الهروب من جحيم إسرائيل.. الجميع يرحل وتوقف كامل للأعمال وتصاعد مخاوف انتشار الصراع
في خضم الحرب والعداون الإسرائيلي على قطاع غزة، تواجه إسرائيل تهديدًا آخر في الداخل، يتمثل في زيادة الهجرة العكسية من إسرائيل بصورة قد تهدد الأمن القومي الإسرائيلي وفكرة الدولة القائمة على الوجود اليهودي.
وحاولت الحكومة الإسرائيلية الترويج لأن الهجرة لإسرائيل مستمرة بالرغم من تداعيات الحرب، ولكن يبدو أن البيانات تكشف خلاف ذلك، وبسبب الهجرة من إسرائيل ورفض العمالة الأجنبية العمل، تحولت مساحات شاسعة من المزارع الإسرائيلية لما يشبه موطن الخضروات والفواكه المتعفنة التي تفوح رائحتها في الجو، بعد فشل الجهود الإسرائيلية في تعويض خسارة قرابة 30 ألف عامل تايلاندي وأكثر من 20 ألف عامل فلسطيني، بالإضافة إلى نزوح قرابة مليون إسرائيلي من المنطقة الحدودية مع لبنان في بداية الحرب ورفضهم العودة، ليتركوا المزارع في هذه المنطقة الشمالية من الأراضي المحتلة خالية.
الهجرة العكسية تربك إسرائيل
كشفت البيانات الصادرة عن هيئة السكان والهجرة الإسرائيلية، أن ما يقرب من نصف مليون شخص فروا من إسرائيل منذ عملية طوفات الأقصى، وفقًا لما نشرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وأفادت الصحيفة بأن قرابة 470 ألف إسرائيلي غادروا منذ بداية الحرب، وليس من الواضح ما إذا كانوا سيعودون أم لا، حيث تشير البيانات أيضًا إلى انخفاض كبير، حوالي 70%، في عدد اليهود المهاجرين إلى إسرائيل، وفي نوفمبر الماضي، وصل 2000 مهاجر يهودي إلى إسرائيل مقارنة بـ 4500 مهاجر شهريا منذ بداية العام.
وتابعت أنه في يوم عملية فيضان الأقصى، هرع المئات إلى المطارات في جميع أنحاء إسرائيل في موجة هروب، وقبل اندلاع الحرب في غزة، ارتفع عدد الإسرائيليين المتقدمين للحصول على جوازات سفر أجنبية بسبب الاستياء الواسع النطاق من خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للإصلاح القضائي، والتي اعتبرها الإسرائيليون العلمانيون تهديدا لديمقراطيتهم.
وأضافت الصحيفة أن الخوف الإسرائيلي القديم عاد مرة أخرى، من أن الاضطرابات الداخلية وتصاعد الحروب سيؤدي إلى الهجرة العكسية ونزوح جماعي لليهود إلى أجزاء أخرى من العالم "على عكس الهجرة الجماعية في أوائل القرن العشرين، والتي أدت إلى هجرة جماعية لليهود من معظم أنحاء العالم لتكوين دولة لهم عام 1948".
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ بداية الحرب، وافق 80% من الإسرائيليين على أن نتنياهو يجب أن يتحمل المسئولية العامة عن الإخفاقات الاستخباراتية والأمنية التي أدت إلى نجاح عملية حماس، حسبما أظهر استطلاع أجرته صحيفة معاريف في أكتوبر، كما أشار استطلاع للرأي صدر في أبريل إلى أن غالبية الإسرائيليين كانوا خائفين من مستقبل دولة إسرائيل.
وأضافت أنه منذ 7 أكتوبر، اتخذت الأمور منحى أكثر قتامة، حيث دمرت الحرب الاقتصاد الإسرائيلي، وكشفت البيانات الواردة من مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن واحدة من كل ثلاث شركات أغلقت أبوابها أو تعمل بطاقة 20 بالمائة.
وتابعت الصحيفة الإسرائيلية أن أكثر من نصف الشركات لديها خسائر في الإيرادات تجاوزت الـ 50 بالمائة، وتتحمل المناطق الجنوبية، الأقرب إلى غزة، العبء الأكبر، حيث أن ثلثي الشركات إما مغلقة أو تعمل "بالحد الأدنى" حتى يومنا هذا.
وأضافت أن ما يزيد من الأزمة أن وزارة العمل الإسرائيلية تفيد بأن 764 ألف مواطن، أي ما يقرب من خمس القوى العاملة في إسرائيل، عاطلون عن العمل بسبب عمليات الإخلاء، وإغلاق المدارس التي تتطلب مسؤوليات رعاية الأطفال، أو الاستدعاء للخدمة الاحتياطية.
بينما كشف موقع "زيمان" الإسرائيلي، أن بيانات الهجرة التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية بشأن هجرة 300 ألف شخص إلى إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى مضللة، حيث كشفت البيانات أن هؤلاء إسرائيليون كانوا في عطلة وعادوا لوطنهم مرة أخرى.
وتابع أن بيانات السفر كشفت أن قرابة 600 ألف شخص كانوا يقضون العطلة الصيفية في الخارج، ولم يعد منهم سوى 301 ألف شخص فقط.
وأضاف أن العدد الحقيقي للمغادرين من إسرائيل بلغ حوالي 370 ألفًا، ومعهم 970 ألفا من المسافرين، ومع طرح عدد الإسرائيليين الذين عادوا لوطنهم بعد اشتعال الحرب، يتبين أن المغادرين كانوا أكبر من العائدين بنحو 470 ألف شخص.
وأشار الموقع إلى أن صافي الهجرة السلبية من إسرائيل بلغ نصف مليون شخص ولا تشمل هذه الإحصائيات آلاف العمال الأجانب واللاجئين والدبلوماسيين الذين غادروا البلاد، ولم يُعرف بعد كم من الحشود التي غادرت البلاد ولم تعد من إجازة العيد غادرت بشكل دائم، وكم عددها بشكل مؤقت.
وأوضح أن الحرب لم توقف الهجرة إلى إسرائيل، لكنها قللت منها بشكل كبير، فمنذ 7 أكتوبر، وصل إلى إسرائيل حوالي 2000 مهاجر فقط، مقارنة بحوالي 4500 في المتوسط شهريا قبل الحرب.