلى تلك الصورة سنجد أنها ذاتها الصورة الإعلامية والتنظيمية التي كان يصدرها ابن لادن مؤسس تنظيم القاعدة في علاقته بأولاده خاصة ابنه حمزة والذي كان يظهر جواره في إصدارات التنظيم، موضحة أنها هي ذاتها أيضًا الإصدارات التي كان يظهر فيها حمزة طفلًا وهو يؤدي تدريباته العسكرية في معسكرات القاعدة في أفغانستان.
أما في مصر، أوضحت نصار أن التنظيمات الإرهابية في سيناء كانت تستخدم الأطفال في عمليات الرصد ونقل المعلومات، بينما الإخوان كانوا يلحقون أطفالهم في المدارس المملوكة لعناصر الجماعة والتي يغيب عنها تحية العلم وفيها يقوموا بتدريبات أشبه بالتدريبات العسكرية إذ يقفز فيها الأطفال في أطواق النار وهم يهتفون الله اكبر، مؤكدة أنه داخل هذه المدارس يزرع في عقول هؤلاء الأطفال أن الولاء للجماعة فقط وليس للوطن.
استخدام داعش الأطفال في إعدام الرهائن وتفجير السيارات
مع ظهور تنظيم داعش وإعلانه دولة الخلافة الإرهابية في سوريا والعراق بدأ استغلال التنظيمات الإرهابية للأطفال يأخذ شكلًا أكثر قسوة وتوحش -حسب عائشة- موضحة أنه قد ظهرت معارك بعد ذلك بكتائب أشبال الخلافة، وهم الأطفال الذين يرتدون الزي العسكري ويتلقون تدريبات عسكرية ومناهج خاصة داخل التنظيم، مشيرة إلى أنه قد روج تنظيم داعش في فيديوهاته لأطفال لا يتجاوز عمرهم 6 و7 سنوات ينفذون عمليات إعدام الرهائن ويقومون بتفجير السيارات عن بعد.
وبالتالي – تقول نصار- أن ما نراه أمامنا على الشاشة ليس أكثر من الأساس والمنهج الذي وضعه الصباح بيده وسارت عليه التنظيمات الإرهابية بعد ذلك.
استغلال الصباح لزوجته في تنفيذ وقائع خطيرة
أما عن تعامل حسن الصباح مع المرأة، تكشف الكاتبة الروائية كيف أظهر امتداد أحداث مسلسل الحشاشين استغلاله لها من أجل تحقيق أهدافه مشيرة إلى أنه هنا لابد من الوقوف عند استغلال الصباح لزوجته في واقعتين هامتين.
أولى هاتين الواقعتين هي استغلال الصباح قدرة زوجته على اختراق القصر الفاطمي عن طريق علاقتها بجارية أم الخليفة المستنصر، موضحة أن هذه العلاقة قد أوصلته بالفعل للقاء أم الخليفة وشفاؤها وهو الأمر الذي ساعده في تحقيق هدفه في النهاية بمقابلة الخليفة ومتابعته رغمًا عن رغبة الوزير بدرالدين الجمال.
أما الواقعة الثانية والتي وصفتها ببالغة الأهمية، فهي استغلال الصباح لزوجته بشكل انتهازي فج وتوريطه لها في محاولة اغتياله للخليفة العباسي، وذلك عندما طلب منها إقناع زوجة العنصر التركي نور بتنفيذ العملية وإشعارها بالأمان هي وأطفالها، وبالتالي وضعها هي وزوجها تحت التأثير العاطفي والسيطرة الكاملة عليهم وفقًا لمخططه الإرهابي.
كذلك لفتت نصار إلى مشهدين هامين ضمن أحداث مسلسل الحشاشين في معركة حسن الصباح مع جيش السلطان السلجوقكي ملك شاه بعد أن استولى على قلعة آلموت، والذين يكشفان أيضًا استغلال الصباح للنساء في تحقيق أغراضه الإرهابية.
أول هذين المشهدين حسب الكاتبة الروائية، المشهد الذي فيه لجأ الصباح إلى تجاهل كافة الضوابط الشرعية والأخلاقية لاستخدام الفتيات الجميلات لتشتيت انتباه الجنود وتسميم النهر.
وعن المشهد الثان فهو ذلك المشهد الذي ظهرت فيه إحدى المقاتلات من النساء في صفوف جيش الصباح ضد الدولة السلجوقية، مشيرة إلى أنه فضلًا على ذلك فهناك نموذج الجنة الذي أقامه الصباح واستخدم فيه السبايا من الجواري كمصدر للمتعة والغريزة لتحقيق السيطرة الكاملة على عناصره من الانتحاريين وتحويلهم إلى أدوات طايعة بين ايديه.
الإخوان تستخدم النساء في الحشد الانتخابي وجمع التبرعات
توضح عائشة أنه وبمقارنة رؤية حسن الصباح للنساء مع رؤية جماعات الإسلام السياسي أو الجماعات الإرهابية سنجد مدى التطابق الذي يظهر بين الرؤيتين والذين يتركزا في استغلالهن في تحقيق الأغراض التنظيمية الإرهابية.
تقول أنه ومثلما كان يستخدم الصباح زوجته لتحقيق مهام يصعب على الرجال تنفيذها حاكى الإخوان تمامًا ذلك ووضعوا الأساس له، في استخدام النساء في جمع التبرعات ونقل المعلومات والأوامر التنظيمية، مشيرة إللى أنه هو الدور الذي كانت تقوم به زينب الغزالي وشقيقات سيد قطب وغيرهم من القيادات النسائية في تنظيم الإخوان، لافتة إلى أنه قد وصل دورهم لنقل الكتب بالغة الخطورة خارج السجون.
تابعت أنه وبهذه الاستراتيجية قد خرجت كتب سيد قطب "مُعلم في الطريق" و"في ظلال القرآن" من السجن تباعًا وذلك عبر شقيقته الصغرى حميدة قطب.
استكملت عائشة حديثها موضحة أنه ومثلما كانت المرأة هامة بالنسبة لحسن الصباح في ضخ أجيال جديدة للتنظيم بفضل وجود النساء والمصاهرات داخل الإخوان استطاع حسن البنا أن يصنع "الفيتو الإخواني" الذي أراده، إذ استطاع أن يحول الرابطة التنظيمية داخل الجماعة إلى رابطة دم تتشابك فيها المصالح المالية والتنظيمية والعائلية.
وتوضح عائشة أنه مثلما استفاد حسن الصباح من علاقات زوجته مع جارية أم الخليفة المستنصر وزوجة العنصر المرشح للعملية الإرهابية نور في صفوف تنظيمه الإرهابي، كذلك استغل الإخوان المرأة إذ قد أسس لها البنا قسم داخل الجماعة، واستغل قدراتها على التواصل مع النساء الأخريات وسهولة دخولها البيوت وذلك في تحويلها إلى أداة حشد انتخابية خارقة في الانتخابات.
أضافت موضحة، أن هذا قبل أن يستخدموها بعد ذلك كواجهة للدعايا بطرح مرشحات من النساء على قوائم الجماعة الانتخابية، إلى أن تحولت المرأة لدى الجماعة إلى أداة عنف وإرهاب في المسيرات والمظاهرات الإخوانية في خلايا الجماعات بعد أحداث 30 يونيو.
ظهور النساء الإرهابيات بعد 30 يونيو
وإسقاطًا على مشاركة إحدى النساء المقاتلات في صفوف جيش الصباح توضح عائشة أنه في مصر وخلال العمليات الإرهابية بعد 30 يونيو سنجد أنه قد ظهر دور أكبر للنساء الإرهابيات في تنفيذ عميلات إرهابية كبرى مثل تفجير كنيسة البطرسية وغيرها من العمليات خاصة أنه كانت تقف في تنفيذها خلايا عائلية من الأساس.
كما تابعت نصار أنه قد حدث ذلك بصورة أقل خلال عمليات إرهابية سابقة في سنوات سابقة مثل حادث استهداف أتوبيس السياحي في ميدان السيدة عائشة عام 2005.
وأكدت أنه مثلما استخدمت التنظيمات الإرهابية الأطفال في سيناء ظهر استخدامهم للنساء في عمليات الرصد ونقل المعلومات وتوفير الدعم اللوجيستي خاصة في ظل مجتعمات مثل مجتمعاتنا التي تتميز بعدم تفتيش المرأة أو التعرض لها.
ووصفت الكاتبة الروائية استخدام النساء في عمليات نقل المعلومات والرسائل التنظيمية وتوفير الدعم اللوجيستي والجهاد بالمال باعتباره دورًا قديمًا حديثًا تقوم به كافة التنظيمات، واستخدمه الإخوان منذ نشـأتهم كما استخدمته بعد ذلك التنظيمات والجماعات الإسلامية الإرهابية في مصر وصولًا إلى تنظيم القاعدة بشكل مركزي وفي الفروع.
طفرة في استخدام النساء عسكريًا بوصول الزرقاوي في العراق
إلا أنه بوصول أبو مصعب الزرقاوي في العراق ومن بعده تنظيم داعش- توضح نصار –أنه قد شاهدنا طفرة كبرى في الدور العسكري للنساء في صفوف الإرهاب لافتة إلى أنه قد ظهرت النساء الانتحاريات وأسس داعش الكتائب العسكرية النسائية كما أصبح للنساء وجودًا في العمليات العسكرية وفي جهاز الشرطة داخل الخلافة الداعشية قبل انهيارها.
أما عن الجنة التي لازال الجدل مستمر عما إذا كان حسن الصباح صنعها بالفعل للسيطرة على عناصر تنظيمه أم لا تقول عائشة أنه من المؤكد أنه ذلك هو النموذج الذي طبقه داعش تمامًا داخل دولته بعد أن فعل نظام السبي والاسترقاق الوحشي ضد فتيات من الأيزيديات والمسيحيات وبعد أن أقام المذابح في إقليم زنجار والمدن والقرى الأفريقية التي كان يدخلها التنظيم، وهكذا أقيمت أسواق الجواري في خلافة داعش الإرهابية، وبذلك مثلت المتعة الحسّية عامل جذب مهول لانضمام مزيد من المقاتلين لأراضي تنظيم الخلافة.
وتبدي عائشة تعجبها في نهاية حديثها من انشغال بعض المتابعين لمسلسل الحشاشين بالتدقيق فقط في المعلومات التاريخية حول حسن الصباح وجماعته، وذلك دون الانتباه إلى أن ما حدث على أرض الواقع بالفعل وما شهدناه من رؤى العين من هذه الجماعات الإرهابية باسم الدين كان حقيقيًا ومؤكدًا وأكثر فجاجة ووحشية بكثير من أن يحتاج إلى تأكيد أو جزم تاريخي لمعرفة توجه تلك الجماعات أو منهجها في النهاية وأيًا كانت التفاصيل التاريخية.