أم سلمة بنت زاد الراكب مستشارة الرسول في صلح الحديبية
أم سلمة هى إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين وهى أول إمراة هاجرت الى الحبشة.
أم سلمة هي هند بنت أبي أمية المخزومية، بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل.
لقب أبيها بـ “زاد الراكب”، حيث كان من أجود رجال العرب، وكان يكفي كل من يسافر معه المؤن ويغنيه.
ولِدت في مكة قبل البعثة بنحو 17 سنة، وكانت من أجمل النسـاء وأشرفهن نسبًا، وكان عمرها تقريبًا 35 سنة عندما تزوّجها النبي الكريم سنة أربع للهجرة.
كانت أم سلمة وزوجها أبو سلمة من السابقين إلى الإسلام، ولما رأى النبي ما يصيب أصحابه من أذى زعماء قريش لهم، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة فهاجرت أم سلمة مع زوجها إلى الحبشة. وأنجبت أم سلمة ولدها سلمة.
عادت أم سلمة وزوجها إلى مكة بعد أن بلغ المسلمين في الحبشة إسلام أهل مكة، لكنهم وجدوا مكة على ما هي عليه، وأنّ ما بلغهم من إسلام أهل مكة كان باطلًا، فدخل أبو سلمة وزوجه أم سلمة في جوار خاله أبي طالب. وبقي أبو سلمة وزوجته في مكة، حتى مات أبو طالب.
بموت أبي طالب عم الرسول نال المشركون من النبي وأتباعه مالم ينالوه في حياته فامرهم الرسول بالهجرة الي يثرب فهاجر ابو سلمة ولحقته زوجته ام سلمة بعد ذلك.
شارك أبو سلمة في الغزوات وشهد أبو سلمة غزوة أحد، وأصيب بسهم، واعتقد في البداية أن الجرح قد التأم لكن الجرح اشتد عليه وأصيب بالمرض وظلت أم سلمة بجواره تمرضه إلى أن توفاه الله، وقد قال لها عند وفاته: (اللهم اخلفني في أهلي بخير) فأخلفه الله تعالى رسوله –صلى الله عليه وسلم– ولم يكن لأم سلمة في المدينة بعد وفاة زوجها أحد من ذويها غير صبيةٍ صغارٍ، فحزن المسلمون.
وقد سميت أم سلمة بهذا الاسم لأن أكبر أبنائها اسمه سلمة، حيث إنها بعد أن تزوجت عبد الله بن عبد الأسد المخزومي أنجبت منه ثلاثة أبناء أكبرهم سلمة ثم عمرو وزينب.
بعد أن انقضت عدة أم سلمة خطبها الرسول – صلى الله عليه وسلم – وروى عن ابن سعد عن أم سلمة عندما خطبها الرسول – صلى الله عليه وسلم – قالت لمن جاء ليخطبها: "لما خطبني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قلت إني في خلال لا ينبغي لي أن أتزوج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأني امرأة مسنة، وإني أم أيتام، وإني شديدة الغيرة" قالت فأرسل لي رسول الله – صل الله عليه وسلم -، أما قولك إنك امراة مسنة فأنا أسن منك ولا يعاب على المرأة أن تتزوج أسن منها أما قولك إني أم أيتام فإن كلهم على الله وعلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأما قولك إني شديدة الغيرة فإني أدعو الله أن يذهب ذلك عنك، قالت: "فتزوجني رسول الله فأدخلني بيت زينب بنت خزيمة أم المساكين بعد أن ماتت".
ذكرت عائشة أنّ النبي كان إذا صلّى العصر دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة لأنها أكبرهن، ويختم بعائشة.
كان الوحي وبعض الآيات تنزل على الرسول في بيت أم سلمة فيروى الإمام أحمد أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان في بيت أم سلمة فأتت إليه ابنته فاطمة فقال أدع زوجك وابنيك فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا وجلسوا بجوار الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقالت أم سلمة وأنا أصلي في الحجرة أنزل الله آية "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا"
وأخذ الرسول – صل الله عليه وسلم – فضل الكساء فغشاهم به، ثم قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – "اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" وقالت أم سلمة للرسول – صلى الله عليه وسلم – وأنا معكم يا رسول الله، قال: "إنك إلى خير، إنك إلى خير".
لقد كانت أم سلمة لها عقل ناضج ورأي صائب، فقد روى البخاري في صحيحه وقد ظهر ذلك جليًا يوم صلح الحديبية الذي حدث بين الرسول – صل الله عليه وسلم – وكفار قريش في العام السادس للهجرة في عام 627م حينما توجه الرسول ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين لأداء العمرة، وكان معه زوجاته كلهم ومنهم أم سلمة وقد رفض كفار قريش دخول المسلمين لأداء العمرة وذلك إثر عقد هدنة الحديبية.
وكان الاتفاق ألا يقوم المسلمون بأداء العمرة هذا العام ولكنهم سوف يقومون بأداء العمرة في العام القادم، وبعد توقيع عقد الهدنة أو صلح الحديبية فترددوا فقال الرسول – صل الله عليه وسلم – لأصحابه: "أنحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم وقالوا كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بالصفا والمروة" غضب الرسول – صل الله عليه وسلم – منهم واشتكى لزوجته أم سلمة فألهم الله أم سلمة -رضي الله عنها- لتنقذ الموقف فقالت: (يا نبي الله، أتُحبُّ ذلك؟) -أي يطيعك الصحابة– فأومأ لها بنعم، فقالت: (اخرج ثم لا تكلّمْ أحدًا منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعو حالِقكَ فيحلقُكَ).
خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يُكلّم أحدًا، ونحر بُدْنَهُ، ودعا حالِقَهُ فحلقه وفعل الرسول – صل الله عليه وسلم – ما قالته أم سلمة فحلق ونحر وإذا بالمسلمين يفعلون مثلما فعل الرسول – صل الله عليه وسلم –فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وفاة أم سلمة
كانت أم سلمة -رضي الله عنها- آخر من مات من أمهات المؤمنين، فتوفيت سنة إحدى وستين من الهجرة، وعاشت نحو تسعين سنة.