زمن الإنفلونسرز.. كنزى مدبولى الأكثر إثارة للجدل في معرض الكتاب 2024
أثارت «الإنفلونسرز» كنزى مدبولى حالة جدل واضحة، خلال مشاركتها فى النسخة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، برواية جديدة تحمل عنوان: «فرصة من دهب»، صادرة عن دار نشر «همزة».
مَرد هذه الحالة من الجَدل ما تضمنه الكتاب من محتوى، وصفه البعض بـ«الردىء»، مستدلين على ذلك بعبارة كتبتها على غلاف الكتاب، قالت فيها: «لكى تجد نفسك يجب عليك أن تفقدها أولًا».
لكن فى المقابل، جذب الكتاب عددًا كبيرًا من متابعى «مُؤثرة التواصل الاجتماعى»، الذين تزاحموا على حفل التوقيع الذى أقامته الدار لـ«الكاتبة»، لدرجة حدوث تدافع بينهم، وفقًا لما نقلته صور ومقاطع فيديو متداولة من معرض الكتاب.
ولم تكن «كنزى» أول «إنفلونسرز» يثير هذه الحالة من الجدل فى معرض القاهرة للكتاب، فقد سبقها إلى ساحة الكتابة اثنان من «اليوتيوبرز»، هما: على غزلان وزاب ثروت، اللذان صدرت لهما أعمال سابقة فى المعرض، وحظيت بإقبال جماهيرى كبير.
كنزى مدبولى تبلغ من العمر ٢٥ عامًا، تخرجت فى كلية الإعلام بالأكاديمية العربية للنقل والتكنولوجيا، بدأت حياتها المهنية على صفحات التواصل الاجتماعى، من خلال تقديم «محتوى تمثيلى» مع عائلتها.
مع الوقت أصبحت تمتلك قاعدة جماهيرية عريضة بسبب هذا المحتوى، الذى بادرت بتغييره بعد خِطبتها، فأصبحت تقدم محتوى آخر يدور حول المرتبطين، وعُرفت بين جمهورها بعبارة «بنات خالتى»، التى تخاطب بها متابعيها من الفتيات، وصولًا إلى إصدار الرواية سالفة الذكر، التى تدور فكرتها الرئيسية حول «أهمية الأهل وتأثيرهم على حياة أبنائهم بالسلب»، وكذلك «الماضى وضرورة ألا يقيدنا فى شىء»، وفق ما قالته.
«بجد بجد زعلانة.. استنتها كتير، وجيالها من الغردقة، وهى فى الآخر مشيت».. تعليق صدر عن واحدة من جمهور كنزى مدبولى، ويوضح مدى تأثيرها على «متابعيها»، لكن على الجهة الأخرى، واجهت «الإنفلونسرز» انتقادات عديدة من متابعين للشأن الثقافى، اعتبروا روايتها «تعبيرًا عن المستوى المنحدر للثقافة».
ورأى الدكتور أسامة أبوطالب، أستاذ الدراما والنقد بأكاديمية الفنون، أن الوسط الثقافى يعانى أزمة حقيقية، معتبرًا أن جمهور القراء من رواد مواقع التواصل الاجتماعى ليس بالنضج الكافى، ولا يسعى بالدرجة الأولى للكتاب.
وأضاف «أبوطالب»: «جزء من إنتاج (اليوتيوبرز) و(الإنفلونسرز) مُتاح بشكل إلكترونى، ما يجذب إليه الجمهور، لكونه متوافرًا ورخيصًا، وقد يصاحبه عناوين غير تقليدية ومبتكرة، وقد تكون سلبية».
واعتبر أن هذه النوعية من الطرح تلائم ما يمكن أن نسميه بـ«القارئ الكسول»، الذى لا يكون الكتاب من اهتماماته بصورة كبيرة، مضيفًا: «هذه السهولة والانسياب والانفلات والتسرب عبر الميديا أوجدت مستوى هابطًا إلى حد كبير من الكُتاب».
وواصل: «المسألة كلها تتعلق بثقافة المواطن، ولو المدرسة كانت تربى مَلكة الاطلاع الحقيقى الجاد عند الطلاب، لم نكن لنرى مثل هذه المشكلات»، منتقدًا فى الوقت ذاته غياب النقد، لأن النقد هو مرآة الكاتب ودليل القارئ، وفى غياب النقد والنقاد الحقيقيين المتمكنين، يحدث رواج لما سماه بـ«السلعة الفاسدة».
من جهته، رأى الكاتب والشاعر الدكتور محمد السيد إسماعيل أن الأمر يتجاوز بكثير حدود هذه الحالات، إذ يمكن وصف الأمر بالظاهرة التى لها آثارها السلبية على الأدب، الذى أصبح بمثابة سلعة تقاس أهميتها بدرجة الانتشار والتوزيع، الأمر الذى أدى إلى تخلى عدد من دور النشر عن الدور المنوط بها فى تقديم منتج ثقافى هادف، فقد بدأ المشهد الثقافى العربى يعانى رفض نشر الشعر، وتسيُّد أجناس إبداعية أخرى، والسبب يرجع إلى الجوائز الإبداعية التى ساهمت بشكل كبير فى تسيد الرواية.
وقال: «ثمة جانب آخر علينا دراسته، وهو النظر إلى الثقافة بأنها سلعة، وتسليعها وجعلها مجرد أداة هدفها الانتشار والتوزيع».