عقيدة السنوار
هناك من وصفه بأنه أهم «هدف» لإسرائيل، وأن اغتياله فقط هو ما سينهى الحرب على غزة.
يحيى السنوار.. هو الحجر القاسى الحالى فى غزة الذى وضعته إسرائيل أمام أعينها وتبذل كل جهدها لكسره، ولن تتخلى أبدًا عن رأسه.
فى الأيام الأخيرة، ازدادت التسريبات الإسرائيلية حول السنوار، فقالت تقارير إن السنوار لم يشارك فى صياغة النص النهائى لوثيقة الرد التى قدمتها حماس لإسرائيل، فيما كان يوجد بند مفاده بأنه «يتطلب موافقة من قيادة حماس فى غزة على الاتفاق». وقالت مصادر فى القطاع لقناة كان الإسرائيلية: «إسرائيل ضاعفت ضغوطاتها العسكرية على خان يونس بشكل كبير، من أجل تصعيب التواصل بين قيادة حماس فى الخارج والسنوار فى كل ما يتعلق بتلقى رد من حماس بشأن صفقة المختطفين».
ومرة أخرى، نشر الجيش الإسرائيلى فيديو للسنوار وهو يهرب مع زوجاته وشقيقته فى أحد الأنفاق، وفى المرة الأخيرة تسريب صورة لرجل شبه عارٍ يشبه السنوار وهو مقيد ومعصوب العينين فى أيدى القوات الإسرائيلية، لكن تلك المرة لم يكن هو، ولكن فقط جزء من الحرب النفسية التى بدأتها إسرائيل، ولهذا تم تسريب الصورة بشكل غير رسمى.
رغم هذا، إلا أن الكثير مما يحدث فى إسرائيل يستفيد منه السنوار، فعلى سبيل المثال، الاتهامات فى إسرائيل موجهة نحو نتنياهو بأنه «يُفشل» صفقة تبادل الأسرى من أجل بقائه السياسى، ولكن الحقيقة أن نتنياهو قال نعم لاقتراح باريس، والسنوار قال: «لا».
ومثلما سأل «بن درور يمين» فى مقاله: «عندما يقول يحيى السنوار (لا)، بعد أن قال نتنياهو (نعم) - والتظاهرات تتأجج ضد نتنياهو. هل سيدفع هذا بالسنوار إلى إبداء مواقف أكثر ليونة، أو يقول لنفسه إنه يجب علىّ الصمود أكثر؟ الإجابة واضحة».
الانقسام داخل إسرائيل، والاحتجاجات ضد نتنياهو وضغوط عائلات الرهائن، تفيد السنوار الذى كانت خطته أن يضغط على إسرائيل بالرهائن، ولكن الوضع الحالى منح له ما هو أكثر من ذلك.
السنوار لا يزال يضغط ويتلاعب من النفق، فهو يعلم أن الضغط الأمريكى مستمر، ويعلم أيضًا أن إسرائيل تريد دخول رفح، وأن هذا سيكون بمثابة مصيدة استراتيجية بسبب الأزمة الإنسانية التى لا يمكن منعها، فهو يريد لإسرائيل أن تدخل فى هذه المصيدة.
حتى لو الضغط العسكرى يرهق حماس، ويدمر بنيتها العسكرية، لكن السنوار ينظر من جهة أخرى، فعقيدته هى أنه كلما سقط قتلى فلسطينيون أكثر، وكلما انتشرت صور الدمار فى العالم- كان وضعه أفضل. ولو كان لا يفكر بهذه الطريقة لما أقدم منذ البداية على هجوم ٧ أكتوبر رغم معرفته بالنتائج والدمار الذى سيلحق بغزة.. هو يريد هذا.
هو يفكر استراتيجيًا، ويستهدف بشكل أساسى الإضرار بمكانة إسرائيل فى العالم، وتعطيل أى اتفاقات تطبيع مستقبلية.. هكذا يفكر السنوار.
إسرائيل تفهم عقيدة السنوار، لكن نتنياهو لم يختر قبول الهدن، وترك السنوار هو من يرفض المقترحات، لأن هذا كان من شأنه أن يعطى انطباعًا أن إسرائيل خضعت بالفعل للسنوار، نتنياهو اختار استراتيجية «المطرقة» التى تنجح عسكريًا، لكنها تضر بإسرائيل دوليًا.