إسرائيل وحزب الله.. استراتيجية المواجهة وتداعيات وقف إطلاق النار
ارتفعت خلال الأيام الأخيرة الماضية حدة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله في الجبهة الشمالية، وبينما لا تزال المواجهة "محدودة" بالمفهوم الاستراتيجي والعسكري إلا أنها لا تخلو من الاستراتيجية لتحقيق بعض الأهداف التكتيكية من قبل حزب الله، وإيران من جانب، وإسرائيل من جانب آخر.
استراتيجية حزب الله
يدير حزب الله التصعيد مع إسرائيل بـ"الميزان"، فكلما زادت إسرائيل من عملياتها العسكرية واستهدفت قيادات كبيرة في حماس، صعّد حزب الله أيضًا عملياته على الحدود الشمالية، لإلهاء واستنزاف إسرائيل على جبهتين في وقت واحد: "حماس" في الجنوب، حزب الله في الشمال.
وهدف حزب الله هو تقليل الضربات الإسرائيلية على حماس، عبر دفع القوات الإسرائيلية إلى التركيز على الشمال، وتمديد وقت الحرب في الجنوب.
وفي الوقت نفسه، يعمل حزب الله في الجانب السياسي، من خلال محاولات الوساطة الدولية (في الأساس أمريكية وفرنسية)، والتي أسفرت حتى الآن عن نتائج إيجابية بشكل متوسط.
استراتيجية إسرائيل
إسرائيل من جانبها، انتهزت فرصة التصعيد مع حزب الله لتحقيق الهدف الأهم لها وهو إبعاد ناشطي قوة الرضوان عن الحدود، لأن إسرائيل ترى فيهم تهديدًا.
من ناحية أخرى، فإن ما يؤرق إسرائيل أن التوتر على الجبهة الشمالية لا يزال يجبر السكان الإسرائيليين في البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود على ترك منازلهم.
استراتيجية إيران
كما يبدو أن إيران تتبع سياسة "توزيع الأدوار" أو "توزيع العمل" في كل محور، فحزب الله يشتبك مباشرة مع إسرائيل، والحوثيون والميليشيات الشيعية في العراق يتعاملون مع الحزام الأمني الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، بينما إيران لا تشتبك بشكل مباشر، الهدف واضح، وهو عدم السماح بالتدهور أو الخروج عن حدود حرب منخفضة القوة، وبذلك يسمح للتنظيمات، التي لا تنتمي إلى دول، بالعمل كجبهة واحدة مع "حماس"، وفي الوقت نفسه، هذا وضع من شأنه ألا يمنح ذريعة للولايات المتحدة وإسرائيل من أجل الدخول في حرب واسعة النطاق على عدة جبهات.
وقف إطلاق النار
من المتوقع أن تؤثر صفقة تحرير المختطفين ووقف إطلاق النار على استراتيجية حزب الله، ففي الأساس يقوم حزب الله بالتصعيد على الحدود لإثبات ما يسمى "وحدة الساحات"، وفي حال تم التوصل إلى اتفاق هدنة، فلا معنى لاستمرار القتال في الجبهة الشمالية، ومن المرجح أن التصعيد في الشمال سيتوقف.
ولكن إذا قامت إسرائيل باجتياح رفح، فمن المتوقع أن يتم فتح جبهة جديدة مع حزب الله (أكثر من التصعيد الحالي)، وربما يسبب ذلك بدء معركة مفتوحة على عدة جبهات بشكل حقيقي.
كما أن وقفًا لإطلاق النار في غزة يمكن أن يقدم لنصر الله الذريعة المناسبة لوقف معارضته القيام بخطوات سياسية ما دامت الحرب مستمرة، ويمكن أن تشكل الهدنة فرصة أيضًا للدفع قدمًا بمفاوضات بشأن ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان.
وسيكون لوقف إطلاق النار أيضًا التأثير على الحوثيين، الذين تسببوا بالضرر الاستراتيجي الأكبر، كما سيساعد على استكمال المفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن.