البنك الدولي: تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي بحلول 2024
توقع التقرير الأخير للبنك الدولي أن يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024، حيث ستكون هذه الزيادة الأبطأ والأدنى خلال 5 سنوات وعلى مدى 30 عاماً، مما يدعو للقلق.
توقعات 2024 بالأرقام
وفيما يخص شرق آسيا والمحيط الهادي قال التقرير: “من المتوقع أن يرتفع النمو إلى 5.5% في عام 2023 ثم ينخفض إلى 4.6% في عام 2024، وفى أوروبا وآسيا الوسطى من المتوقع أن يسجل النمو ارتفاعًا طفيفًا ليصل إلى 1.4% في 2023 قبل أن يرتفع إلى 2.7% في 2024. وفى أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي: من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.5% في 2023 قبل أن يتعافى ليسجل 2% في 2024”.
وأضاف التقرير: “بالنسبة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 2.2% في 2023 قبل أن ينتعش ليحقق 3.3% في 2024 وبجنوب آسيا من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 5.9% في 2023 وبعدها إلى 5.1% في 2024 وبأفريقيا جنوب الصحراء من المتوقع أن يتراجع النمو إلى 3.2% في عام 2023 ثم يرتفع إلى 3.9% في عام 2024”.
البلدان النامية والمصدرة للسلع الأولية
ويحدد أحدث إصدار من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية أيضا ما يمكن أن يفعله ثلثا البلدان النامية - وخاصة البلدان المصدرة للسلع الأولية - لتجنب دورات الانتعاش والكساد. ويخلص التقرير إلى أن الحكومات في هذه البلدان غالبا ما تعتمد سياسات مالية عامة تزيد من حدة نوبات الانتعاش والكساد. فعندما تؤدي الزيادة في أسعار السلع الأولية إلى زيادة معدلات النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة، على سبيل المثال، تقوم الحكومات بزيادة الإنفاق بطرق تعزز معدلات النمو بمقدار 0.2 نقطة مئوية إضافية. وبوجه عام، في أوقات اليسر، تتجه سياسة المالية العامة إلى زيادة النشاط الاقتصادي بأكثر من اللازم. وفي أوقات الشدة، تعمل على زيادة حالة الركود. وهذه "المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية" أشدة قوة بنسبة 30% في الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى. وجرت العادة أن تكون سياسات المالية العامة أكثر تقلبا في هذه الاقتصادات بنسبة 40% مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى.
ويؤدي عدم الاستقرار المرتبط بزيادة معدل المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية وتقلبات سياسات المالية العامة إلى معوقات مزمنة في آفاق النمو في الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية. ومن الممكن الحد من هذه المعوقات بتطبيق إطار مالية عامة يساعد على ضبط الإنفاق الحكومي، واعتماد أنظمة مرنة لسعر الصرف، وتجنب القيود على حركة رأس المال الدولي. وفي المتوسط، يمكن لهذه التدابير على صعيد السياسات أن تساعد البلدان النامية المصدرة للسلع الأولية على زيادة نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة كل 4 أو 5 سنوات. ويمكن أن تستفيد البلدان من إنشاء صناديق الثروات السيادية وغيرها من احتياطيات الأيام العصيبة التي يمكن تعميمها بوتيرة سريعة في حالات الطوارئ.
نمو ضعيف وتحديات متعددة
من المتوقع أن يشهد النمو العالمي مزيدا من التباطؤ هذا العام في ظل تشديد السياسات النقدية، وتقييد الأوضاع المالية، وضعف التجارة والاستثمارات على مستوى العالم. وتشمل مخاطر التطورات السلبية تصاعد الصراع الأخير في الشرق الأوسط، والضغوط المالية، واستمرار موجات التضخم، وتفتت النظام التجاري، والكوارث المرتبطة بالمناخ. ومن الضروري التعاون وتضافر الجهود على مستوى العالم لتخفيف أعباء الديون، وتسهيل التكامل التجاري، والتصدي لتغير المناخ، وتخفيف حدة انعدام الأمن الغذائي. وعلى مستوى بلدان اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، لا تزال البلدان المصدرة للسلع الأولية تعاني من سياسات المالية العامة المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية، فضلا عن التقلبات المرتبطة بذلك. وفي جميع بلدان اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، تعد سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية الملائمة، والمؤسسات التي تعمل على نحو جيد غاية في الأهمية للمساعدة في تعزيز الاستثمارات والآفاق الاقتصادية طويلة الأجل.
التوقعات العالمية
من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي ليصل إلى 2.4% في عام 2024، وهو العام الثالث على التوالي من التباطؤ. كما من المتوقع أن تؤدي السياسات النقدية المتشددة، والشروط المقيدة للقروض والتسهيلات الائتمانية، وضعف التجارة والاستثمارات على مستوى العالم إلى إحداث آثار سلبية على النمو. وقد أدى الصراع الأخير في الشرق الأوسط إلى اشتداد المخاطر الجيوسياسية. والتعاون العالمي غاية في الأهمية لمعالجة مشكلات ارتفاع الديون، وتغير المناخ، وتفتت النظام التجاري، وانعدام الأمن الغذائي، والصراع. وفي مختلف بلدان اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، تبرز محدودية الحيز المتاح في المالية العامة ضرورة تحسين كفاءة الإنفاق. ومن الضروري أيضا اتخاذ إجراءات حاسمة على مستوى السياسات لتشجيع وتسريع وتيرة الاستثمار على نحو مستدام.
التوقعات الإقليمية
تتفاوت آفاق النمو في المناطق التي تضم بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في مواجهة مجموعة من التيارات العالمية والمحلية. ومن المتوقع أن يتراجع النمو هذا العام في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ (ويرجع ذلك أساسا إلى تباطؤ النمو في الصين)، ومنطقة أوروبا وآسيا الوسطى، ومنطقة جنوب آسيا، لكنه سيرتفع بدرجات متفاوتة في مناطق أخرى. وفي العام القادم، من المتوقع أن ينتعش النمو في معظم المناطق مع استمرار تعافي الاقتصاد العالمي. وتشمل مخاطر التطورات السلبية التي تهدد الآفاق المستقبلية لجميع المناطق تصاعد وتيرة الصراعات، وزيادة التقلبات في أسعار الطاقة والغذاء، وضعف الطلب الخارجي، وتشديد الأوضاع المالية، والكوارث الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ.