هل تهاجم إسرائيل لبنان بسبب عمليات حزب الله؟.. خبراء لبنانيون يوضحون لـ"الدستور"
منذ إطلاق الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على غزة في أكتوبر الماضي، اشتبكت عناصر حزب الله اللبناني معه في الشمال، من خلال هجمات على عدد من المستوطنات، مشكلة جبهة ثانية مع أولى في الجنوب الفسطيني.
ردت إسرائيل على حزب الله مرات عدة، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحي من المدنيين في جنوب لبنان، وطالبت السلطات اللبنانية إسرائيل بوقف الهجوم والعدوان المستمر على الجنوب اللبناني.
ونرصد من خلال مجموعة من الخبراء والعسكريين اللبنانيين، في التقرير التالي، احتمالية أن تنفذ قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما علي لبنان والأراضي اللبنانية بسبب حزب الله.
وقال العميد المتقاعد إلياس حنا، الباحث المتخصص في الشئون العسكرية والاستراتيجية: حزب الله منذ اليوم الثاني لانطلاق طوفان الأقصى وهو شريك مع الفلسطينيين على الجبهة الجنوبية للبنان، مشيرا إلى أنه يعمل وفقا لمفهومين، الأول هو قواعد الاشتباك التي تم إرساؤها بعد عام 2006 حرب لبنان "إسرائيل وحزب الله"، والمفهوم الثاني هو مفهوم وحدة الساحات، أمين عام حزب الله تحدث وأوضح وظيفة هذه الجبهة بلبنان، وهي لتثبيت ومساندة حماس في غزة ومشاغلة العدو الإسرائيلي بالشمال، قائلا إن كل الاحتمالات مفتوحة ولكن ضمن قواعد الاشتباك، موضحا أن هذه القواعد توسعت كمًا ونوعًا وعمقًا، وتم استخدم أسلحة جديدة من الحزب، وعمليات العمق ازدادت حسب الحاجة.
وأضاف حنا، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التهديد الإسرائيلي موجود لهذه القضية الفلسطينية، ولبنان يتعاطى معها منذ 75 عاما، وإسرائيل تتعاطى معها ليس فقط مع الفلسطيني داخل فلسطين، ولكن نحن رأينا اجتياج إسرائيل عام 1982 ووصل إلى بيروت، إذن مع هذا التاريخ من التعاطي مع القضية من قبل العدو، ليس أمام الحزب إلا أن يكون هناك رد وجهوزية لخلق ما يسمى قوة الردع، خاصة أنه إذا تركنا العدو سيدخل إلى بيروت، وإسرائيل تهدد من 4 إلى 5 أشهر أنه إذا استمر حزب الله في القصف سيدخل إلى لبنان.
وأكد أن جيش الاحتلال لن يستطيع دخول لبنان أو شن حرب عليها في الوقت الحالي، لعدة أسباب، أولها: تعاظم قوة حزب الله أكثر بعشر مرات منذ 2006، ولذلك الاحتلال يعمل له حسابات كثيرة، ثانيها: عسكريا غير مستحب أن يقاتل جيش الاحتلال على أكثر من جبهة؛ غزة والضفة والجبهة الشمالية، وهذا يعني تقسيم جيش الاحتلال على أكثر من محور، وهذا يؤدي إلى خسارة، وهذا ما أثبته التاريخ، وخير مثال هتلر وما حدث معه عندما فتح جبهة داخل أوروبا.
وأوضح "حنا" أن جيش الاحتلال لديه خسائر كبيرة في صفوف الجنود بين قتلي وجرحى، ولكن لم يصرح عنها، وهناك أيضا تضارب واختلاف بين السلطة السياسية والسلطة العسكرية، وداخل السلطة السياسية نفسها بين متطرفين وبين ما يسمى المعتدلين، فكيف سيدخل أو يهاجم، هو يهدد ويشن هجمات وهذا لا تعني بدء الحرب، مشيرا إلى أن حزب الله يتابع بعمليات يومية، لكن ضرب مواقع مقابل ضرب مواقع، مبينًا أن الأمين العام لحزب الله أكد خلال آخر كلمة أن حزب الله سيبقى على الوعد بمساندة فلسطين، لكن هذه فرصة تاريخية حتى نحرر كامل أراضي لبنان، خاصة أن هناك العديد من أراضي لبنان محتلة من قبل العدو، فهذه فرصة تاريخية للتفاوض.
