2023 عام الحرب والكوارث الطبيعية والتهديد المناخي بالشرق الأوسط
أيام قليلة وينقضي "عام 2023 الحزين"؛ بعد أن شهد العديد من الأحداث المأسوية، من صراع وحرب وزلازال وفيضانات، خلفت الآلاف من الضحايا وتركت دمارًا مهولًا على الأرض؛ إذ بدأ بالزلزال المدمر بسوريا وتركيا لينتهي بالحرب الاسرائيلية الهمجية على قطاع غزة، فضلًا عن اعتباره الأكثر سخونة منذ آلاف السنين نظرًا لاستمرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتفاقم ظاهرة تغير المناخ.
وقد كان لمنطقة الشرق الأوسط، النصيب الأكبر من المصائب التي شهدتها الأرض في عام 2023، ففي فبراير، تعرضت المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا لزلزالين عنيفين بلغت شدتهما 7.8 درجات و7.5 درجات على مقياس ريختر، ما أودى بحياة ما لا يقل عن 55 ألف قتيل بخلاف الدمار الكبير الذي لحق بعدة مدن وأدى إلى نزوح وتشريد سكان المناطق المتضررة.
وفي غرب المنطقة العربية بشمال أفريقيا، اهتزت المغرب، في سبتمبر، بزلزال بلغت قوته 6.8 درجة على مقياس ريختر، راح ضحيته 2900 شخصًا، ودُمرت مناطق عدة بالبلاد واُلحق الضرر بالعديد من المواقع الأثرية والتاريخية القيّمة التي تزخر بها مدن الممملكة، ويرجع بعضها إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
وبعد يومين فقط من كارثة زلزال المغرب، ضرب الجار الليبي إعصار "دانيال" مصحوبًا برياح قوية وأمطار غزيرة أدت إلى فيضانات هائلة وانهارت السدود والبنية التحتية لاسيما بمدينتي درنا والبيضاء، في مشهد دمار غير مسبوق بالبلاد، حصد نحو ٤ آلاف قتيل علاوة على عشرات الآلاف من المفقودين الذي يُعتقد أن مياه الفيضانات قد جرفتهم إلى البحر.
العام الأكثر سخونة على الأرض منذ نحو 125 ألف سنة
وبخلاف الكوارث الطبيعية، فقد كان لنشاط الإنسان على الأرض لاسيما بالدول الصناعية بالغ الأثر في استمرار تهديد ظاهرة تغير المناخ للشرق الأوسط، تلك المنطقة التي من المتوقع أن تؤدي درجات الحرارة المتزايدة فيها إلى المزيد من الجفاف الحاد بها؛ حيث شهد العالم في 2023 موجة حر قاسية، وارتفاع درجة حرارة الأرض لمستوى قياسي في عدة مناطق بالعالم ليصبح هذا العام الأكثر سخونة على الأرض منذ نحو 125 ألف سنة، الأمر الذي أدى إلى توحش الظواهر الطبيعية وحدوث الإعصار والفيضانات وحرائق الغابات الضخمة مثل تلك التي شهدتها الجزائر في يوليو بعد أن وصلت درجات الحرارة إلى نحو 48 درجة مئوية، ما تسبب في وفاة 34 شخصًا وإجلاء سكان المناطق المهددة.
وقد كان العام 2023 على موعد مع انفجار مزيد من الأزمات بالشرق الأوسط، ففي شهر ابريل، اشتعلت السودان بصراع عسكري بين الجيش السوداني ومجموعة مسلحة تعرف باسم "قوات الدعم السريع"، ما أودى بحياة نحو 12 ألف شخصًا بجانب تشريد ونزوح الملايين داخل وخارج البلاد، علاوة على أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق وهبوط حاد في الاقتصاد الوطني.
طوفان الأقصى
وقبل أن يطوي عام 2023 صفحاته، انفجر في السابع من أكتوبر"الصراع ذات ال٧٥ عامًا"، بحرب إسرائيلية مسعورة ردًا على العملية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية والمعروفة باسم "طوفان الأقصى"؛ إذ عبرت عناصر من المقاومة الجدار العازل بين قطاع غزة وإسرائيل وهاجمت المستوطنات بعد انسداد آفاق الحل السياسي للقضية الفلسطينية، لتستغل الحكومة الاسرائيلية المتطرفة تلك الأحداث في تنفيذ مخطط تفريغ أرض فلسطين التاريخية من سكانها عبر الإبادة والتهجير، عبر شن حرب هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. وفي غضون نحو شهرين فقط، خلف القصف الاسرائيلي العشوائي على قطاع غزة ما يزيد عن 18 ألف قتيل من المدنيين، وتساوت المباني والمنشآت بالأرض، وتسببت مشاهد قتل الأطفال في صدمة شعوب العالم خاصة بعد فشل مجلس الأمن المعني بصون السلم والأمن الدوليين في وقف النار وحماية الأبرياء.
الحرب الاسرائيلية تحصد أرواح الفلسطينيين
ومع اقتراب إسدال الستار على العام 2023، لاتزال الحرب الاسرائيلية تحصد أرواح الفلسطينيين مع تزايد المعاناة الإنسانية لأهل القطاع المحاصر والذي يعيش تحت النيران بلا مأوى ويعاني الجوع والعطش والبرد وانتشار الأوبئة، وذلك وسط تحذيرات من دخول أطراف أخرى إلى حلبة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ما يهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط.
وبالصراع العسكري في السودان والحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، فقد أضاف عام 2023 أزمات جديدة إلى منطقة الشرق الأوسط، بجانب تلك التي ورثها من الأعوام السابقة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وليبيا، وكذا تداعيات وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وآثارها على نقص إمدادات الغذاء والطاقة بالعالم وما نتج عنها من ارتفاع أسعار وأزمة اقتصادية خانقة ألقت بظلالها على دول المنطقة.
ووسط كل تلك الكوارث والصراعات، يبدأ عام جديد حاملًا معه كل الآمال في إنهاء أزمات الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، كي تنعم المنطقة بالأمن والأمان ويتحقق السلام المنشود وتتفرغ البلدان العربية إلى التنمية المستدامة التي تتطلع إليها دول وشعوب المنطقة.