محمد صالح رجب: الحروب والكتابة الإبداعية ذا أثر متبادل
تحدث الكاتب محمد صالح رجب، في تصريحات خاصة لـ“الدستور”، حول أثر حرب غزة والقضية الفلسطينية على الأدب، مؤكدا على أن الكتابة عن فلسطين قديمة متجددة.
الأدب الفلسطيني ليس حكرا على كتاب فلسطين
استهل محمد صالح رجب، حديثه للدستور مشيرا إلي: في العام 1009 م هدم الحاكم بأمر الله كنيسة القيامة فكانت الحملات الصليبية على المنطقة والهدف كان القدس، وفي العام 1948 كانت النكبة وكانت إسرائيل التي زُرِعت في الجسد العربي على الأرض الفلسطينية؛ فلسطين محط الأنظار قديما ولا تزال.
والكتابة عن فلسطين قديمة متجددة، والأدب الفلسطيني ليس حكرا على كتاب فلسطين، فأهمية فلسطين بما تحويه من مقدسات تخطت فلسطين الى أصحاب الديانات السماوية الثلاث، ناهيك عن أن استمرار الصراع منذ العام 1948 خلق قصصا إنسانية هائلة وباتت القضية الفلسطينية قضية ضمير إنساني، وأصبح الصراع العربي الإسرائيلي حول فلسطين مادة خصبة للكتابة الإبداعية بشكل عام ورافدا من روافد أدب المقاومة على وجه الخصوص.
ولفت محمد صالح رجب إلي أن: تَنَاول الكتاب القضية الفلسطينية كل حسب رؤيته وتأثره بها، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، محمد سلماوي في "الخرز الملون"، ورضوى عاشور في "الطنطورية "، ومريد البرغوثي في " رأيت رام الله" وّ " ولدت هناك، ولدت هنا"، وإبراهيم نصر الله في العديد من أعماله، وغسان كنفاني.
ومع كل موجة عنف وتحت وقع الأحداث والدماء التي تنزف، والمآسي والدمار الذي يَحِل تتولد عفويا لدى الكتاب والأدباء رغبة ملحة في الكتابة، بعضها تعاطفا والبعض الآخر توثيقا لأحداث بعينها وخدمة لمواقف سياسية معينه. وأظن أن تلك الكتابات الآنية المتعجلة المصاحبة للأحداث أو القريبة منها عادة ما تكون متأثرة بها، انفعالية، تفتقد لكثير من الموضوعية ومعايير الإبداع الأدبي، وهي كما ذكرنا إما تأثرا بالأحداث تحركها العاطفة، أو للتأثير في الأحداث وخدمة لموقف سياسي أو أيدولوجية معينه، وهذا ما أتوقع أن نشهده قريبا فيما يتعلق بموجة العنف الأخيرة على غزة والتي تعد الأعنف في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي منذ حرب أكتوبر 1973.
واستدرك محمد صالح رجب: لكن على مدى أبعد سنشهد كتابات أدبية عن تلك الحرب، صحيح أنها لن تكون بكثافة ما نتوقعه من كتابات قريبة منتظرة إلا إنها في ظني ستكون أكثر جودة وموضوعية، تلتزم بمعاير الأدب، وتضيف للكتابة الأدبية وتكون أكثر جدوى وخدمة للقضية وأكثر تأثيرا في المتلقي من الكتابات المتعجلة التي يبقى أثرها آنيا محدودا. وحين أقول أكثر جدوى وخدمة للقضية فذلك لكونها ـ على الأقل ـ ستتناول في جانب منها سلبيات يعد التطرق اليها أثناء المعركة خيانة.
واختتم محمد صالح رجب مؤكدا علي: أثر الحرب الأخيرة على غزة في ظني لن يضيف موضوعات جديدة، فجرائم العدو مستمرة لم تتوقف ومن ثم فالموضوعات هي ذاتها، والتي أغلبها يتمحور حول تأكيد الهوية، والأرض، وعدالة القضية، واستمرار المقاومة رغم التضحيات، والمعاناة بصورها المختلفة. لكن الحرب الأخيرة وكما هو الحال مع كل موجه عنف ستؤكد على تلك الموضوعات وستضيف عمقا وأبعادا أخرى لها وتكشف المزيد عن وجه الاحتلال القبيح.
وما أود التأكيد عليه أن الحروب والكتابة الإبداعية ذا أثر متبادل، فإذا كانت الحروب تخلق آفاقا جديدة للكتابة الإبداعية فان المقاتلين أنفسهم يستلهمون من الأعمال الابداعية البطولة والتضحية والصبر وتلهب حماستهم القصائد.