وأضاف أن حزب الله من اتجاه يضغط بالضرب ومن ناحية أخرى يرسل رسائل بأن هناك فرصة للتفاوض، متابعا: "سياسة العصا والجزرة، أوقفوا حرب غزة وتفضلوا للجلوس على طاولة التفاوض"، مشيرا إلى أن هناك 13 نقطة كانت موضع خلاف على الحدود اللبنانية، تم حل 7 نقاط منها، وهناك 6 نقاط أخرى بينها مزارع شبعا، وهذا ما يقوم به المبعوث الأمريكي للبنان، اموس هوكشتاين، ولكن النتائج ما زالت بعيدة ولم يصل إلى شيء إيجابي حتى الآن، خاصة أن حرب غزة لم تزل مستمرة، موضحا أن هذا الوضع الذي سيكون عليه لبنان حتى بعد انتهاء حرب غزة، مشيرا إلى أن هناك مساعي دبلوماسية بهذا الخصوص مفادها أن لبنان لا يدخل، والوصول إلى حل دبلوماسي أو سياسي بدون اللجوء إلى القوة الخشنة.
نعمة: لبنان لا يريد الحرب وهناك مَن ورّط لبنان بالحرب الحالية
من جانبه، قال عبدالله نعمة، الكاتب السياسي اللبناني: منذ بدء الحرب مع غزة وإسرائيل تهاجم جنوب لبنان من حوالي خمسة أشهر، ولبنان مغموس بالحرب دفاعا عن غزة والشعب الفلسطيني، في بداية الحرب كان لبنان يسجل موقفا في انخراطه في هذه الحرب، هذا ما فهمه الشعب اللبناني، وبعد تطور الأمور في منطقة الشرق الأوسط، تبين أن هناك مصالح لدول إقليمية ودول كبرى ومصالح استراتيجية وتحالفات، وحتى هناك شكوك من افتعال هذه الحرب التي هي تجارية وحرب مصالح، وإن كانت على حساب دم الشعب الفلسطيني.
وتابع نعمة، في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "لم نعد نعلم مَن مع مَن، والكل للأسف مستفيد لدرجة لم نعد قادرين أن ندافع حتى عن أنفسنا، لأن الشكوك أصبحت في بيوتنا وأرضنا ومقاومتنا، وحتى المقاومين لم يعد هناك قومية عربية، وما عرفناه وتعلمناه لأكثر من خمسين عاما للدفاع عن الأمة العربية أصبح اليوم كلاما يتطاير ولا صحة له".
وأضاف أنه بعد مرور خمسة أشهر من بداية الحرب وتهجير أكثر من ١٥٠ ألف مواطن لبناني ودمار أكثر من ٣٥٠٠ وحدة سكنية ودمار البنية التحتية للبنان واستشهاد حوالي ٥٠٠ لبناني من عناصر المقاومة ومن اللبنانيين في بيوتهم وقراهم التي لم تعد صالحة للسكن، وهناك خسائر بمليارات الدولارات منها في الاقتصاد والزراعة، وليس هناك تعليم، ونعود ونسأل: هل إسرائيل تريد توسيع الحرب على لبنان؟".
وأكد "نعمة" أن لبنان لا يريد الحرب، وهناك من يجر ويدخل لبنان في الحرب لمصالحه الشخصية، والمصالح الاستراتيجية للأسف في لبنان لم يعد هناك قادة سياسيون يعملون للبنان، وكلهم مرتبطون بالخارج في المصالح الاستراتيجية، وعلى مدار عامين ولبنان بدون رئيس جمهورية، والخماسية هي من تأتي بالرئيس، ولم يحن الوقت الآن للإتيان برئيس للجمهورية اللبنانية أو الجمهورية الخماسية، والسبب المصالح الاستراتيجية.
وشدد "نعمة" على أن لبنان تورط في هذه الحرب، مشيرا إلى أن حزب الله لم يعد قادرا على الانسحاب منها بعد ربط مصير لبنان بمصير غزة، رغم أن هناك ألف علامة استفهام على حرب غزة.